يتأسَّف أهلُ الدُّنيا على فقيدهم، يبكون ويَنوحون، ويَلطمون الخدود، ويَشقُّون الجيوبَ، فلا يُرجعونه ولا يؤثرون، بل يُؤْثَرون - إنْ كان سلوكُهم كما وصَفْتُ لك - يُؤْثَرون بالإثم والذنب، مِن هؤلاء مَن يبكي حقيقة؛ لأنه أدرَك الخطر بفَقْد حبيبٍ أو عائل، ومنهم مَن يبكي كذبًا ونفاقًا، وقلبه أقْسى من الحديد الصُّلب، ومنهم مَن يبكي خوفًا من هذا اليوم الذي يوقِن أنه ملاحقه، فمُدرِكه.
سرعان ما تعودُ المياه لمجاريها، وحليمة إلى دَأْبها القديم، فيُنْسَى الحَدَث ويُطوى طيًّا، بفضْل نعمة النِّسيان ونقمته، ويذكر الميت في أوقات حَدثًا من التاريخ، فتَنتهي المواعظُ المساقة مع موْته، ليرجع عزيز إلى قنينته، وفريد إلى لَهْوه ولَغْوه، وكريمة إلى بيتها القديم، وكلُّهم يجري في اتجاهِ الموت، من حيث يدري ولا يدري.
سُلطة الموت -بإذن الله- تتحدَّى الأطباء والخُبراء واللذات، وتُثبت تحدِّيها في كلِّ الأوقات والأحيان، حاوَل أهلُ الميدان فما أجْدَت محاولاتهم فتيلاً ولا قِطْميرًا، استعاروا الأعضاء والأبضاع، والأيدي والأرجُل والقلوب، وما استطاعوا استعارةَ الحياة - ولو قليلاً منها.
لو كُنَّا نتذكَّر هادِمَ اللذات، ومُفرِّق الجماعات، لخَفَّت الآفات، وقلَّت الآلام وقلّ التَّهافُت نحو الدنيا وحُطامها.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف