رواية قد تكون مختلفة عن سابقتها .. اردت فيها مناقشة مواضيع
اكثر جرأة واكثر واقعية .. شخصياتها مختلفة .. متناقضة ..
ستتعرفون عليها تباعا في سياق القصة ..
اتمنى ان تحوز على رضاكم ...
المكان قرية " العتيق " 375 كم غرب مدينة الرياض ...
( اسم القرية من بنات افكاري فقط )
في بيت طين جدرانه متهالكة بسقفه الخشبي اللي يكاد يسقط عليهم ... وبإحدى
ليالي الشتاء الباردة ... تجمعو حول النار ينشدون الدفا من هذا البرد القارس..
بثيابهم البالية واللي بالكاد تسترهم ..
بوجه شاحب ملته تجاعيد الزمن وقفت تناظر عيالها .. اجساد نحيلة من الجوع ...
وملامح ارهقها الفقر والألم .. التفتت الى اصغر بناتها : منيرة روحي لم بيت عمتس
جيبي ملح ..
منيرة اللي قاعدة جنب موضي تزين لها شعرها جديلتين : يمه انا كل يوم اروح
قولي لسلمان ...
سلمان لزق في ابوه وبصراخ : مابي اروح انا بردان وماعندي شي يدفيني .. قولي لحصة !
ام راكان : حصة من تغطت ماعاد تروح بيت عمك هالحزة ..
حصة بفرح : الحمدلله هذا هي امي قالتها ..
ام راكان : يعني شلون تبوني اروح انا ؟
نورة قامت ومسكت يد امها : لا ارتاحي يالغالية انا بقوم اجيبه ..
ام راكان : وين تروحين يمتس بهالليول ؟
ارتسمت ابتسامة عذبة على شفايفها : يمه بيت عمي الباب بالباب .. اقعدي ولا يهمتس ..
لبست جلالها وطلعت لبيت عمها .. طقت الباب وفتح لها محمد ولد عمها ومن
شاف نورة توزى ورى الباب : هلا نورة آمري ؟
نورة : هلا بك محمد .. وين سارة ؟
محمد : حياتس ادخلي ..
دخلت الصالة وشافت عيال عمها بس ماشافت لا خالتها ولا سارة .. ودخلت
للغرفة الصغيرة اللي يقعدون فيها واللي بالكاد تحتمل وجود شخصين : سويرة ..
ارتاعت سارة والتفتت وراها : وجع .. " وطقتها على كتفها " ماتدرين اني اخاف ..
نورة بضحكة خفيفة : يقال لتس ماسمعتي الباب ..
سارة بتأفف : خير وش عندتس جايتني هالحزة ؟
نورة تكش عليها : من زينتس يوم اجي لتس .. " ومدت لها البيالة " خوذي حطي
لنا شوي ملح ..
سارة : من وين ياحسرة ؟ نورة احنا من اسبوعين ماطبخنا ولا عندنا شي نطبخه
لا جانا شي من عندكم كليناه وانتي تعرفين ..
نورة زفرت بوجع : ادري والله .. اليوم بعد بنقعد ماتعشينا ..
سارة : وش الجديد ؟ هذانا ننوم كل ليلة مانتعشى ..
نورة : اجل وش عندتس تحوسين ؟
سارة : بجيب لأمي لبن ..
نورة : خالتي قاعدة بالصالة ؟
سارة : لا تبي تنوم الحين من طلعة النور وهي قايمة ..
نورة : زين بروح لبيتنا .. الله يعين بس !
ورجعت للبيت يدينها خالية .. لمحت وجيههم تنتظر من عندها إجابة .. كلن منتظر
وش تجيب لهم : قاضي ملحهم من زمان ..
على طول صاح سلمان : يمه شلون ماناكل يعني ؟
ابو راكان بتذمر : بس اسكت ..هذا اللي الله كاتبه ..
منيرة شوي وتصيح : يبه تكفى خل سلمان يجيبه من دكان العم مرزوق ..
ابو راكان دخل يده بمخباة ثوبه البالي وقال بأسف : والله يابوتس ماعندي ريال
واحد ..
صاحت منيرة بعدها .. ولمتها موضي تسكتها : بس يامنيرة باتسر ان شاء الله
يجيب لنا العم مساعد كل اللي نبي ..
اكتسى الحزن وجيههم وبانت علامات البؤس والأسى ..صورة تتكرر كل ليلة ..
تمر عليهم ايامهم بدون وجبات رئيسية ..
قامت بعدها نورة خذت خواتها واخوها وراحو لغرفتهم الصغيرة .. اللي ينامون فيها كلهم ..
وعقبها نامو ام راكان وابو راكان بالصالة ..
غطت خواتها وسلمان وخذت لها فانوس وقعدت بزاوية الغرفة ... مسكت الثوب
الأسود والإبرة وقعدت تخيطه .. دموعها مو راضية توقف وهي تسمع شهقات
منيرة وسلمان اللي نامو وهم يصيحون من الجوع ..
................. : وشوله تصيحين ؟ على خبرتس هذا حالنا من ربي خلقنا ..
نورة : كسرو خاطري ياموضي ..
موضي : مردهم يتعودون مثل ماتعودنا .. هاتي اساعدتس !
نورة : ماتعرفين له ..
موضي : زين علميني ..
نورة : خليني هالمرة انا بخيطهن .. واذا باعتهن ابلة لمياء بعلمتس شلون وتساعديني
نخيط ثياب اكثر ونبيعهن .. لحفي حصة زين لا تمرض علينا ..
موضي وهي تغطي حصة : ادعي ربتس يمكن باتسر يصير احسن من اليوم ..
نورة بأسى : ياليت امي جابتني ولد ..
موضي : استغفري ربتس وش هالكلام ؟ هذي قسمة رب العالمين مايجوز تعترضين ..
نورة : استغفر الله العظيم .. شسوي ياموضي عازن علي عيشتنا ولا انتي عاجبتس
حالنا ؟
موضي : هذا هو راكان ولد وماتغير حالنا ..
نورة : راكان كمل دراسته وكلها سنتين ويتوظف ان شاء الله .. البلا احنا اللي حدنا
سادس ابتدائي ..
موضي : واذا توظف راكان وش نستفيد ؟ مانشوفه الا بالسنة مرتين ولا ثلاث ..
نورة : خوفي من ربتس لا تظلمينه حرام عليتس .. لولا الله ثم راكان كان متنا من
زمان .. مو كافي مايصرف علينا وعلى بيت عمي الا هو ..
نزلت دموع موضي غصب عنها : ذبحني الفقر يانورة ..
نورة : ذابحنا كلنا بس وش نسوي ؟ حيل الله اقوى .. خليني بس اشوف شغلي كود
يجينا رزق ماحسبنا له ..
موضي : ورى ماتنومين الحين ؟ ومن اصبح افلح ..
نورة : نومي انتي .. لا جاني النوم مانيب قاعدة ..
تلحفت موضي بالبطانية اللي تغطيها هي وسلمان ونورة .. على امل الغد يحمل لهم
الأمل اللي فقدوه ..
وظلت نورة تخيط الثياب يمكن تقدر تصرف على بيتهم وبيت عمها بعد .. غلبها النعاس
في ظرف ساعة ونامت مكانها بدون ماتحس ..
بأحد احياء الرياض الراقية .. وبأحد افخم القصور .. كانت الساعة تشير لـ 9:23 م ..
صوت الأغاني يصدح بكل الجناح .. كانت لابسة برمودا جينز لو ويست وتوب ابيض
بدون سيور .. قاعدة ترقص بجنون وخصلات شعرها الكستنائي تتطاير .. انفتح الباب
ودخلت عليها رسيل وخلفها الشغالة اللي حاملة بيدها اكياس مختلف الماركات : هــآآآآي
سما تأشر بيدها بحركة راقصة : اهلين حبيبتي ..
رسيل خذت الريموت وسكرت الأغنية : سموي تعالي شوفي الأغراض اللي شريتهم ..
سما : وش الجديد يعني ؟ انتي كل يوم تروحين السوق وتتشرين اللي تبين واللي ماتبين
بعد ..
رسيل تأففت بدلع : سموي صايرة مثل طلال .. هذي شاريتهم لعيد ميلاد وفاء .. " التفتت للشغالة
اللي شايلة الأكياس بيدها " سوجي حطيهم وروحي المطبخ ..
رسيل وهي واقفة وشايلة فستان شيفون قصير وردي مموج : حلو ؟
سما : وآآآآآآو ريسو يجنن .. روعة فانتاستيك ..
طلعت الصندل ( تكرمون ) الفضي من علبته : شرايك ؟
سما فاتحة عيونها على الآخر : مرررررة فخم .. امممم بس ليش فضي ؟
رسيل : مادري عجبني كثير .. وبعد اكره اللي تطقم كل شي نفس اللون .. حسيت
هاللون يعطي فخامة .. خصوصا انه الفستان سيمبل .. وبعد ابي اكسر اللون شوي ..
سما تبوس رسيل على خدها : ياعمري احسك تتكلمين مثل خبيرات الموضة ..
رسيل : هههههههههههههه يعني بكون اكشخ وحدة في الحفلة ؟
سما : اكييييييد انتي ريسو بنت مساعد مو حي الله ..
سوجي فتحت عليهم الباب : مدام يقول كم العشا ريدي ..
سما : اوكي .. وثاني مرة عندك شي بالانترفون مو كل شوي رازة فيسك هنا ..
يالله ريسو العشا ..
شالت رسيل اغراضها وراحت لجناحها .. اما سما نزلت ركض مع الدرج ..
.................. : شوي شوي لا تتكسرين !
ناظرته وهي خايفة : اووووف وانت قاعد لي على كل شي ؟ بابي شوف طلال ..
طلال : وش هاللي لابسته ؟
سما : مو شغلك ..
قرب منها يبي يمسكها بس ركضت لابوها وتخبت وراه : بابي الحق علي ..
طلال : انقلعي غرفتك بدلي ملابسك ..
سما : شفيهم ملابسي كل البنات يلبسون نفسي ..
ابو طلال : خلاص يابوك خلها براحتها يعني ماتعرف اختك .. !
طلال وهو يناظر رسيل اللي نازلة وهي لابسة بنطلون اسود ضيق وتوب رمادي
بسيور رفيعة وبالنص علامة ديور بالاسود اللامع : شوف هذي وش لابسة بعد ..
رسيل ناظرت نفسها : وش فيه لبسي ؟ لا تقول مو كشخة ..
سما : ههههههههههههههه لا بس مسوي لنا محاضرة كالعادة ..
مشت رسيل وحبت راس ابوها وقعت جنبه ..
طلال شافهم وهم قاعدات عند ابوه : هين انتي وياها .. الايام جاية والله لاربيكم..
ام طلال وهي جاية من صالة الطعام ابتسمت اول ماشافت ولدها : ياهلا بطلال ماشاء الله
اليوم مشرفنا ..
راح لامه وحب راسها : هلا يمه .. " ولف يده على كتفها " شلونك يالغالية ؟
ام طلال ابتسمت له : بخير .. يالله العشا جاهز ..
سما قربت من رسيل وهمست : الليلة الدلال كله لحبيب القلب واحنا اللي رحنا فيها ..
ضحكو ثنتينهم وابتسم ابوهم اللي كان وراهم وسامعهم ..
قعدو على طاولة الطعام اللي مزدحمة بكل اصناف الأكل اللي ممكن حتى ماتخطر
على البال ..
رسيل : غريبة وينه سامي للحين ماجا ؟
ام طلال : بيسهر اليوم مع اخوياه ..
ابو طلال : شلون يسهر وبكرة وراه مدرسة ؟
ام طلال : طلبني وماقدرت اقول له لا ..
ابو طلال : لا ضيعيه احسن .. هالسنة الولد توجيهي ولازم ينجح بنسبة زينة ..
رسيل : مايحتاج يتعب نفسه .. كلها كم الف وياخذ الاول على المدرسة ..
طلال : ايه مو طلال اللي انكرف على وجهه وحفظ كتبه من الجلدة للجلدة ..
ابو طلال : انت الوحيد اللي ربيتك مثل ما ابي .. ولا اخوانك انشغلت عنهم
بتجارتي وشركاتي ..
التفتت ام طلال عليه بعصبية : وش قصدك يعني تربيتي هي الخربانة ؟
سما بتأفف : يااااربيه بدا موال كل ليلة ..
ابتسم ابو طلال وحب يلطف الجو : لا والنعم فيك يالطيفة بس انتي تدللينهم
بزيادة ..
ام طلال بابتسامة بسيطة : بعد عيالي ولازم ادللهم ..
رسيل متفاجأة ان النقاش ما احتد : ماشاء الله اليوم الاجواء صافية .. طلول تكفى
كل ليلة تعشى معانا ..
سما تغمز لها : ايه عشان الاشتباكات وكذا ..
طلال مافهم عليهم بالبداية بس من شاف ابتسامة امه وابوه .. طلعت منه نصف
ابتسامة : ان شاء الله لا خلصت اشغالي اجي بدري ..
سما وهي تفتح عيونها الواسعة على الآخر : واااااي مو مصدقة طلال يبتسم ؟
ام طلال : بعد عمري ولدي وليش مايبتسم ؟
سما : مادري بس دايم عابس ونفسه في راس خشمه ..
طلال وهو يقوم ومطنش كلام اخته : اليوم انا رايق ..
ابو طلال : وين ؟ ماتعشيت ..
طلال : الحمدلله .. عن اذنكم بخلص كم شغلة وانام .. وطلع رايح لجناحه ...
بعد ماخلصو الكل عشا طلعو رسيل وسما الصالة اللي
فوق يشوفون التليفزيون وقعد ابو طلال ومرته يشربون الشاهي ..
ام طلال : يااارب متى يطمن قلبي هالولد ويتزوج ..
ابو طلال : لا تتعبين عمرك معاه .. كل مافاتحته بالموضوع تضايق وزعل ..
ام طلال بضيق : من طلق هالنسرة وهو كاره طاري الزواج ..
ابو طلال : خلاص لا تجيبين طاريها لا بخير ولا شر .. راحت بحالها والله
يستر عليها ..
ام طلال : مساعد تكفى كلمه واقنعه كلها كم شهر ويدخل الـ 35 وهو بعده ما استقر
ولا فرحني بعياله ..
ابو طلال وهو قايم : انا عجزت فيه .. هذا هو عندك روحي له وكلميه ..
ام طلال : هذا انت دايم رامي الحمل علي ؟
ابو طلال من اعلى الدرج : غيري جو شوي .. قابلي عيالك بدل هالحفلات اللي
تحضرينها كل يوم والثاني ..
كانت بترد بس فضلت الصمت من اختفى زوله عن نظرها .. تأففت بقهر وقعدت
بالصالة ..
قاعدة في صالة قصرها الفخم بملل : توبا العشا جاهز ؟
توبا : يس مدام ..
قامت رايحة لمكتب زوجها الكبير : فيصل العشا جاهز ..
عيونه كانت معلقة على الاوراق والملفات اللي قدامه : ثواني بس ..
طلعت من عنده راجعة للمطبخ : خلاص حطي العشا ..
رجعت للصالة ومسكت التليفون ودقت رقم جناح اطفالها : حسنا نزلي روان ورنا ...
بالعادة يتعشون البنات بدري .. وتقعد هي وزوجها لحالهم لانهم يتأخرون باشغالهم
ومايرجعون البيت بدري .. ماعدا يوم الاربعاء والخميس يتعشون معاهم ..
حطت السماعة وباغتها ببوسة على خدها : ليش الحلو معصب ..
التفتت له مبتسمة : ابد مشغول بالي شوي ..
فيصل : وش مشغله ياقلبي ؟
وقفت جنبه وقالت بملل : عندي مشروع جديد .. بس موترني حيل ..
فيصل وهو لاف يده حول خصرها متوجهين لطاولة الطعام اللي بزاوية الصالة : وش
مشروعه ؟
قطع عليهم كلامهم نزلة البنات يركضون ..
فيصل بعصبية : وييييين ؟ مليون مرة قلت لكم امشو على مهلكم وش له هالطيرة ؟
ضحكو ثنتينهم ومشو بهدوء لطاولة الطعام .. وقعدو كل شخص بمكانه ..
فيصل يناظر زوجته : ماقلتي لي وش مشروعه ؟
ميساء : مادري ابي ادرسه بالاول من كل النواحي ... واذا استقريت على الصورة
النهائية بعلمك ..
طول العشا كان النقاش عن المال والاعمال واللي تحتل الجزء الاكبر من حياتهم ...
بعد العشى قعدو بالصالة .. فيصل وميساء وبناتهم ..
روان : مامي اليوم عطوني دروس في اللغة الفرنسية ..
ابتسمت لها بحب : زين ياقلبي .. ابيك تشدين حيلك وتنجحين بامتياز ...
روان بدلع وهي تمط الكلام : اذا رحت صف ثاني تحبيني ؟
ابتسمت ميساء رغم انها ادركت حجم تقصيرها مع بناتها من هالسؤال : انا احبك
ياقلبي .. وكل مانجحتي راح احبك اكثر ..
رنا : وانا ماما تحبيني ؟
قبصت خدها وباستها : اكيد احبك ..
رنا جلست بحضن امها وبدت تتدلع عليها : طيب متى اروح المدرسة ؟
ميساء : بعد سنتين ان شاء الله ..
لزقت فيها روان وصارو ثنتينهم يتدلعون عليها وكل شوي وحدة تسئلها وش كثر
تحبها ..
فيصل يناظرهم مبتسم وهو يقلب بصفحات الجريدة ..رفع عيونه وشاف ميساء
منشغلة مع البنات .. قطع عليهم ضحكهم بسؤاله : وانا متى تحبيني ؟
التفتت له وضحكت من قلب وقالت بدلع : من عرفتك وانا احبك ..
فيصل : لا لا هالكلام يبي له جلسة خاصة
ميساء : يعني ماينفع نقول اللي بداخلنا الا بموعد مسبق وجلسة خاصة ؟
فيصل ابتسم على كلامها وفهم انها تعاتبه : وين حسنا ؟
استغربت سؤاله .. : وش تبي فيها ؟
فيصل همس في اذنها : ابيها تاخذ البنات لجناحهم .. ابي اجلس معاك لحالنا ..
ميساء : وليش احنا مانروح جناحنا ؟
ضرب على راسه وهو يضحك على غبائه : ايه صح جبتيها ..
طلع هو قبلها .. وكلمت حسنا تاخذ البنات تغير لهم وتنومهم .. وراحت لجناحها
شافته متمدد على السرير وبيده اوراق .. : هذا اللي يبي يقعد معاي ..
حط الاوراق بالدرج : قلت اشغل نفسي على ماتجين ..
قربت منه وجلست على طرف السرير : مو احنا اتفقنا الشغل ماندخله غرفة النوم ؟
فيصل باسها على خدها : زين ياعمري حقك علي .. هالليلة كلها لك " ناظر ساعته
وشافها تشير لـ 11:13 م " وتونا بأول الليل ..
ابتسمت ابتسامة خفيفة .. ومسك شعرها يحركه بيده : لاعاد .. لاتقولين بتزعلين الحين ..
ميساء : لا مانيب زعلانة .. بس بقوم اتسبح ..
فيصل : اقعدي معاي شوي ..
ناظرته وابتسمت : من عيوني ..
ابتسم لها بحب وناظرها بتأمل : رجعي شعرك اسود .. كان احلى ..
ميساء تناظر بخصلات شعرها الاشقر : حرام عليك توني ماصبغته الا من 3 اسابيع
وانت بنفسك قايل لي حلو ..
ضحك عليها يوم زعلت : طيب لا تصيحين .. بعدين انا قلت لك حلو وماجاملتك ..
بس الاسود احلى .. يبرز جمال عيونك ..
تبسمت بخجل : عشانك راح اغيره .. وش تبي بعد ؟
فيصل قام يتذكر وابتسم وهو يقول لها : ابي تلبسين لي القميص الأحمر ..
ناظرته مستغربه : اي واحد ؟
فيصل : القصير ...
ابتسمت : نص اللي عندي قصار ..
فيصل : مادري شلون اوصفه .. بس اللي اذكره اني يوم شفته عليك .. ماخلا فيني
عقل ابد ...
توردت خدودها ... ومسكت يده : تعال معاي يمكن لاشفته بتذكره ..
قام معاها لغرفة ملابسها الكبيرة .. : وش هذا كله ؟ هذا لو بتوزعينه على اهل الرياض
كلن بيجيه حقه ..
ميساء : هههههههههههههه تعرفني احب اسافر واتقضى ..... وكل ماشفت شي عجبني
خذيته ..
ناظر بقمصان نومها الكثيرة : يعني بالله شلون بشوفه من بين هذي كلها ..
قعدو يفتشون وهي تضحك معاه .. وكل شوي يقول لها البسي هذا لا هذا طبعا نصهم
شاريتهم وتحطهم بغرفة الملابس وتنساهم .. ولان حياتهم روتينية فما تلبس له اصلا
الا في فترات متباعدة .. حاولت تتذكر شوي : زين متى لبسته ؟
فيصل : بيوم العيد ..
ميساء : اي عيد فيهم ؟ .. " فجأة تذكرته " اييييه عرفته عيد السنة اللي فاتت صح؟
فيصل : ايه ..
ميساء : حرام عليك تبيني البس شي عندي من سنة ؟
باس خدها : ايه عشان خاطري .. ماشفته عليك الا مرة وحدة ..
ابتسمت له : عشان خاطرك بس .. بس خلني اروح اتسبح بالاول ..
راح للغرفة وطلع اوراقه .. وهي راح تتسبح .. بعد ماتسبحت لبست قميصها والروب
وقعدت عند التسريحة تشوف شكلها .. وتجفف شعرها ..
رفع راسه ورجع الاوراق بالدرج وناداها تجي عنده ابتسم وهو يناظرها : كل ماتكبرين
تصيرين احلى ..
قربت منه وتمددت جنبه : عيونك الحلوة حبيبي ..
فيصل وهو يناظر عيونها : خذتنا الدنيا ياميساء .. لا قمت اشوفك ولا اشوف بناتي ..
ميساء : الزمن مايرحم .. واللي مايركض ورى رزقه بيضيع ..
فيصل : الله يقدرني واربي بناتي صح ..
ميساء : تصدق .. اوقات احس نفسي اقابلهم واشوف وش اللي يبونه مني .. ودي اقضي
معاهم يوم كامل انا ارعاهم بنفسي وانتبه لهم مثل اي ام بالدنيا .. بس من اروح الجمعيات
واشوف الفقر .. ارجع لشغلي وتجارتي .. ومابي بناتي يعيشون الا نفس الحياة اللي عشتها ..
ابي يحصلون كل اللي يتمنون ..
فيصل : العمر يخلص والشغل مايخلص .. لا تشيلين همه ابد ..
ميساء : بتعلمني وانت اللي دافن عمرك بالشغل والصفقات ؟
فيصل وهو ماسك يدها : خلينا ناخذ اجازة لانفسنا ولبناتنا ..
ميساء : عطني مهلة هالاربع اشهر .. وبعدها ناخذ لنا اجازة شهر كامل ..
فيصل : وعد ؟
ابتسمت له بحب : وعد ..
فيصل : اكيد .. !
ميساء : وانا عمري وعدتك بشي وماوفيت بوعدي ..
فيصل : لا والله الحق ينقال .. دايم على وعدك ..
ميساء : اجل خلاص اصبر علي .. ومالك الا اللي يرضيك ..
قرب منها والهبتها انفاسه .. وهمس لها بشوق : احبك ..
اتسعت ابتسامتها ورمشت بتوتر : وانا اموت فيك ..
لمها في حضنه وغرقها بحبه وحنانه اللي يحتاجونهم بمواجهة اوقات يغلب عليهم فيها
الجفاف العاطفي ..
قاعد بالشقة المتواضعة اللي تجمعه مع 5 من اصدقائه بأحد احياء الرياض ..
يتابع مباراة فريقه المفضل : مشاري قوم سو عشاك تبينا نبات اليوم ماتعشينا
مشاري : قلت لك مانيب قايم الا بين الشوطين .. وش مستعجل عليه انت ؟ تو الليل بأوله
راكان : ابي ارقد بدري وراي محاضرة الصبح ومثلك عارف الزحمة ووقفة الشارع لين القى لي
احد يوصلني..
عبدالله : خذ موتري وريح عمرك
راكان : وانت شلون تروح للجامعة ؟
عبدالله : محاضراتي بعد الظهر
راكان : لا ياشيخ انا بكرة محاضراتي للعصر ..
منصور : خلاص عبدالله يروح معاي وانت بعد بدل هالوقفة كل يوم خذ لك موتر على قدك ..
راكان : موتر ؟ وانا لاقي اللي اشتري فيهن كتب ومراجع ..
منصور : ماقلت خذه كاش .. كلنا ماخذينه تقسيط ..
راكان : ايه بس مكافائاتكم لكم ويجيكم فوقهن مصروف بعد انا هالـ 850 اللي اخذهن اصرفهن
على امي وابوي وخواتي
وعيال عمي وخالتي خلها على الله بس .. الله وحده العالم بحالهم ..
حتى الوظيفة اللي مشيت حالي فيها طردوني بعد ماكثر تأخيري ..
راشد : بكرة تتخرج وتتوظف ويجيك راتب وتتحسن الأحوال ..
راكان مايدري ليش ضاق خلقه من هالطاري .. قام وطلع مايدري وين يروح ..
مشى مايدري وين يروح وهو غارق بتفكيره ...
شلون تتحسن الأحوال وخواته واقف حظهم .. محد جاهم بيوم وطق بابهم ..
نورة عنست ومحد خطبها .. قرب عمرها يصك الـ 30 وماتزوجت .. رغم انها جميلة ..
وكل الديرة يتكلمون عن جمالها .. بس وين هالجمال اللي اندفن بالفقر ..
ولا شيخة اللي مسمينها لولد
خالها من صغرها وبالآخر نقلو لجدة ونساها .. وتزوج غيرها ..
ولا خالته اللي مالها بعد الله الا هو من توفى عمه ماذاقو طعم الفرح ابد .. وابوه اللي طرحه المرض من سنين وخلاه عاجز ..
وبنات عمه .. سارة و هيا ايه هيا اللي من فتح عيونه على هالدنيا وهو مايبي له زوجة غيرها ..
شلون يقدر يعيش ويعيشهم معاه .. حتى لو توظف راتبه شلون يكفي 13 شخص وهو معاهم ..
وهو صار له فترة حفت رجلينه يدور اي وظيفة يقدر يأمن مبلغ يغني اهله عن السؤال ..
آآآه ياقسوة هالزمن .. ناس ماتدري وين تودي فلوسها يصرفونها على اللي يحتاجونه واللي مايحتاجونه ..
وناس يبون اللقمة بس عزت عليهم يعيشون بجوع وفقر ..
حتى خوياه صار يحس نفسه عاله عليهم لأنه يعيش معاهم بدون مايدفع ريال واحد على المصاريف
بس لأن مشاري من ديرته متكفل بكل مصاريفه .. ومراعي ظروفه
ناظر المكان حوله بتعب .. مايدري شلون قطع هالمشوار كله بدون مايحس ..
دعا ربي يرزق خواته وسارة بنت عمه ويبعد عن كاهله هالهموم اللي اثقلته ..
وصل للشقة وهو مرهق دخل الغرفة بدون مايتكلم ..
لحقه مشاري على طول : قوم العشا ليش قاعد بلحالك .. ؟
راكان : مابي شي خلني ارقد ..
مشاري قرب منه : افا يا ابو دحيم يفداك موتري بس لا يضيق خلقك ..
ابتسم له راكان : ياليت الموتر اكبر همي .. تكفى مشاري خلني ابي انوم ..
مشاري : واذا قلت لك عشاني ؟
راكان : مشاري واللي يعافيك ..
مشاري : وربي ما اخليك .. محد خالي من الهم وانا اخوك .. قوم بس
قام راكان واستسلم لرغبة صديقه تعشى معاهم وهو مقرر اول ماتنزل المكافأة يشتري كل
الأشياء الضرورية ويروح للديرة ..
تمدد على فراشه وكل تفكيره راح للي ملكت قلبه .. شتسوي الحين ؟ اكيد نامت .. ولا سهرانة تفكر
فيه وتحاتيه وتنتظر يوم رجعته للديرة ..
ياترى كبرت تغير شكلها .. حس نفسه مجنون بهالأفكار هو آخر مرة راح الديرة من 3 اشهر ..
شلون بتتغير .. الظاهر من كثر مايهوجس فيها ماصار يركز او يدري وش يفكر فيه ..
نام وهو متأمل يحمل له الصباح بشرى تفرح قلبه ..
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف