قائلاً لي: "الله يرحم والديك، زوجتي ولدت قبل كم يوم ولا عندي قيمة حليب الطفل، تكفى ساعدني"، بادرته بسؤال خاطف: "ما دام ما عندك فلوس الحليب، ليش تتزوج؟"، اندهش من سؤالي وقال: "والله عاد وش نسوي؟"
هذا الموقف يطرح لنا عدة تساؤلات: هل يدرك شبابنا المعنى الحقيقي للزواج؟، أم أن المسألة لا تتعدى فكرة "أبغى أتزوج وبس"؟، وهل من يتمنى الزواج لديه القدرة المادية على ذلك؟، أم أن الموضوع لا يتجاوز "أتزوج وبتزين الأمور بعدين"؟
للأسف إن أكثر شبابنا لا يعي أن الزواج مسؤولية كبيرة تتطلب التفرغ التام من قبلهم لتلك الحياة الجديدة، قد يعترضني أحدهم ويقول: "انت متحمل على الشباب"، ليكون جوابي: "راجع المحكمة وبتشوف بعينك صكوك الطلاق هناك".
إن أغلب حالات الطلاق وقعت بسبب أن الشباب لم يوفرون الظروف المناسبة لاستمرار عش الزوجية، يتزوج وينجب الأبناء، فيتفاجأ فيما بعد أن الضغوط تزداد عليه، وأنه لا يمكن أن يتعايش معها، ليتخلص ممن كان السبب في ذلك وهي زوجته، غير مبالٍ بما يحصل من نتائج سلبية في حال كان هناك أبناء.
أحد الشباب سألته وقلت له: "هل ترى نفسك زوجاً؟"، أجاب: "نعم"، سألته سؤال آخر: "هل ترى نفسك أباً"، قال لي: "لا، ما ظنيت"، سألته: "لماذا؟"، قال: "أنا ما أتحمل إزعاج أبناء أخواتي، تبغاني أتحمل أكون أب!"، إذن المسألة أن الشباب يتمنون أن يكونوا أزواجاً لكنهم لا يريدون تحمل تبعات ذلك الزواج، قد يقول أحدهم: "لا تُعمم حديثك"، فأقول له: "أنا لا أُعمم، ولكن التمست ذلك من خلال مجالستي لبعضهم، حيث اتضح لي أنهم بعيدون عن مفهوم الزواج ومسؤولياته المتعددة".
طرف بعيد عن الموضوع قد يرى أن مقالي هذا يدعو إلى عدم تزويج الشباب، وهنا تظهر مشكلة أخرى وهي سوء الفهم، فأنا لم أكتب: "لا تزوجوا الشباب"، وإنما كل ما وددت طرحه هو أن يعي الشباب والشابات أنهم مقبلون على مشروع كبير، له شروطه وأولياته وكذلك تضحياته، أما سالفة "زوجوني وما عليكم" فهذه لا يمكن أن تقود إلى حياة زوجية هانئة.
وأخيراً عزيزي الأب وعزيزتي الأم لا تزوجوا بناتكم إلاّ لمن هم مشهود لهم بتحمل المسؤولية، عبر تكثيف السؤال عنهم، مع الابتعاد عن تزويجهن بطريقة "شكله طيب وحبّوب"، والتي قد تؤدي إلى وقوع المشاكل والخلافات، وربما انتهت القصة على طريقة "شيلي أغراضك وعلى بيت أبوك"!
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف