المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد في سورة الأحزاب


هويد الليل
10-24-2020, 10:12 PM
التوحيد في سورة الأحزاب


هي السورة الرابعة حسب ترتيب نزول القرآن المدني بعد بدء نزول سورة البقرة، وبعد سورة الأنفال وآل عمران، ونزلت تذكيرًا بنعمة الله تعالى على المسلمين؛ إذ نصرهم ورد عنهم أحزاب الكفر والشرك الذين هاجموا المسلمين في مدينتهم: ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الأحزاب: 25].



إن للعقيدة تكاليفَ، ولقد كانت التكاليف في مكة هي الصبر وضبط النفس واحتمال الأذى؛ حتى يقوى المسلمون (القلة المستضعفة)، أما التكاليف في المدينة بعد الهجرة وقيام الدولة كانت مقاومة الكفر وردِّ العدوان وتأديب المجرمين الذين طالما تطاولوا على المسلمين، وأرادوا القضاء على الدعوة ونبيها وأهلها، ولقد استهلت السورة الكريمة بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم والمراد هو والأمة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [الأحزاب: 1]، ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الأحزاب: 2].



إن من مقتضيات العقيدة استحالة اللقاء أو التوفق مع الكفر وأعوانه، والتبرؤ من الكفر ونظامه وآلياته ثم معاداته، ويستلزم ذلك مفارقته والتميز عنه ومفاصلته، وعلى المؤمنين اتباع وحي الله، ففي ذلك سلامتهم؛ لأن مخالفة أمر الله يؤدي إلى الفتنة، وفي القرآن آيتان يجب الانتباه إليهما وأخذهما بمحمل الجد والاهتمام:

الأولى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115].



الثانية: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].



ومن مقتضيات العقيدة الرضا التام بأمر الله تعالى وقضائه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36].



وحسب ما جاء في كتب التفاسير، فإنه إذا كانت الآية نزلت في خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لفتاه زيد بن حارثة، أو كانت في خطبته عليه الصلاة والسلام امرأة من الأنصار لجليبيب رضي الله عنه، فإنه كما قال ابن كثير رحمه الله: (فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد ها هنا، ولا رأي ولا قول، وكما قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وفي الحديث: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، ولهذا شدَّد في خلاف ذلك، فقال في آية الأحزاب: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].



اشتملت السورة على بعض الجوانب التشريعية لحياة الأمة الإسلامية التي تصون الأعراض، وتحفَظ على المجتمع طهارته وعفافه؛ كالحجاب والقرار في البيوت، كما تعالج بعض العادات الجاهلية كالتبني والظهار.



ومن مظاهر الجاهلية التي تأباها العقيدة: التبرج، فهو صفة من صفات المجتمعات الجاهلية التي جاء الإسلام ليمحوها بفرض الحجاب، ووضع تدابير من شأنها إشاعة جو العفاف والطهر، ومنع الفواحش ما ظهر منها وما بطن: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53]، ثم بيان أصناف المحارم التي لا يجوز للمرأة أن تنكشف إلا لهنَّ؛ كالأب والأبناء والأخوة وأبنائهم، وأبناء الأخوات والنساء المسلمات: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴾ [الأحزاب: 55].



والعقيدة أمانة وتكاليفها أمانة لا مفرَّ للإنسان منها؛ لأنه إن قام بها وأدى ما عليه، جوزِي بالخير خيرًا، وإن لم يؤدِّ ما عليه، جوزِي بالشر وما جنته يداه شرًّا: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، ذكر الإمام الطبري أن الأمانة هي الفرائض التي افترضها الله.. وقيل: الطاعة، الأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث، وأشد ذلك الودائع، وقيل: جميع معاني الأمانات، (إنه كان ظلومًا) لنفسه، (جهولًا) فيما احتمل فيما بينه وبين ربه.

سهام الروح
10-24-2020, 10:51 PM
جزاك الله خير
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودامت لنا روعة مواضيعك
كلنا شوق لجديدك القادم
لروحك اكاليل الورد

سمو الروح
10-24-2020, 11:05 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمتي

قمر هـادي
10-25-2020, 10:59 AM
كل الشكر للموضوع المميز
إنتقاء راق لي
تقديري
https://sowarward.com/wp-content/uploads/2017/06/zzzz%20(7).gif

ابو خالد
10-25-2020, 04:32 PM
موضوع قمة الروعه والجمال
أسعدني جداً
الله يعطيك العافيه

لـولـو
10-25-2020, 07:01 PM
موضوع رائع ومميز
طرحت فابدعت دمت ودام عطائك
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك
لكـ خالص احترامي

هويد الليل
10-25-2020, 07:24 PM
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

الروح الهائمه
10-26-2020, 03:52 AM
سلمت الأكُف .. وسلِم لنا هذا الانتقاء المميز
اسعدك الله , ولك الشكر أبدًا وَ مددًا ..
‏كل الــود و التقدير لشخصّك

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn%3AANd9GcTTMmZdrzeZMk4cemFLYvodZVOaEMULR-LiGg&usqp=CAU

هويد الليل
10-26-2020, 07:20 PM
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

نبضات قلب
10-26-2020, 07:28 PM
عِطاءْ رآقيُ وَجميلْ .. تسِلم ايُديكْ يآربَ ..
ولاعَدمنا جمُآل إطِلالتك
تقِديُري ِ

هويد الليل
10-26-2020, 10:49 PM
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

محروم
10-29-2020, 08:03 PM
يَعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

هويد الليل
10-30-2020, 05:44 PM
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

- آتنفسك❀
11-17-2020, 09:09 PM
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن ,,~

هويد الليل
11-18-2020, 01:29 PM
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

حلا
11-18-2020, 06:22 PM
جزاك الله خير
وجعله الله في ميزان حسناتك

هويد الليل
11-19-2020, 10:46 AM
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

تاليا
02-19-2024, 11:30 PM
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته

غرام
02-20-2024, 12:04 AM
جزاك الله خير
كُلّ الثُنايَا وْ التُقديرَ لفَائِق العُنايةَ بالطُرحَ المُفيدَ
دُمتّ وْ الضُياءْ