سببُ تَرْك البسملة في أول براءة عند كتابة المصحف الإمام هو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر بكتابتها؛ لأن جبريل لم ينزل عليه بها في هذا الموضع، والحكمة في ذلك أن البسملة أمان، والسورة نزلت لرفع الأمان بالسيف.
والغَرَض الذي سِيقَتْ له السورة: بيان العَلاقات العامة بين المؤمنين والكفار.
ومناسبتها لما قبلها: أن كلتا السورتين في شؤون تتعلق بالقتال والمعاهدات.
ومعنى قوله: ﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾؛ أي إنذار من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى الوثنيين ذوي العهود المطلقة؛ يعني بنبذ عهودهم إليهم، وهذا الإنذار لتنزيه الله تعالى، وتبرئة ساحة رسوله صلى الله عليه وسلم من تهمة الغدر.
وقوله: ﴿ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ هو الخبر.
وقوله: ﴿ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾؛ أي: سيروا فيها آمنين مدة أربعة أشهر، وهذا الأمد لذوي العهود المطلقة، وقيل: للناقضين، والأول أرجح؛ لأن الناقضين لا يحتاجون إلى البراءة بنبذ العهد إليهم.
وقد تضمَّن ضرب هذا الأجل تهديد المشركين؛ كأن قيل: سيحوا في الأرض أربعة أشهر طلبًا للفرار والإفلات من العذاب، ولن تفلتوا، ويدل على هذا قوله: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ﴾؛ أي: وتيقنوا أنكم لن تفلتوا منه.
ومعنى ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴾؛ أي: فاضحهم ومذلهم، وكان الأصل أن يقال: (وأنه مخزيكم)، لكنه وضع الظاهر (أعني اسم الله) مكان الضمير لتربية المهابة، ووضع الكافرين موضع الضمير ليعمَّ جميع الكفار وليسجل عليهم هذا الوصف القبيح.
وهذه الأشهر الأربعة تبتدئ من يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر.
ومعنى قوله: ﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ﴾؛ أي: وإعلام من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافَّة يوم النحر.
ووصف الحج بـ(الأكبر)؛ لأن العمرة تسمى الحج الأصغر.
وقوله: ﴿ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ﴾؛ أي: بأن الله... إلخ، (ورسوله) بالرفع على أنه مبتدأ، والخبر محذوف؛ أي: ورسوله بريءٌ كذلك.
والمراد بـ(المشركين) هنا: الذين لا عهد لهم من الوثنيين، وهؤلاء لا يمنع من قتالهم حالًا إلا الأشهر الحرم، فيقاتلون عند انسلاخ المحرم.
ومعنى قوله: ﴿ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاَعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ﴾؛ أي: إن رجعتم عن الكفر فالتوبة خير لكم، وإن أعرضتم عن الإيمان فتيقنوا أنكم غير ناجين من عذاب الله.
ومعنى ﴿ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ ﴾؛ أي: فأكملوا إليهم عهدهم إلى الغاية التي ضربت لهم.
وقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ تعليل لوجوب الامتثال، والتعبير بوصف التقوى للتنبيه على أن مراعاة حقوق العهد من باب التقوى، وأن الغدر ينافي ذلك.
الأحكام:
1- استحباب البعد عن مكان الريب.
2- تحريم الغدر.
3- يجب الوفاء بالعهد لمن يحافظ عليه ولو كان مشركًا.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف