بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي الى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم وبعد: قال يعالىوأعلموا ان فيكم رسول الله) والاتيان هنا بلفظ ( وأعلموا) يقتضى دلالتين هامتين إحداهما صيغة الامر , والثانية مضمون الايمان والاقرار , والمعنى يجب عليكم ان تؤمنوا إيماناً قاطعاً بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم . والاتيان فى الآية بالخبر قبل المخبر عنه يفيد التوكيد والاهمية , فكل صيغة امر وردت بلفظ العلم تفيد الايمان والاقرار والقطع , من ذلك قوله تعالى( فأعلم انه لا إله الا الله) . واذا قلنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان بيننا ولا فينا إلا ايام الوحى والرسالة فسنقول تبعاً لذلك ان شهادة ان لا إله الا الله وان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع اركان الاسلام وأوامر الله تعالى ونواهيه ما كانت واجبة علينا إلا ايام الوحى والرسالة , فالاطلاق أصل والقيد فرع وكل مالم ينص على قيده فهو مطلق , أم ان نقيد بعض الايات المطلقة حسبما يرد على خواطرنا ويتماشى مع اذواقنا وأمزجتنا فليس هذا من سنن التمسك بالشرع . والذى ينظر فى إعجاز القرآن العظيم وبلاغته يرى انه يخاطب الايمان من وراء استار الحواس وجدران الكثافة الجسمية (وأعلموا ان فيكم رسول الله) وإلا فما احد من الصحابة فى ذلك الوقت يجهل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم إذ هو قائم بين ظهرانيهم وماثل بين نواصيهم , فالمخاطب الايمان لا حاسة البصر ولا السمع ولا اللمس . ومن أدل الدليل بعد القرآن العظيم على انه فينا أحاديثه صلى الله عليه وسلم التى تصرح بوجوده مع كل ميت فى القبر , اخرج البخارى ومسلم عن اسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من شىء كنت لم أره إلا رأيته فى مقامى هذا حتى الجنة والنار ولقد أوحى إلى أنكم تفتنون فى القبور مثل أو قريباً من فتنة الدجال يؤتى احدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن او الموقن فيقول: هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا فيقال له نم صالحاً فقد علمنا ان كنت لموقناً , واما المنافق او المرتاب فيقول : لا ادرى سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته) والاحاديث فى ذلك كثيرة , وما يدل هذا الحديث الذى اوردناه ويؤكد على ان كل ميت فى المشرق والمغرب مع كثرة من يموتون فى الدقيقة الواحدة يسأله الملكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس معه فى القبر . هذا بالاضافة إلى انه صلى الله عليه وسلم معنا فى الصلاة نخاطبه فى الصلاة وهى مناجاة الرب - السلام عليك ايها النبى - فكيف يستساغ العبث فى أفضل العبادات واجل القربات الى الله تعالى وهى الصلاة بمخاطبة غائب أو معدوم . ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القاسم لجميع الارزاق الحسية والمعنوية , واذا مات القاسم وأنتهى امره قطعت الارزاق وتلاشت المرزوقات . ففى صحيح البخارى ومسلم عن معاوية بن ابى سفيان رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلمقال من يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين وإنما انا قاسم والله يعطى ولن تزال هذه الامة قائمة على امر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى امر الله) قال تعالى مخاطبا نبيه ( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ) وقال تعالى (لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) وقال تعالى (النبى أولىبالمؤمنين من انفسهم) والحاصل ان حقيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفنى ولها التصرف المطلق فى صورته ظهوراً وخفاءً, فإذا كشف الغطاء لأحد عباد الله فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً أو مناماً لا يقظة أو هما معاً فليس فى هذا ما ينكره المتبصر فهو ظاهر لانه خليفة الظاهر والظاهر اذا شوهد كان ذلك جائز اً فى حقه وكونه خليفة لله فهذا امر قد أثبته له المولى عز وجل بقوله تعالى (وما ارسلناك إلا كافة للناس) فهذه الرسالة المطلقة تحمل فى طياتها الخلافة المطلقة . وهو صلى الله عليه وسلم باطن لأنه خليفة الباطن , والباطن اذا احتجب كان ذلك جائزاً فى حقه , وهو قريب لأنه خليفة القريب (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب) فهو إذا حاضر للسؤال فى كل وقت وقريب لدى كل سائل , قريب بالرضى والعطاء لمن تاب وآمن وعمل صالحاً وقال اننى من المسلمين , وقريب بالغضب والجفاء لمن كفر واعرض
وإنى رحمانية الله عند من يحب ونار للطريد المجادل
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف