منتديات سهام الروح

منتديات سهام الروح (https://www.sham-alro7.com/vb/index.php)
-   › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• (https://www.sham-alro7.com/vb/forumdisplay.php?f=28)
-   -   النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع (https://www.sham-alro7.com/vb/showthread.php?t=119079)

حلم مستحيل 08-10-2022 10:06 PM

النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ أما بعد:

فمن كمال شريعة الرحمن أن ضبطت أقوالنا وأفعالنا وتصرفاتنا وعلاقاتنا، بل حتى مشاعرنا وأحاسيسنا ومواقفنا: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، كل ذلك يُعرَض على ميزان الشرع نأتمر بما أمرنا وننتهي عما نهانا: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، فكل خير في الطاعة والتمسك والاتباع، وكل شر في الترك والهجران والإعراض.



مكانة العلوم الكونية والحياتية في الإسلام:

تقسم العلوم في الإسلام إلى قسمين كبيرين، يشملان كل علم نعرفه أو نحتاج إليه، وهذان القسمان هما: العلوم الشرعية، والعلوم الحياتية.



أما العلوم الشرعية، فهي العلوم التي يُعرَف بها الله تعالى، ويُعرَف بها كيف تكون العبادة الصحيحة، ويشمل ذلك كل العلوم المتعلقة بدراسة الدين وفقه الشريعة.



أما العلوم الحياتية، فهي العلوم النافعة التي يحتاج إليها الإنسان ليصلح بها حياته، ويعمر بها أرضه، ويستكشف بها كونه وبيئته؛ وذلك مثل: علوم الطب والهندسة، والفلك والكيمياء، والفيزياء والجغرافيا، وعلوم الأرض والنبات والحيوان، وغير ذلك من العلوم المشابهة.



ولم يقتصر الإسلام على طلب العلوم الشرعية فحسب، بل أمر بتحصيل العلم الكوني النافع ورغب به، ويظهر ذلك في:

جعله من فروض الكفاية:

قال الغزالي رحمه الله: "إن الطب والحساب من فروض الكفايات، وكذلك أصول الصناعات أيضًا كالفلاحة والحياكة والسياسة، بل الحجامة والخياطة، فإنه لو خلا البلد من الحجَّام تسارع الهلاك إليهم، وحرجوا بتعريضهم أنفسهم للهلاك.



فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء، وأرشد إلى استعماله، وأعد الأسباب لتعاطيه؛ فلا يجوز التعرض للهلاك بإهماله"[1].



من طلبه صادقًا كان من أكثر الناس خشية لله:

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]؛ لم يقصد الحق سبحانه بهذا القول علماء الدين فقط، فالمقصود هو كل عالم يبحث بحثًا ليستنبط به معلومًا من مجهول، ويجلي أسرار الله في خلقه.



لماذا؟ لأنهم الأعلم بالله وبحكمته في كونه، وكلما تكشفت لهم حقائق الكون وأسراره، ازدادوا لله خشية، ومنه مهابة وإجلالًا.



الإعداد في سبيل الله لا يتحصل بدون العلوم الكونية:

القرآن يأمر المسلم أن يكون قويًّا متقدمًا في جميع الميادين العملية، سابحًا في جميع الميادين العملية: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، أعدوا ما يكون في المستطاع من القوة كائنًا ما كان، مهما تطورت القوة، ومهما بلغت، فالمتواكلون العَجَزة الذين لا يعدون القوة، متمردون على أوامر القرآن، مخالفون لأمر خالق السماوات والأرض: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾ [النور: 63]، ومن نظر في القرآن وجده جامعًا بين الأمرين: الأمر بالقوة والتقدم، مع المحافظة على الآداب الروحية[2].



من سنن الله في الكون تفاوت الناس في الأرزاق والقدرات:

الله جل وعلا تفضل على عباده بنعم لا تُحصى، ثم فاوت بينهم في هذه العطايا لحكم عظيمة، جهلها كثير ممن لم تتنور بصائرهم بنور الوحي، ومن هذه الحِكَمِ ما يلي:

أولًا: لو كان الناس على مستوى واحد في رزقهم وإمكاناتهم، لَما قامت الحياة ودار دولابها، ولتعطَّلت كثير من الأعمال؛ وقد أشار الله سبحانه إلى هذه الحكمة بقوله تعالى: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32].



من منا يسخر الآخر؟! كل منا مسخر للآخر، أنت مسخر لي فيما تتقنه، وأنا مسخر لك فيما أتقنه، هذه حكمة الله في خلقه ليتم التوازن والتكامل بين أفراد المجتمع.



ثانيًا: الابتلاء والاختبار، ليظهر الشاكر من الكافر، والصادق من الكاذب:

وربنا سبحانه وتعالى لم يجعل هذه المهن طبيعية فينا؛ يعني هذا لكذا، وهذا لكذا، لا، الذي يرضى بقدر الله فيما يناسبه من عمل، مهما كان حقيرًا في نظر الناس، ثم يتقن هذا العمل، ويجتهد فيه، ويبذل فيه وسعه، ويتقي الله فيه، يرفعه الله سبحانه وتعالى، مهما كانت هذه المهنة حقيرة في أعين الخلق، وبالعكس من يتكبر ويتجبر، ولا يقيم أمر الله في مهنته، ينزله الله لأسفل السافلين ولو كان أكبر الأطباء.



فليس فينا أعلى وأدنى، وإياك أن تظن أنك أعلى من الناس، نحن سواسية، ولكن منا من يتقن عمله، ومنا من لا يتقن عمله؛ ولذلك قالوا: قيمة كل امرئ ما يحسنه.



ولا تنظر إلى زاوية واحدة في الإنسان، ولكن انظر إلى مجموع الزوايا، وسوف تجد أن الحق سبحانه عادل في تقسيم المواهب على الناس.



وبناء عليه فالنجاح والرسوب في الدراسة ليست معيارًا للصلاح والفساد:

فليس كل متفوق في مدرسته قد حصل علامات عالية نائلًا لرضا الله، ضامنًا لدخول الجنة، وليس كل راسب مستحقًّا لسخط الله، ومصيره النار والعذاب.



كمن أعطاه الله مالًا، فإما أن ينفقه في وجوه البر فله الأجر، أو ينفقه ليصد عن سبيل الله فعليه الوزر.



فالعلم وسيلة وليس غاية:

وسيلة تهدف إلى تعبيد النفس لربها ونَيل رضاه، فيتعلم العبد ما تستقيم نفسه في جانب النية ومعاملة الناس والأخلاق والسلوك، فيوجه علمه لخدمة دينه والمسلمين ويوظفه في نصرة المستضعفين، ويجعل منه سبيلًا لتغيير واقع الضعف والتراجع، لا لمجرد تحقيق الشهرة والمجد الشخصي.



هذا هو التصور الصحيح والمعيار المتوازن الذي ينبغي على طلابنا اليوم أن يجعلوا منه منطلقًا قبل الدخول في ميدان الدراسة والتعليم.



أما من جهة تعامل الأهل مع أبنائهم الطلاب بحصر البر والحياة السعيدة، والسمعة الطيبة بالنجاح والتفوق، وربط العقوق والرأس المخفوض والسمعة السيئة بالرسوب والكسل، فهذا من الظلم والإجحاف، ومن مسالك الشيطان، ومن العرف الفاسد الذي لم يجلب على أُسَر كثيرٍ من المسلمين إلا مزيدًا من الأزمات والتفكك.



ومما يدمي القلب ويعظم المصيبة أن يتغاضى الأهل عن المعاصي والمنكرات والانحرافات والآثام التي يقع بها أبناؤهم، بل ويجدون لها المبررات: دعه فإنه مراهق، شاب طائش، غدًا يصلح، وغيرها من العبارات الهدامة.



فإذا ما رسب في الامتحان صبُّوا جام غضبهم عليه، فتعلو الصيحات ويطول الهجران وربما دعوا عليه أيضا بالمرض والهلاك، لماذا؟ لأن الناس سيتكلمون علينا.



للأسف هذا حال المسلمين اليوم يهمهم رضا الناس ولو بسخط الله والعياذ بالله عز وجل، ماذا ستكون النتيجة بعد كل هذا؟



لقد وصل الأمر لدى بعض الطلاب أن يقتل نفسه بعد رسوبه في امتحان الشهادة الثانوية، خوفًا من نظرة الناس إليه.



الانتحار وما أدراك ما الانتحار! وما أدراك بالوعيد عليه يوم القيامة! ولكن مهلًا، هل قطعنا أسبابه وجففنا منابعه، لا والله.



كلنا مسؤول وكلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته.



أيها الأحباب:

السعادة والفرح بالنجاح أمر طيب ومطلوب، لا سيما إذا كان بعد تعب واجتهاد، والحزن بسبب الرسوب أمر طبيعي أيضًا، ولكن حين تختل الموازين ويتحول الفرح إلى كبر وخيلاء، ويتحول الحزن إلى هجر وأزمات نفسية، فهذا ليس من المقبول شرعًا ولا عقلًا.



النجاح الحقيقي في رضا الله عز وجل، والرسوب الحقيقي في البعد عن الله وعن أوامره.



النجاح الحقيقي هو الفوز بالجنة بفضل الله سبحانه وتعالى، والرسوب الحقيقي هو عذاب النار وبئس المصير.



النجاح الحقيقي هو أن نتقي الله في أولادنا، وننشئهم تنشئة صالحة على الكتاب والسنة، ونجعل منهم فرسانًا لهذا الدين، سواء في ميدان العلم أو العمل أو الجهاد أو أي مجال نافع.



الرسوب الحقيقي هو إهمال أولادنا، وتركهم في ميدان الشهوات والشبهات، دون رعاية ولا اهتمام.



النجاح الحقيقي أن تحول المحنة إلى منحة، والفشل إلى نجاح، والتراجع إلى تقدم، بشِّروا ولا تنفِّروا، يسِّروا ولا تعسِّروا، كلام الناس ورضاهم لا يحرم حلالًا، ولا يحل حرامًا، الحلال بيِّن والحرام بيِّن.



والحمد لله رب العالمين.


[1] إحياء علوم الدين، 1/ 16.

[2] العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير.

حلا 08-11-2022 02:17 AM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
جزاك الله خير ونفع بك
وجعله في موآزين حسنآتك
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم
لا حرمنآالله توآجدك

سهام الروح 08-11-2022 03:00 AM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 






الف شكـــر لك على الطرح الرائع
اثابك الله الاجروالثواب وجزيت خيرا
وجعله في ميزان حسناتك
ونفع بما طرحته هنا وبـارك بك
لاحرمنـا البآريء وإيـاك ـأوسـع جنانـه
خالص شكري وتقديري لك
مع تحياتي
سهام الروح

https://phoneky.co.uk/thumbs/screens...g_aaqblvdu.gif





لـولـو 08-11-2022 03:22 AM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك
لكـ خالص احترامي

عطر الورد 08-11-2022 05:12 AM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
انتقاء رائع
سلمت اناملك والله يعطيك العافيه
لاحرمنا حضورك وطرحك
لقلبك السعاده

قمر هـادي 08-11-2022 12:48 PM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
موضوع مميز
كل الشكر للانتقاء الراقي
تقديري

حلم مستحيل 08-11-2022 09:29 PM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
يعطيكم العافية
للتواجد المميز
شكري ووردي

ريآن 08-13-2022 06:31 PM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 





جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان




محروم 08-13-2022 09:03 PM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

الامل الذهبي 08-14-2022 05:58 PM

رد: النجاح والرسوب الدراسي في ميزان الشرع
 
جزاك الله خيرا
جعله في ميزان حسناتك
لاعدمنا جديدك


الساعة الآن » 01:36 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009