المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجناية بين الرجل والمرأة فيما دون النفس عمدا


حلم مستحيل
05-28-2022, 10:45 PM
الجناية بين الرجل والمرأة فيما دون النفس عمدا


المراد بهذه المسألة: إذا جنت المرأة على الرجل جناية دون القتل، أو جنى الرجل على المرأة جناية دون القتل، هل يجري بينهما من القصاص كما يجري بين النوع الواحد؟



تحرير محل النزاع:

أجمع أهل العلم على وجوب القصاص بين الرجال والنساء في النفس عمدا كما تقدم، ولكنهم اختلفوا في وجوبه بينهم فيما دون النفس عمدا على قولين.



وسبب اختلافهم:

أن من قال بعموم الأدلة في القصاص قال بوجوب القصاص بينهم، ومن لم يقل بالعموم قال بعدم الوجوب.



أقوال العلماء في وجوب القصاص بين الرجال، والنساء فيما دون النفس عمدا:

القول الأول: يجب القصاص بينهم.



القائلون به:عمر بن عبد العزيز[1]، وسفيان الثوري[2]، وأبو ثور[3]، وأبو الزناد[4]، وربيعةبن أبي عبد الرحمن[5]، والمالكية[6]، والشافعية[7]، والحنابلة[8]، وقول عند الحنفية[9]، وإسحاق بن راهويه[10]، وابن أبي ليلى[11]، وإبراهيم النخعي[12]، وابن المنذر[13].



الأدلة التي استدلوا بها:

أولا: القرآن الكريم:

قول الله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ ) [المائدة:45].



وجه الدلالة: هذا عام في كل ذكر وأنثى، ولم يفرق[14]، وإن كانت هذه الآية وردت في التوراة؛ فإن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد في القرآن، أو في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينسخ[15].



ثانيا: السنة النبوية:

عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ»[16].



وجه الدلالة: لما كافأت المرأة الرجل في النفس، وهو أعظم خطرا مما دون النفس كان ما دون النفس أحرى أن تكون كافأته فيه[17].



ثالثا: الآثار:

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: «تُقَادُ المَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ، فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنَ الجِرَاحِ»[18].



أجيب بأنه ضعيف لا يثبت عنه[19]؛ لعنعنة ابن جريج وهو كثير التدليس[20]، وعبد العزيز بن عمر صدوق يخطئ[21]، وعمر بن عبدالعزيز لم يسمع من عمر رضي الله عنه[22].



رابعا: الإجماع:

أجمع أهل العلم على أن كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس جرى القصاص بينهما فيما دون النفس، فتقطع يد الحر المسلم بيد الحر المسلم، ويد الكافر بيد الكافر، ويد المرأة بيد المرأة[23].



أجيب بأنه ثبت الخلاف كما سيأتي.



خامسا: المعقول:

1- لأنهم لما أجمعوا على أن نفسه بنفسها وهي أكبر الأشياء، واختلفوا فيما دون ذلك، رُدَّ ما اختلفوا فيه على ما أجمعوا عليه؛ لأن الشيء إذا أبيح منه الكثير كان القليل أولى[24].



2- لأن كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس جرى فيما دون النفس، كالرجلين[25].



3- لأن كل قصاص جرى بين الرجلين والمرأتين جاز أن يجري بين الرجل والمرأة كالنفوس[26].



4- لأن من أقيد به في النفس إنما أقيد به لحصول المساواة المعتبرة للقود فوجب أن يقاد به فيما دونها[27].



القول الثاني:لا يجب القصاص بينهم.



القائلون به:حماد بن أبي سليمان[28]، والمشهور عند الحنفية[29].



الأدلة التي استدلوا بها:

استدلوا بالمعقول:

1-لأنه لا مماثلة بين طرف الرجل وطرف المرأة في المنفعة ولا في البدل؛ للتفاوت بينهما في القيمة بتقويم الشارع، والمماثلة معتبرة في القصاص في الأطراف، بدليل أن الصحيح لا يقطع بالأشل، ولا كامل الأصابع بناقص الأصابع[30].



أجيب بأنه لا يصح من ثلاثة أوجه:

أحدها:أنه لو جنى كاتب، أو صانع، أو محارب على من ليس بكاتب، ولا صانع، ولا محارب فإنه يُؤخذ به[31].



الثاني:أنه يبطل بالقصاص في النفس، فإن التكافؤ معتبر، بدليل أن المسلم لا يقتل بمستأمن، ثم يلزمه أن يأخذ الناقصة بالكاملة؛ لأن المماثلة قد وجدت وزيادة، فوجب أخذها بها إذا رضي المستحِق، كما تؤخذ ناقصة الأصابع بكاملة الأصابع، فعلم أنها ليست ناقصة عنها شرعا[32].



الثالث:أن المماثلة غير مطردة؛ فأطراف العبد تماثل أطراف الحر في المنافع، ومع ذلك لا يجري فيها قصاص[33].



2- لأن ما دون النفس يسلك به مسلك الأموال؛ لأنها وقاية للأنفس، كالأموال[34].



أجيب بأنه قياس في معارضة عموم النص[35]، وهو قوله تعالى: (و َكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ ) [المائدة:45]، فلا يصح؛ لأن من شرط القياس ألا يخالِف نصًّا، فمتى خالف النصَّ فسد، ولم يُعتدَّ به[36].



الترجيح: أرى أن الراجح أن القصاص يجري بين المرأة والرجل فيما دون النفس عمدا؛ لأمرين:

أحدهما:قوة أدلة القائلين بجريان القصاص بينهما، وضعف أدلة المخالفين.



الآخر:عموم النصوص الواردة في القصاص، ولم يثبت التفريق، ولو جاز لنصَّ الشارعُ الحكيم عليه.


[1] يُنْظَر: عبد الرزاق، مصنف عبد الرزاق، (17978)، وابن أبي شيبة، المصنف، (27486)، والبخاري، صحيح البخاري (9/ 7).

[2] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 47)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 347).

[3] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 47)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 347).

[4] يُنْظَر: البخاري، صحيح البخاري (9/ 7).

[5] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 47)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 347).

[6] يُنْظَر: مالك بن أنس، موطإ مالك، (2/ 875)، المدونة الكبرى، (4/ 652)، وابن غانم، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، (2/ 194).

[7] يُنْظَر: الشافعي، الأم، (7/ 53)، والماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، (12/ 26)، والعمراني، البيان في مذهب الإمام الشافعي، (11/ 358)، والشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، (5/ 253).

[8] يُنْظَر: الكوسج، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، (2383)، وابن قدامة، المغني، (11/ 501)، والمرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، (25/ 229).

[9] يُنْظَر: الحصفكي، الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار، صـ (704).

[10] يُنظَر: الكوسج، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، (2383)، وابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 47)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 347).

[11] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 47)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 347).

[12] يُنْظَر: البخاري، صحيح البخاري (9/ 7).

[13] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 48)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 348).

[14] يُنْظَر: الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، (12/ 26)، وأبو الوليد الباجي، المنتقى شرح الموطأ، (7/ 96)، وابن العربي، المسالِك في شرح موطأ مالك، (7/ 60)، والعمراني، البيان في مذهب الإمام الشافعي، (11/ 358).

[15] يُنْظَر: ابن العربي، المسالِك في شرح موطأ مالك، (7/ 60).

[16] صحيح: أخْرجَهُ أبو داود (4530)، باب إيقاد المسلم بالكافر، والنسائي (4734)، باب القود بين الأحرار والمماليك في النفس، وأحمد (993)، وصححه الألباني. [يُنْظَر: الألباني، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، (7/ 266-267)].

[17] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 48)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 348).

[18] صحيح: أخْرجَهُ البخاري (9/ 7) معلقا بصيغة التمريض، وأخرجه موصولا عبد الرزاق الصنعاني، المصنف، (17976)، وابن أبي شيبة، المصنف، (27244)، وابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (9305)، وقال: ولا يثبت عنه.

[19] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 47).

[20] يُنْظَر: ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، (4193).

[21] السابق، (4113).

[22] يُنْظَر: المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: د. بشار عواد معروف، طبعة: مؤسسة الرسالة- بيروت، ط1، 1400هـ، 1980م، (21/ 434).

[23] يُنْظَر: العمراني، البيان في مذهب الإمام الشافعي، (11/ 358).

[24] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 48)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 348).

[25] يُنْظَر: الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، (12/ 26)، والعمراني، البيان في مذهب الإمام الشافعي، (11/ 359)، وابن العربي، المسالِك في شرح موطأ مالك، (7/ 60، 91-92)، وابن قدامة، المغني، (11/ 502).

[26] يُنْظَر: الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، (12/ 26).

[27] يُنْظَر: إبراهيم ابن مفلح، المبدع في شرح المقنع، (7/ 248)، والبهوتي، كشاف القناع عن الإقناع، (13/ 297).

[28] يُنْظَر: ابن المنذر، الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف، (13/ 48)، والإشراف على مذاهب العلماء، (7/ 347).

[29] يُنْظَر: السرخسي، المبسوط، (26/ 136)، والكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (7/ 310)، والزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، (6/ 112)، وابن عابدين، حاشية ابن عابدين «رد المحتار على الدر المختار»، (6/ 554).

[30] يُنْظَر: السرخسي، المبسوط، (26/ 136)، والكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (7/ 310)، والزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، (6/ 112).

[31] يُنْظَر: الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، (12/ 26).

[32] يُنْظَر: ابن قدامة، المغني، (11/ 502).

[33] يُنْظَر: الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، (12/ 26).

[34] يُنْظَر: السرخسي، المبسوط، (26/ 137)، والكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (7/ 310)، والزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، (6/ 112).

[35] يُنْظَر: الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، (12/ 26)، وأبو الوليد الباجي، المنتقى شرح الموطأ، (7/ 96)، والعمراني، البيان في مذهب الإمام الشافعي، (11/ 358).

[36] يُنْظَر: الخطيب البغدادي، الفقيه والمتفقه، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، طبعة: دار ابن الجوزي- المملكة العربية السعودية، ط2، 1421هـ، (1/ 332)، الرازي، المحصول، تحقيق: د. طه جابر فياض العلواني، طبعة: مؤسسة الرسالة- بيروت، ط3، 1418هـ، 1997م، (3/ 360)، وابن النجار، شرح الكوكب المنير، (3/ 571-572).

خلود المشاعر
05-29-2022, 12:29 AM
تسلم على الطرح
والله يعطيك العاافية
الشكر وكل الشكر على المجهووود
خلود المشاعر

ريآن
05-29-2022, 05:08 AM
جزيتم الجنان
ورضى الرحيم الرحمن
أدام الله سعادتكم
ودمتم بــ طاعة الرحمن

ريان

عطر الورد
05-29-2022, 06:54 AM
انتقاء رائع
سلمت اناملك والله يعطيك العافيه
لاحرمنا حضورك وطرحك
لقلبك السعاده

شيخة الـزين
05-29-2022, 07:13 AM
طرح في قمة ـآإآلروؤوؤعة ..


آإآختيـآإآر رآإآق لي كثيرآإآ ..

تسلم لنآإآ ـآلانآإآمل ـآإآلذهبية على هيك طرح رآإآقي ..
عطآإآك ـآإآلرب ـآإآلف ع ـآإآفية ..
ودي وعبير وؤوؤردي ..


















https://i.skyrock.net/1262/94461262/pics/3272008634_1_14_ovmg9dyX.gif

ملااااك الروح
05-29-2022, 07:59 AM
سَلِمَتْ يدآك على رَوْعَة الطَّرْحْ
وَسَلِمَ لنآ ذوقك الراقي عَلَى جَمَآلِ الاختيار
لَگـ كُلَّ الشُّكْرِ والتقدير

ملامح طفله
05-29-2022, 10:24 AM
طرح جميل و مميز
يعطيك العافيه

حلا
05-29-2022, 03:28 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمت

الامل الذهبي
05-29-2022, 09:00 PM
بارك الله فيك
يجزيك الف خير وبركة / لاعدمناك

محروم
05-29-2022, 09:09 PM
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

قمر هـادي
05-30-2022, 05:40 PM
كل الشكر للطرح القيم
موضوع مميز وراقي
شكري وتقديري

غرام
01-07-2024, 08:07 PM
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك
وانارالله دربك بالايمان
ماننحرم من جديدك المميز
امنياتي لك بدوام التألق والابداع
دمـت بحفظ الله ورعايته

تاليا
01-14-2024, 03:09 PM
جَزآكـَ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـْ عَ آلطَرْحْ آلهآمْ
مَجْهودٌ وَآضِحْ وَعَطآءٌ دَآئِمْ