إنَّ أجلَّ المقاصدِ القُرْبُ من اللهِ ونيلِ رِضَاه، فينبغي لكَ إذن أن تتعرَّفَ على الأوقاتِ التي تُفْتَحُ فيها أبوابُ السماواتِ لتغتنمها بالأعمالِ الصالحاتِ، لِتَزْدادَ في القُربِ مِن اللهِ.
وأبوابُ السماءِ تُفتحُ حقيقةً، قال الْمُظْهِرِي: (فُتحت أبوابُ السماء؛ يعني: إذا دخل الوقتُ الشريفُ فُتحت أبوابُ السماءِ وأبوابُ الجنةِ؛ لتنزلَ الرحمةُ على مَن عظَّم الوقتَ الشريفَ، ولِتَصِلَ طاعةُ مَن عظَّم هذا الوقتَ بالأعمال الصالحة واجتناب المعاصي إلى محلِّ الكرامة) انتهى.
عبادَ الله: من الأوقات التي تُفتَحُ فيها أبواب السماء: أوقاتٌ تتعلَّق بقولكَ أو فعلكَ أو رُوحك، وهي ستةُ أوقات:
أولاً: عندَ قولِكَ لا إله إلا الله: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: (ما قالَ عبدٌ لا إلهَ إلا اللهُ قَطُّ مُخْلِصاً، إلا فُتِحَتْ لهُ أبوابُ السَّمَاءِ، حتى تُفْضِيَ إلى العَرْشِ، ما اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ) رواه الترمذيُّ وقال: (حَسَنٌ غريبٌ من هذا الوَجْهِ)، وحسَّنهُ الألباني.
وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (واتَّقِ دَعْوَةَ المظْلُومِ، فإنهُ ليسَ بيْنَهُ وبينَ اللهِ حِجَابٌ) متفقٌ عليه.
سادساً: عند خُروجِ رُوحِ المؤمنِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنَّ المؤمنَ إذا كانَ في إقبالٍ مِنَ الآخرةِ وانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنيا، تَنَزَّلَتْ إليهِ الملائكةُ كأَنَّ على وُجُوهِهِمُ الشَّمْسَ، معَ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُم كَفَنٌ وحَنُوطٌ، فجَلَسُوا منهُ مَدَّ البَصَرِ، حتى إذا خَرَجَ رُوحُهُ صَلَّى عليهِ كُلُّ مَلَكٍ بينَ السَّمَاءِ والأرضِ، وكُلُّ مَلَكٍ في السَّمَاءِ، وفُتِحَتْ لهُ أبوابُ السَّمَاءِ، ليسَ مِنْ أهلِ بابٍ إلاَّ وهُمْ يَدْعُونَ اللهَ أنْ يُعْرَجَ برُوحِهِ مِنْ قِبَلِهِمْ) الحديث رواه الإمامُ أحمد وصحَّحه الألباني.
نسألُ اللهَ اللطيفَ من فضلهِ العظيم.
الخطبة الثانية
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ.
أمَّا بعدُ:
(فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و (لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).
أمَّا بعدُ: وأما الأوقات التي تُفتَحُ فيها أبواب السماء، والمقترنة بالوقت دون فعل المكلَّف:
أولاً: عندَ النِّداءِ بالصلاةِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا نُودِيَ بالصلاةِ، فُتِحَتْ أبوابُ السَّمَاءِ، واسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ) رواه أبو داود الطيالسي وصحَّحه الألباني.
ثانياً: عندَ إقامةِ الصلاةِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا ثُوِّبَ بالصلاةِ، فُتِحَتْ أبوابُ السَّمَاءِ، واسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ) رواه الإمام أحمد وقال الألباني: (صحيحٌ لغيره).
ثالثاً: في جوفِ الليلِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا كانَ ثُلُثُ الليلِ الباقي، يَهْبِطُ اللهُ عزَّ وجَلَّ إلى السَّمَاءِ الدُّنيا، ثمَّ تُفْتَحُ أبوابُ السَّمَاءِ، ثمَّ يَبْسُطُ يَدَهُ فيَقُولُ: هلْ مِنْ سائلٍ يُعْطَى سُؤْلَهُ؟ فلا يَزَالُ كذلكَ حتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ) رواهُ الإمامُ أحمد وقال الهيثميُّ: (رجالُه رجالُ الصحيح)، وصحَّحه أحمد شاكر والألباني.
رابعاً: عندَ حُضورِ الصلاةِ والصَّفِّ في سبيلِ اللهِ: فعنْ (سَهْلِ بنِ سعدٍ السَّاعِدِيِّ أنهُ قالَ: سَاعَتانِ تُفْتَحُ فيهما أبوابُ السَّمَاءِ، وقَلَّ دَاعٍ تُرَدُّ عليهِ دَعْوَتُهُ، حَضْرَةُ النِّدَاءِ بالصلاةِ، والصَّفُّ في سبيلِ اللهِ) رواه الإمامُ مالك، وقال ابنُ عبد البرِّ: (ومِثْلُهُ لا يُقالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ) وصحَّحه الألباني.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف