أمَّا بَعْدُ:
فإنَّ الإيمان بالكتب السماوية السابقة مِن أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
يجب على كل مسلمٍ أن يؤمن بجميع الكتب السماوية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على رسله الكرام لهداية الناس، والإيمانُ بالكتب السماوية أحدُ أركان الإيمان الستة، ولا يصحُّ إيمان المسلم إلا بها، والإيمان بالكتب السماوية ثابتٌ بالكتاب والسُّنَّة وإجماع علماء الأمة.
ثانيًا: السُّنة:
روى مسلمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وذلك في حديث سؤال جِبْرِيل) أنَّ جِبْرِيلَ قَالَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ))؛ (مسلم حديث: 1).
ثالثًا: الإجماع:
أجمع أهل العلم على وجوب الإيمان بجميع الكتب السماوية، وأنه ركن من أركان الإيمان الستة،وأن منكرالكتب السماوية كافرٌ وخارجٌ عن مِلة الإسلام، وذلك بعد إقامة الحجة عليه.
تحريف أهل الكتاب للكتب السماوية:
إن الله تعالى لما أمَرنا بالإيمان بالكتب السماوية السابقة، أمَرنا بالإيمان بها على ما أنزل الله تعالى، وبالصورة الصحيحة التي نزلت على رسل الله تعالى، وليس المقصود بالإيمان بالكتب السماوية: أن نؤمنَ بما في أيدي الناس الآن من الكتبِ الـمُحَرَّفَةِ؛ لأن أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، قد بدَّلوا وغيَّروا كتبهم السماوية بعد رسلهم، وقد أثبت الله تعالى هذا التحريفَ في القرآن الكريم.
(العقيدة الصافية لسيد عبدالغني صـ86).
القرآن الكريم ناسخ لجميع الكتب السابقة:
يجب على كلِّ مُسْلِمٍ أن يؤمنَ بأن القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية إلى قيام الساعة، وهو ناسخ لجميع الكتب السماوية السابقة.
1- قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48].
الله تعالى يتولى حفظ القرآن:
كانت الكتب السماوية السابقة تنزل خاصةً بأهل زمان مُحَددٍ، ولم يتعهد الله تعالى بحفظ هذه الكتب؛ ولذا أصابها التحريفُ والتَّغْيِيرُ، وأما القرآن العظيم فقد تَكَفَّلَ سبحانه بحفظه إلى أن يرفعه؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
قال الإمامُ ابنُ كثير (رحمه الله): قَرَّرَ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ الذِّكْرَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَهُوَ الْحَافِظُ لَهُ مِنَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ.
(تفسير ابن كثير جـ8 صـ246).
خِتَامًا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكِرَامَ.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف