منتديات سهام الروح

منتديات سهام الروح (https://www.sham-alro7.com/vb/index.php)
-   › ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪• (https://www.sham-alro7.com/vb/forumdisplay.php?f=104)
-   -   التفاؤل والأمل في السيرة النبوية (https://www.sham-alro7.com/vb/showthread.php?t=73338)

محروم 08-14-2019 11:59 AM

التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
اليأس حالة نفسيَّة تعتري الإنسان تحت شدة الفتن والمِحن، وكثرة وتسلُّط الأعداء والظالمين، وقد يصل اليأس بصاحبه إلى القنوط وانقطاع الأمل، قال ابن حجر: ".. اليأس قد ينضم إليه حالة هي أشد منه, وهي التصميم على عدم وقوع الرحمة له, وهذا هو القنوط, بحسب ما دل عليه سياق الآية: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}(فصِّلت:49)". وقد نهى الله عز وجل عن اليأس والقنوط وحذر منهما، فقال سبحانه: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}(الحجر:56)، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}(يوسف: 87). قال ابن كثير: "ندب (يعقوب عليه السلام) بنيه على الذهاب في الأرض، يستعلمون أخبار يوسف وأخيه بنيامين ..ونهضهم وبشرهم وأمرهم ألا ييأسوا من روح الله، أي: لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه، فإنه لا يقطع الرجاء، ويقطع الإياس من الله إلا القوم الكافرين".

ونبينا صلى الله عليه وسلم كانَ مُتَفَائِلاً في كل أموره، واثقاً بربه في جميع أوقاته، مُحسناً بِهِ الظّنّ في كلّ أحواله، وكانت حياته ـ رغم ما فيها من شدة وبلاء ـ مليئة بالأمل والتفاؤل، وحُسن الظَّن بِالله، وقوة اليقين بنصر الله، وكان دائماً يبشر أصحابه بالنصر والأمن والغنى رغم ما بهم من بلاء وفقر واستضعاف، فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: (بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل، فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي! هل رأيتَ الحِيرَةَ (بلد ملوك العرب الذين تحت حكم آل فارس)؟ قلتُ: لم أرها، وقد أنبئت عنها، فقال:إن طالت بك حياة لترين الظعينة (المرأة) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله، قلتُ في نفسي: فأين دعّار طيئ (قطاع الطريق) الذين سعروا في البلاد؟! ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى، قلتُ: كسرى بن هرمز؟! قال: كسرى بن هرمز!!، ولئن طالت بك حياة، لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله فلا يجد أحدًا يقبله منه) رواه البخاري. وعن خَباب بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه قال: (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشَّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) رواه البخاري.

والسيرة النبوية زاخرة بالمواقف والأحداث التي تبين مدى التفاؤل والأمل، والثقة واليقين بنصر الله عز وجل، الذي كان يتحلى به النبي صلى الله عليه وسلم ويغرسه في نفوس أصحابه والمسلمين من بعدهم، ومنها:

الهجرة النبوية:

في حادثة الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب الظاهرة والمتاحة له، إلا أن المشركين انطلقوا خلفه يرصدون الطرق، ويفتشون في الجبال، حتى وصلوا إليه وهو في غار ثور، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه سير أقدامهم وكلامهم، وهنا خاف أبو بكر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم، وحُقَّ له ذلك، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا! فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما) رواه البخاري. قال النووي: "معناه ثالثهما بالنصر والمعونة"، وقال ابن الجوزي: "وقوله: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) أي: بالنصرة والإعانة، أفتظن أن يخذلهما، فرده من النظر إلى الأسباب إلى المُسَبِّب". وقال ابن عثيمين: "فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصَرَنا، لأننا في الغار تحته، فقال: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، وفي كتاب الله أنه قال: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(التوبة40)، فيكون قال الأمرين كلاهما، أي: قال: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، وقال: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}. فقوله: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) يعني: هل أحد يقدر عليهما بأذية أو غير ذلك؟ والجواب: لا أحد يقدر، لأنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع، ولا مذل لمن أعزَّ ولا معز لمن أذل: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران:26)".

غزوة بدر:

مع أن المعادلة العسكرية في غزوة بدر لم تكن متكافئة، فقريش كان عددها ألفاً، معهم مائتا فرس، في حين كان عدد المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وما كان معهم إلا فرَسان، ومع ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه غارساً فيهم الأمل والتفاؤل والوثوق واليقين بنصر الله عز وجل لهم، رغم أنهم أقل في العدد والعدة من عدوهم: (سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم).

غزوة الأحزاب:

رغم ما حدث للمسلمين في غزوة الأحزاب من تعب شديد في حفر الخندق، وجوع وخوف وشدة برد، وحصار المشركين لهم في المدينة، وخيانة اليهود، وتخذيل المنافقين وإرجافهم، واشتداد الكرب، حتى قال الله تعالى مصوراً حالهم حينئذٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا}(الاحزاب:9-11)، ـ رغم ذلك كله ـ كان النبي صلى الله عليه وسلم يغرس في أصحابه التفاؤل والأمل، والثقة واليقين بنصر الله عز وجل، ويعدهم ويبشرهم بفتح الشام وفارس واليمن، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، قال وعرض لنا فيه صخرة لم تأخذ فيها المعاول، فشكوناها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فأخذ المعول ثم قال: باسم الله، فضرب ضربة، فكسر ثلث الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال: باسم الله، وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أُعْطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: باسم الله، وضرب ضربة أخرى، فقلع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا) رواه أحمد. ولما بشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بهذه البشريات قال المنافقون: إن محمداً يعدنا بكنوز كسرى وقيصر، ولا يأمن أحدنا أن يخرج إلى قضاء حاجته.. ومع ذلك نصر الله عز وجل المسلمين في غزوة الأحزاب انتصاراً عظيما، وتحقق لهم كل ما بشرهم به النبي صلى الله عليه وسلم.

غزوة خيبر:

عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى خيبر فجاءها ليلا، وكان إذا جاء قوما بليل لا يغير عليهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم (آلات زراعية)، فلما رأوه قالوا محمد والله، محمد والخميس (الجيش)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين) رواه البخاري. قالابن حجر في فتح الباري: "قال السهيلي: يؤخذ من هذا الحديث التفاؤل، لأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى آلات الهدم أَخذ منه أن مدينتهم ستَخرب".

السيرة النبوية مليئة بالبشائر التي تبعث على التفاؤل، وتجدد الأمل، وتقوي اليقين، وتؤكد على حصول التمكين لأمتنا، والنصر لها على أعدائها، على الرغم مما عانته وتعانيه من ابتلاءات في بعض المراحل والأوقات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها) رواه مسلم.. فالتفاؤل والأمل من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، وهما نِبراسٌ يضيء الطريق والحياة، وفجرٌ ساطِعٌ في دياجِير الكُرُبات والابتلاءات، وهما كذلك: التفاؤل والأمل ـ مع الأخذ بالأسباب وإعداد العُدّة: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ}(الأنفال:60) ـ من أسباب الانتصار على الأعداء، وعلى ذلك ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فكانوا يرون أن المحن والابتلاءات ليست إلا سحابة صيف، عن قليلٍ تزول وتنقشع بفضل الله تعالى ورحمته، قال الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}(الشرح: 6:5)، قال السعدي: "بشارة عظيمة، أنه كلما وُجِدَ عُسْرٌ وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جُحْر ضبٍّ لدخل عليه اليُسر، فأخرجه كما قال تعالى: {سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}(الطَّلاق:7)، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا)".



ياسمين 08-14-2019 06:07 PM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
موضوع في قمة الخيااال

طرحت فابدعت

دمت ودام عطائك

ودائما بأنتظار جديدك الشيق

لك خالص حبي وأشواقي

الزين كله 08-14-2019 07:10 PM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
طرح رائع ومفعم بالجمال والرقي
يعطيك العافيه على هذا الطرح
وسلمت اناملك المتألقه لروعة طرحها
تقديري لك

حلا 08-15-2019 03:08 AM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
تسلم على الموضوع
جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك

ريآن 08-17-2019 05:18 PM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 





جَزآكــم اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ ..،
جَعَلَ أَيامكم نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُ الله في مُوآزيَنَ آعمآلَكــم
دَآمَ لَنآ عَطآئُكــم








لگ وٌحًہْشًُـًًًـُهًہ ♔ 08-27-2019 06:38 PM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
جزاك الله أخي كل خير على ما قدمته لنا من فوائد
وبارك الله فيك وفي مجهوداتك الكبيرة
دمت في حفظ الرحمان

سمو الروح 08-29-2019 04:27 PM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
واثابك الله الجنه ان شاء الله
على ماقدمت ..

ديم 09-04-2019 03:01 AM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والأميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب

عذب الآطبآع 10-26-2019 01:18 PM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 
جزاك الله كل خير

العميد 11-02-2019 04:16 PM

رد: التفاؤل والأمل في السيرة النبوية
 













http://forum.tawwat.com/images-topic...s/bas/0011.gif
http://forum.tawwat.com/images-topic...es/fa/0109.gif
ودى وإحترامى لمجهودك الراقى
دمت بكل ما تعنيه الكلمة من معانى
وشكرا لك لهذا الطرح الجميل

بما حمل من عبر قيمة
ولا تحرموننا من حسن إنتقائكم
http://forum.tawwat.com/images-topic...es/fa/0109.gif
جزاك الله خيرا
http://forum.tawwat.com/images-topic...es/fa/0146.gif

















الساعة الآن » 10:34 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009