قصص من التراث العراقي/الذبيحة
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الذبيحة صحوت من النوم اليوم حزينا جدا؛ فقد حلمت أن أحدهم قد أكل حمامتي البيضاء.. هذه ليست نكتة.. فأنا أقتني بالفعل حمامة بيضاء، أترك لها عادة "الحبل على الغارب" كما يقال لكي تذهب أينما تشاء وقتما تشاء فى فضاء الله الواسع، تطير كثيرا، وتبتعد كثيرا لكنها دائما ما تعود لعشها من جديد تهدل في بلكونتي أناشيد الهوى للذكر الذى تهوى، وترقد في سلام تحت ظل حمايتي.. في حلمي، قص أحدهم عليّ ما حدث.. كيف استغل الذابح براءتها.. اقترب دون أن يثير في قلبها القلق، داعبها في حنو أبوي.. حتى اعتقدت أنه مثلنا، فقط يهوى البراءة المرسومة على ريشها... ثم تمكن من رقبتها.. جرها من ريش رأسها على الأرض وذهب بها.. الباقي وصل اليّ صورا متفرقة، ومشاهد قصيرة لفيديوهات عن عملية الذبح.. تساقطت بين يدي واحدة بعد الأخرى أثر مقابلات مع أفراد أعرف بعضهم.. جيران وأصدقاء، وآخرون محض خيالات ظل لم أتحقق من أشخاصهم أبدا في حلمي، وأخيرا بعض الدماء التى اضطرَّ لمسحها بعد أن أتم الذبح.. قال أحدهم إنه نبهه أن هذه حمامتي، لكنه لم يلتفت له، ولم يعرني أنا اهتماما... يبدو أن جوعه كان شديدا، ويبدو أيضا أنه كان يفتقد لحم الحمام الذى يحب طعمه في فمه.. أحاول أن أتناسى الصور الكثيرة التى وصلت إليّ منذ رفعت رأسي عن مخدتي وخرجت إلى كابوسي. الآن.. أستعيد صور الذبح – التي تتكرر في أحلامي- كلما نظرت إلى عشها الفارغ من هديلها بعد أن اختفت منذ زمن بعيد. ... وبعد وكان.. أن الرجل الطيب دخل بيته ليلا، نظر إلى الوحدة الملقاة أمامه على الأرض نائمة، نظف حولها ثم أتى من داخل حجرة نومه الباردة بغطائه الأثير، وألقى به عليها.. فتح التلفاز المغلق بالتراب، وسجل اسمه بين ذرات الغبار وهو يحاول مسحه بيده، ثم جلس على كنبته الوحيدة وحاول أن يلثم الكون، لكن إضاءة الشاشة على حادث تفجير انتحارى لنفسه وسط الحشود المسالمة، أخاف الكون فأسرع هاربا.. ترك الرموت فوق الطاولة الوحيدة فى الغرفة وأسرع إلى مطبخه، فرحت الثلاجة حين لمحته داخلا ، مد يده وسلم ففتحت له طريقا ليدخلها، ضربته برودتها فى وجه، لكنها أنارت وجهها له.. مد يده وأخرج من داخلها طعاما يصلح ليكون زادا لبقائه يوما آخر، ثم أغلقها - فأنطفأ نورها حزنا- وانصرف إلى الكنبة.. كانت الجثث التى تركها داخل شاشته تفر من هول الانفجار إلى داخل صالته، ناشرة حالة من الفوضى تشبه حالتها داخل الشاشة، هاله كمية اللحم الممزق الذى عبر من الشاشة فملأ صالته، أسرع بوضع الطعام فوق الطاولة، ومد يده لينظف كل هذه الفوضى بأن نقل نفسه إلى قناة أخرى، كان الحزن بداخلها أقل برودة فجلس على كنبته يشاهد صامتا. |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
طرح هادف, يستحق الوقفه والتامل.
المشاركه المفيده , تتكون من كلام طيب, والكلمه الطيبه صدقه.... بارك الله فيك. |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
موضوع مميز
كل الشكر للانتقاء الراقي تقديري |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
اقتباس:
مساء الخير " شكرا جزيلا لحضورك هنا وقراءتك .. شكرا لكرمك.. وطيبك.. وتشريفك الى زاويتي هنا.. هذا من ذوقك.. |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
اقتباس:
تواجد حرفكِ الفواح بين ثنايا سطوري .. كوني بالقرب دوماً مع الود |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
سلمت اناملك ويعطيك العافية على هالقصة
وفي انتظار المزيد من قصصك المفيدة تحياتي |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ , مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ ! دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
يعطيك العافيه على روعة طرحك
لا خلا ولا عدم |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
اقتباس:
الشكر لك أختنا على المرور الراقي الجميل زينت الصفحة سلامي لك |
رد: قصص من التراث العراقي/الذبيحة
اقتباس:
دمت صاحب قلم جميل سلامي و تحيتي |
الساعة الآن » 10:00 PM.
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف