ننتظر تسجيلك هـنـا

 

{ إعلانات سـهام الروح اَلًيومُية ) ~
 
 
   
( فعاليات سـهام الروح )  
 
 

 

♥ ☆ ♥اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 3,460
عدد  مرات الظهور : 57,699,359
عدد مرات النقر : 3,698
عدد  مرات الظهور : 56,604,225
عدد مرات النقر : 3,091
عدد  مرات الظهور : 54,995,941
عدد مرات النقر : 4,711
عدد  مرات الظهور : 30,173,470
عدد مرات النقر : 2,793
عدد  مرات الظهور : 25,461,320منتديات سهام الروح
عدد مرات النقر : 2,870
عدد  مرات الظهور : 60,488,316
عدد مرات النقر : 3,446
عدد  مرات الظهور : 60,159,640
عدد مرات النقر : 4,544
عدد  مرات الظهور : 60,488,419
عدد مرات النقر : 4,394
عدد  مرات الظهور : 53,326,620

عدد مرات النقر : 2,210
عدد  مرات الظهور : 37,756,116
♥ ☆ ♥تابع اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 2,149
عدد  مرات الظهور : 31,073,475مركز رفع سهام الروح
عدد مرات النقر : 5,158
عدد  مرات الظهور : 60,488,235مطلوب مشرفين
عدد مرات النقر : 2,616
عدد  مرات الظهور : 60,488,227

الإهداءات



الملاحظات

› ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 10-23-2021, 08:26 PM
حلم مستحيل غير متواجد حالياً
مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل Cadetblue
 عضويتي » 2389
 جيت فيذا » Oct 2020
 آخر حضور » 04-14-2024 (11:06 PM)
آبدآعاتي » 78,154
الاعجابات المتلقاة » 3918
الاعجابات المُرسلة » 38
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » حلم مستحيل will become famous soon enough
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »  1
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي فوائد وتنبيهات في الأدعية والأذكار



فوائد وتنبيهات في الأدعية والأذكار


المتأمل في الأحاديث النبوية، والآثار الثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين لهم رحمهم الله يجد التسهيل في دعاء الله، وذكره بما لم يرد التنصيص عليه، وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد أن علمهم التشهد: ((ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو))، وهذه بعض الأحاديث والآثار التي تبين ذلك:
1- عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال: كنا يومًا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف، قال: ((من المتكلم؟))، قال: أنا، قال: ((رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أولًا))؛ رواه البخاري (799).

2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلًا جاء، فدخل الصف وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: ((أيكم المتكلم بالكلمات؟))، فأرم القوم، فقال: ((أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأسًا))، فقال رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال: ((لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيهم يرفعها))؛ رواه مسلم (600).

3- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من القائل كلمة كذا وكذا؟))، قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، قال: ((عجبت لها، فُتِحت لها أبواب السماء))، قال ابن عمر: (فما تركتهنَّ منذ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك)؛ رواه مسلم (601)، ففي هذه الأحاديث الثلاثة إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الصحابة الكرام في هذه الأدعية، وقد جاء عن عبدالله بن عمر أنه كان أحيانًا يزيد في دعاء الاستفتاح هذا دعاء آخر، قال عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه (2560): عن الثوري عن أبي إسحاق عن الهيثم بن حنش أنه رأى ابن عمر وصلى معه إلى جنبه، فقال: (الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، اللهم اجْعَلْكَ أحبَّ شيء إليَّ، وأخشى شيء عندي)، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2407)، وسيأتي عن ابن عمر أنه كان يدعو بهذا الدعاء الأخير في السجود أيضًا.

4- عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأهل النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد ((لبيك اللهم، لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك))، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يُرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته)، رواه مسلم (1218). وفي رواية أحمد بن حنبل في مسنده (14440): (لبى الناس، والناس يزيدون: ذا المعارج، ونحوه من الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع، فلم يقل لهم شيئًا)، وذكره الألباني رحمه الله في كتابه ((حجة النبي صلى الله عليه وسلم)) محتجًّا به، وقال معلقًا عليه (ص: 54): "هذا يدل على جواز الزيادة على التلبية النبوية، لإقراره صلى الله عليه وسلم لهم لها، وبه قال مالك والشافعي".

5- عن عمير بن سعيد النخعي قال: كان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يدعو بهذه الدعوات بعد التشهد: (اللهم إني أسألك من الخير كله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك خير ما سألك عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك الصالحون، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201] ربنا إننا آمنَّا، ﴿ فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 193، 194]؛ رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (29258) بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم، وفي هذا الأثر فائدة عظيمة، وهي مشروعية الدعاء بأدعية القرآن في الصلاة، وهي أفضل الأدعية، ونحو هذا ما رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/ 304) بإسناد حسن عن أبي بردة الأشعري قال: صليت إلى جنب عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فسمعته حين سجد وهو يقول: (اللهم اجْعَلْكَ أحب شيء إلي، وأخشى شيء عندي، وسمعته يقول في سجوده: ﴿ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17])، ولكن إذا دعا المصلي بأدعية القرآن لا ينوي بها تلاوة القرآن، لكراهة قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد؛ يُنظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (27/ 98، 99).

6- عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقول في دبر الصلاة: (تمَّ نورُك فهديتَ فلك الحمد، وعظم حِلمُك فعفوتَ فلك الحمد، وبسطتَ يدك فأَعطيتَ فلك الحمد، ربنا وجهُك أكرمُ الوجوه، وجاهُك خيرُ الجاه، وعطيَّتُك أنفع العطايا، تُطاع ربنا فتَشْكُر، وتُعصى ربنا فتَغْفِر، تجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتنجي من الكرب، لا يجزي بآلائك أحد، ولا يحصي نعمك قول قائل)؛ رواه ابن أبي شيبة (29257)، والطبراني في الدعاء (734)، وإسناده حسن.

7- عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت: كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسَحَرٍ فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: (اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك)، قالت: ثم يؤذن، قالت: والله ما علمته كان تركها ليلة واحدة تعني هذه الكلمات؛ رواه أبو داود (519)، وحسنه الألباني.

8- عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول ثلاثًا على الجنائز: (اللهم أصبح عبدك فلان، إن كان صباحًا، وإن كان مساءً، قال: أمسى عبدك قد تخلى من الدنيا وتركها لأهلها، وافتقر إليك واستغنيت عنه، وكان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدًا عبدك ورسولك، فاغفر له، وتجاوز عنه)؛ رواه عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه (6421) بإسناد صحيح، هذا مع أن الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء للميت في صلاة الجنازة أدعية أخرى غير هذا، لكن الأمر واسع، والمقصود الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة.

9- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا طلع الفجر وهو مسافر نادى: (سمَّع سامعٌ بحمد الله ونعمه علينا، وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا، وأفضل علينا، عائذًا بالله من النار)؛ رواه عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه (9237) من طريق يزيد بن صهيب الفقير عن ابن عمر، ورواه معمر بن راشد في الجامع (20929) من طريق يزيد بن أبي زياد عن ابن عمر، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (29611)، من طريق مجاهد عن ابن عمر، وفي رواية مجاهد أن ابن عمر قالها ثلاثًا، وقد ثبت هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقولها مرة، روى مسلم في صحيحه (2718) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر وأسحر يقول: ((سمَّع سامعٌ بحمد الله وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا وأفضل علينا، عائذًا بالله من النار))، فيستفاد من فعل ابن عمر أنه لو كرر الإنسان ما ورد الدعاء به من غير تحديد، فجعله ثلاثًا فلا حرج عليه، ولا يقال عنه: إنه خالف السنة، وإن كان الأولى التقيد بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما قاله مرة قلناه مرة، وما كرره كررناه، والله أعلم.

10- روى مالك في الموطأ (2094) عن عامر بن عبدالله بن الزبير أن أباه عبدالله بن الزبير كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته)، ثم يقول: (إن هذا لوعيدٌ لأهل الأرض شديد)؛ رواه مالك في الموطأ (2094) رواية أبي مصعب، وإسناده صحيح، وعن عبدالله بن طاوس اليماني أن أباه كان إذا سمع الرعد قال: (سبحان من سبَّحْتَ له)؛ رواه ابن أبي شيبة (29212) بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم، فمن قال حين يسمع الرعد هذا الدعاء أو ذاك فقد أحسن، ولا يقال: إنه قال شيئًا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالأمر واسع.

11- روى البخاري (6224) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم))، وروى أحمد (995) وابن ماجه (3715) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال، وليُقل له: يرحمكم الله، وليقل هو: يهديكم الله، ويصلح بالكم))؛ حسنه الأرناؤوط وصححه الألباني، فهذا الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت عن ابن عمر دعاء آخر، قال مالك في الموطأ (2/ 965): عن نافع أن عبدالله بن عمر كان إذا عطس فقيل له: يرحمك الله؟ قال: (يرحمنا الله وإياكم، ويغفر لنا ولكم)، وروى الترمذي (2738) عن نافع أن رجلًا عطس إلى جنب ابن عمر، فقال: الحمد لله، والسلام على رسول الله، قال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله، وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمنا أن نقول: (الحمد لله على كل حال)، وهذا الأثر حسنه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/ 681)، وقال: "يدل على المنع من الزيادة على الأذكار والأوراد الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، كزيادة "الرحمن الرحيم" في التسمية على الطعام؛ لأنه زيادة على النص فعلًا، فهو بالمنع أولى؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: ((قل: باسم الله)) تعليم للفعل، فإذا لم يجز الزيادة في التعليم الذي هو وسيلة للفعل، فلأن لا يجوز الزيادة في الفعل الذي هو الغاية أولى وأحرى، فالحديث من الأدلة الكثيرة على رد الزيادة في الدين والعبادة، فتأمل في هذا واحفظه، فإنه ينفعك إن شاء الله تعالى في إقناع المخالفين، هدانا الله وإياهم صراطه المستقيم"؛ انتهى كلام الألباني مختصرًا، وفي كلامه رحمه الله نظر، فقد روى البخاري (2057) من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام أمره أصحابه بالأكل، فقال: ((سموا الله))، وروى البخاري (5376) ومسلم (2022) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: ((يا غلام، سم الله، وكل بيمينك))، فإطلاق الأمر بالتسمية يدل على جواز إكمال البسملة بذكر الرحمن الرحيم، ولا يوجد نهي عن إتمامها في الأكل أو الشرب، والقول بأن إتمامها عند الأكل لا يجوز يرد عليه ما ذكرناه في هذا البحث من إثبات التسهيل في الأدعية والأذكار، قال المناوي رحمه الله في ((فيض القدير)) (1/ 152) في شرح حديث: ((اجتَمِعُوا على طَعامِكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ الله يُبارِكْ لَكُمْ فيهِ)): "بأن تقولوا في أوله: بسم الله، والأكمل إكمال البسملة"، ومثل ذلك حمد الله عند العطاس، فلو قال العاطس: الحمد لله، فقد عمل بالسنة، وكذلك لو قال: الحمد لله على كل حال، فقد عمل بالسنة، ولو قال أيضًا: الحمد لله رب العالمين، فلا بأس، ولم يخالف السنة، وقد روى البخاري في الأدب المفرد (934)، وصحَّحه الألباني عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين، وليقل من يرد: يرحمك الله، وليقل هو: يغفر الله لي ولكم)، وهكذا من قال عند انتهائه من أكله أو شربه: الحمد لله رب العالمين، ولم يقتصر على قول: الحمد لله، فقد أحسن وأصاب، فكلا الصيغتين يحصل بها حمد الله، والأمر سهل بحمد الله.

فيا أيها القارئ الكريم، الدين يُسر، وعلى المسلم أن يحرص على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن السنة التيسير وعدم التعسير، ومن السنة التسهيل في دعاء الله وذكره بما لم يرد التنصيص عليه، قال الشوكاني رحمه الله في ((الدراري المضية شرح الدرر البهية)) (1/ 91): "الأحاديث في الأذكار الكائنة في الصلاة كثيرة جدًّا، فينبغي الاستكثار من الدعاء في الصلاة بخيري الدنيا والآخرة، بما ورد وبما لم يرد".

وفي هذا رد على من يشدد في أدعية الصلاة, ويقول مثلًا ببدعية الاستغفار للوالدين بين السجدتين؛ لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بين السجدتين: ((رب اغفر لي))، أو قال: ((رب اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني، وعافني، وارزقني، وارفعني))، وقد أجاز ابن تيمية رحمه الله الاستغفار للوالدين بين السجدتين كما نقله عنه ابن القيم في كتابه ((مفتاح دار السعادة)) (1/ 298)، وأجازه كذلك ابن باز رحمه الله كما في ((فتاوى نور على الدرب)) (8/ 323)، وابن عثيمين رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه)) (13/ 404)، فمن دعا بين السجدتين بالوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا أيضًا لوالديه فقد أصاب وأحسن إلى والديه، ولم يقَع في بدعة.

فائدة مهمة: خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هديه التنويع في الدعاء وذكر الله وعبادته، فكثير من العبادات جاء فيها تنويع العبادات تيسيرا على العباد، حتى في قراءة القرآن الكريم جاء التيسير بتنوع القراءات، وهكذا في صفات العبادات، مثل صيغ أدعية الاستفتاح، ومثل صلاة الوتر ثلاث متصلة أو ركعتان ثم ركعة، ومثل إفراد الإقامة أو تثنيتها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)) (22/ 356 - 368): "قاعدة في صفات العبادات الظاهرة التي حصل فيها تنازع بين الأمة في الرواية والرأي، مثل: الأذان، والجهر بالبسملة، والقنوت في الفجر، والتسليم في الصلاة، ورفع الأيدي فيها، ووضع الأكف فوق الأكف، ونحو ذلك، فإن التنازع في هذه العبادات الظاهرة أوجب أنواعًا من الفساد الذي يكرهه الله ورسوله وعباده المؤمنون: والائتلاف من أعظم الأمور التي أوجبها الله ورسوله، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، وهذا الأصل العظيم، وهو الاعتصام بحبل الله جميعًا وأن لا يُتفرق، هو من أعظم أصول الإسلام، ومما عظمت به وصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين)؛ ثم قال: عامة هذه التنازعات إنما في أمور مستحبات ومكروهات لا في واجبات ومحرمات"؛ اهـ مختصرًا.

وقال ابن تيمية أيضًا كما في ((مجموع الفتاوى)) (22/ 405 - 408): "مسألة البسملة الخطب فيها يسير، وأما التعصب لهذه المسائل ونحوها فمن شعائر الفرقة والاختلاف الذي نهينا عنها، إذ الداعي لذلك هو ترجيح الشعائر المفرقة بين الأمة، وإلا فهذه المسائل من أخف مسائل الخلاف جدًّا لولا ما يدعو إليه الشيطان من إظهار شعار الفرقة... ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات؛ لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغيير بناء البيت، لما في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر، ثم صلى خلفه متمًّا، وقال: الخلاف شر".

ومن خلاف التنوع الذي يدل على تيسير الشرع في الدعاء والأذكار: اختلاف الفقهاء في القنوت في صلاة الفجر، قال الإمام ابن جرير رحمه الله في كتابه ((تهذيب الآثار مسند ابن عباس)) (1/ 385): "القنوت فيها حسن، فإن قنت فيها قانت فبفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل، وإن ترك ذلك تارك فبرخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت فيها أحيانًا، ويترك القنوت فيها أحيانًا... معلمًا بذلك أمته أنهم مخيرون في العمل بأي ذلك شاؤوا وعملوا به،... والقنوت أمر مخير المصلي فيه وفي تركه، كالذي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمله به أحيانًا، وتركه إياه أحيانًا، تعليمًا منه أمته صلى الله عليه وسلم سبيل الصواب فيه... وكذلك القول عندنا فيما روي عن أصحابه في ذلك من الاختلاف، فإن سبيل الاختلاف عنهم فيه سبيل الاختلاف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنهم كانوا يقنتون أحيانًا على ما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وأحيانًا يتركون القنوت على ما عهدوه يترك، فيشهد قنوتهم في الحال التي يقنتون فيها قوم، فيروون عنهم ما رأوا من فعلهم، ويشهدهم آخرون في الحال التي لا يقنتون فيها، فيروون عنهم ما رأوا من فعلهم، وكلا الفريقين محقٌّ صادقٌ".

وذكر ابن حزم رحمه الله في ((المحلى بالآثار)) (3/ 57) كثيرًا من الآثار في القنوت في الفجر وفي تركه، ثم قال: "أما الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس رضي الله عنهم بأنهم لم يقنتوا، فلا حجة في ذلك النهي عن القنوت؛ لأنه قد صح عن جميعهم أنهم قنتوا، وكل ذلك صحيح، قنتوا وتركوا، فكلا الأمرين مباح، والقنوت ذكر لله تعالى، ففعله حسن، وتركه مباح، وليس فرضًا، ولكنه فضل، وأما قول والد أبي مالك الأشجعي: إنه بدعة، فلم يعرفه، ومن عرفه أثبت فيه ممن لم يعرفه، والحجة فيمن علم، لا فيمن لم يعلم".

وقال ابن القيم رحمه الله في ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) (1/ 264 - 266): "الإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف، أنه صلى الله عليه وسلم جهر وأسر، وقنت وترك، وكان إسراره أكثر من جهره، وتركه القنوت أكثر من فعله، فإنه إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم، وللدعاء على آخرين... وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة، وتركه عند عدمها... فأهل الحديث يقنتون حيث قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه، فيقتدون به في فعله وتركه، ويقولون: فعله سنة، وتركه سنة، ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعله مخالفًا للسنة، كما لا ينكرون على من أنكره عند النوازل، ولا يرون تركه بدعة، ولا تاركه مخالفا للسنة، بل من قنت فقد أحسن، ومن تركه فقد أحسن".

تنبيه مهم: لا يعني التسهيل في الأدعية والأذكار مخالفة المشروع، فالأصل الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعه واتباع أصحابه، قال الله تعالى عن نبيه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال سبحانه عن أصحاب نبيه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، فعلينا أن نحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، واتباع أصحابه بإحسان، ولا يصلح أن نخالف الأمر المشروع الذي جاء التنصيص على التعبد به، مثل أن يقرأ المصلي القرآن في ركوعه وسجوده، أو أن يقرأ غير التشهد الذي علَّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، وفي صحيح البخاري (247) ومسلم (2710) عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك، فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به))، قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولك، قال: ((لا، ونبيك الذي أرسلت)).

قال النووي رحمه الله في ((شرح صحيح مسلم)) (17/ 33): "اختلف العلماء في سبب إنكاره صلى الله عليه وسلم ورده اللفظ، فقيل: إنما رده لأن قوله: (آمنت برسولك) يحتمل غير النبي صلى الله عليه وسلم من حيث اللفظ، واختار المازري وغيره أن سبب الإنكار أن هذا ذكر ودعاء، فينبغي فيه الاقتصار على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها، وهذا القول حسن، وقيل: لأن قوله: (ونبيك الذي أرسلت فيه) جزالة من حيث صنعة الكلام، وفيه جمع النبوة والرسالة، فإذا قال: رسولك الذى أرسلت فات هذان الأمران، مع ما فيه من تكرير لفظ رسول وأرسلت، وأهل البلاغة يعيبونه".

ولهذا كان الصحيح عند أكثر الفقهاء أنه لا يجوز في تكبيرة الإحرام قول: الله أجل أو الله أعظم، بل يجب الاقتصار على قول: الله أكبر؛ يُنظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (13/ 221، 222).

وروى ابن أبي شيبة (1/ 270) عن إبراهيم النخعي أنه سئل عن الإمام إذا سلم فيقول: صلى الله على محمد، لا إله إلا الله، فقال: (ما كان مَنْ قبلَهم يصنع هكذا)، وقال أبو البختري: (هذه بدعة).

وروى الدارمي (210) أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنكر على قوم يذكرون الله في حلق في المسجد ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، فقال: (ما هذا الذي أراكم تصنعون؟!)، قالوا: يا أبا عبدالرحمن، حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: (فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء! ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد صلى الله عليه وسلم أو مفتتحو باب ضلالة!)، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: (وكم من مريد للخير لن يصيبه).

ومن البدع في الأذكار: الاستغفار أو قراءة آية الكرسي جماعة بصوت واحد بعد التسليم من الصلاة، والذكر عند غسل كل عضو من أعضاء الوضوء بدعاء معين، مثل أن يقول عند غسل الوجه: اللهم بيض وجهي، وتخصيص ذكر أو دعاء معين لكل يوم، ورفع الصوت بالذكر عند المشي بالجنازة، وغير ذلك من البدع التي لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ترد عن السلف الصالح، ولم يقل بجوازها العلماء الراسخون؛ لما فيها من المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولما فيها من التكلف والتنطع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فإنه من يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة))؛ رواه أبو داود وغيره من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.

مسألة: قد يختلف العلماء في مشروعية الشيء أو بدعيته، كالأذان الأول للجمعة الذي أحدثه عثمان رضي الله عنه لمصلحة في زمانه حين كثر الناس، وروى ابن أبي شيبة (5437) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (الأذان الأول يوم الجمعة بدعة)، لكن لم يقل: إن عثمان مبتدع، أو أن من اتَّبعه على ذلك مبتدع، وما أحسن قول الإمام الشافعي رحمه الله في هذه المسألة في كتابه ((الأم)) (1/ 224): "لا يؤذن للجمعة حتى تزول الشمس... وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد، ويجلس على موضعه الذي يخطب عليه... قال: الشافعي: أخبرني الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كانت خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان بأذان ثان، فأذن به، فثبت الأمر على ذلك؛ قال الشافعي: فالأمر الذي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليَّ، قال الشافعي: فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر، وأذن كما يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له، ولا يفسد شيء منه صلاته، وليس في الأذان شيء يفسد الصلاة؛ لأن الأذان ليس من الصلاة، إنما هو دعاء إليها، وكذلك لو صلى بغير أذان كرهت ذلك له، ولا إعادة عليه".

ومما اختلف العلماء في حكمه: صلاة التسبيح، فمن العلماء من استحبها، ورأى صحة الحديث الوارد فيها، ومنهم مَن لم يستحبها، ورأى ضعف الحديث الوارد فيها، ولا تشنيع على من أخذ بأحد القولين.

ومما اختلف العلماء في حكمه مما يتعلق بالأذكار: السُّبحة، فمن العلماء من رأى أنها بدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذ السبحة، وكان يعقد التسبيح بأصابعه، ومن العلماء من أجازها؛ لِما فيها من مصلحة عد التسبيح الذي يحتاج إلى عد، والذي يظهر أنها خلاف الأولى، والأفضل عقد التسبيح الذي يحتاج إلى عد بالأصابع، ومن استعمل السُّبحة فلا يُنكر عليه، قال ابن تيمية كما في ((مجموع الفتاوى)) (22/ 187): "قد علم بالنقل المتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكن هذا شعارهم، وكانوا يسبحون ويعقدون على أصابعهم كما جاء في الحديث: ((اعقدن بالأصابع، فإنهن مسؤولات مستنطقات))، وربما عقد أحدهم التسبيح بحصى أو نوى، والتسبيح بالمسابح من الناس مَن كَرِهَه، ومنهم من رخَّص فيه، لكن لم يقل أحد: إن التسبيح به أفضل من التسبيح بالأصابع".

وقال ابن تيمية أيضًا كما في ((مجموع الفتاوى)) (22/ 506): "عد التسبيح بالأصابع سنة، وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين تسبح بالحصى وأقرها على ذلك، وروي أن أبا هريرة كان يسبح به، وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه، فمن الناس من كرهه، ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه".

نصيحة: الغلو في التبديع والحكم على أي مخالفة للسنة بالبدعة من أخطر الأمراض التي تصيب كثيرًا من الشباب الذين ظاهرهم الصلاح والاستقامة، وإن كانوا في الحقيقة يخالفون دين الإسلام الذي جاء بالتيسير، وترك التعسير، وجاء بترك التكلف والتعمق، فقد أمر الله رسوله أن يقول لأمته: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: 86].

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطعون))، قالها ثلاثًا؛ رواه مسلم (2670).

ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه التيسير وترك التكلف والتنطع، روى البخاري (1211) عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، وشهدت تيسيره).

وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (ما رأيت أحدًا كان أشد على المتنطعين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت أحدًا كان أشد عليهم من أبي بكر رضي الله عنه)؛ رواه الدارمي (140)، وصححه محقِّقه حسين بن سليم أسد.

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه ((إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)) (1/ 159): "كان الصحابة أقل الأمة تكلفًا، اقتداءً بنبيهم صلى الله عليه وسلم، قال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: من كان منكم مستنًّا فليستنَّ بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد، كانوا أفضل هذه الأمة: أبرها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم وسيرتهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".

أمر عجيب: من العجب أن بعض إخواننا طلاب العلم المعاصرين الحريصين على الاستقامة يخالفون القرآن والسنة، ويخالفون ما كان عليه الصحابة، ومن اتَّبعهم بإحسان من علماء الأمة، بالتعسير على أنفسهم وعلى غيرهم باسم التمسك بالسُّنة، فتجدهم يعسرون ولا ييسرون، وينفرون ولا يبشرون، ويختلفون ولا يتطاوعون، وكل هذا مخالف للسُّنة!

وتجدهم يبغضون كثيرًا من إخوانهم من العلماء وطلاب العلم، ويصنفونهم بالظن، ويهجرونهم؛ لأنهم في زعمهم مبتدعة ضالون، وذلك بسبب مخالفتهم لهم في بعض المسائل الاجتهادية، مع أنهم في بعض المسائل خالفوا جمهور علماء الأمة، وهم يحسبون أنهم وحدهم على السنة، فمنهم من يرى بدعية الزيادة في عدد ركعات القيام في رمضان على إحدى عشرة ركعة، وقد قال ابن عبدالبر رحمه الله في ((التمهيد)) (21/ 70): "لا خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيها حد محدود، وأنها نافلة وفعل خير وعمل بر، فمن شاء استقل، ومن شاء استكثر"، ومنهم من يرى سجود التلاوة في أربعة مواضع فقط من القرآن، وهي سورة ص والنجم والانشقاق والعلق، ولا نعلم أحدًا من العلماء الأولين قال بهذا القول، وإنما قاله بعض مشايخنا المعاصرين رحمة الله عليه، فاتَّبعه كثيرٌ من طلابه بلا بحث ولا نظر في أقوال العلماء وإجماعهم، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويُرَدُّ إلا نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومن العجب أنهم لا يرون سجود التلاوة في سورة السجدة، مع أن اسمها عندهم وعند غيرهم سورة السجدة! ومنهم من يرى بدعية عقد التسبيح باليدين، وأنه لا بد من عقد التسبيح باليد اليمنى فقط، ومنهم من يرى التزام خطبة الحاجة في أول خطب الجمعة، وما أحسنها من خطبة نبوية عظيمة، ويستحب للخطباء أن يكثروا من الخطبة بها، لكن بعضهم يرى أن من خطب بغيرها فقد خالف السنة، ومنهم من يرى بدعية الدعاء آخر الخطبة، أو يرى بدعية قول: أستغفر الله لي ولكم في آخر الخطبة الأولى، وقد ورد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا في آخر خطبهم: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، منهم: أبو بكر الصديق كما في كتاب ((الخطب والمواعظ)) لأبي عبيد (ص: 186)، و((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (1/ 35)، ومنهم: علي بن أبي طالب؛ كما في ((تاريخ واسط)) لبَحْشَل (ص: 168)، ومنهم: جندب بن عبدالله البجلي كما في ((معجم الصحابة)) للبغوي (1/ 543)، ومنهم: عائشة كما في ((تاريخ بغداد)) (12/ 257)، وغيرهم كثير كما تجده في ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر، وقد ورد ذلك مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر، رواه ابن حبان في صحيحه (3828)، وصححه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2803)، لكن هذا الحديث فيه علة قادحة، ففي سند ابن حبان موسى بن عقبة وهو ثقة، والصحيح أنه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف، أخطأ بعض الرواة فذكر الراوي الثقة، وقد رواه عبد بن حميد (795) على الصواب بذكر موسى الربذي، فالصحيح ضعف هذا الحديث، والله أعلم.

وننصح إخواننا هؤلاء بالتوسع في دراسة الفقه وأصوله، ومعرفة خلاف الفقهاء وأدلتهم، وإحسان الظن بهم، قال الشاطبي رحمه الله في ((الموافقات)) (3/ 131): "اعتياد الاستدلال لمذهب واحد ربما يكسب الطالب نفورًا وإنكارًا لمذهب غير مذهبه، من غير اطلاع على مأخذه، فيورث ذلك حزازة في الاعتقاد في الأئمة الذين أجمع الناس على فضلهم وتقدمهم في الدين، واضطلاعهم بمقاصد الشارع، وفهم أغراضه".

وليت الأمر يقتصر على ما يرجحونه أو يقلدون فيه من يعظمونه من العلماء الأجلاء الذين نفع الله بهم في عصرنا، ولكن المؤسف أن بعضهم يرى أنهم وحدهم على السنة، وأنهم وحدهم المتبعون لسلف الأمة، وأن من خالف في هذه الأمور اليسيرة، ففيه بدعة أو فيه نقص وعيب، والله المستعان.

وأرجو أن ينتفعوا بهذه الرسالة، فهم المقصودون أولًا بها، وأعلم أن فيهم خيرًا كثيرًا، وأن كثيرًا منهم يزداد علمًا، فيرجع عن كثير مما يتبيَّن له أنه خلاف الصواب، وقد أكثرت في هذه الرسالة من ذكر الآثار عن السلف الصالح عسى أن يحدث لهم ذلك وقفة وتأمل ومراجعة، وهم أهل إن شاء الله لقبول العلم والنصيحة.

وأقول لمن يقرأ هذه الرسالة: اعلم وفَّقك الله أنه لو ترجَّح عند عالمٍ قولٍ يخالف ما تعتقده وتعمل به، فلا ينبغي لك المسارعة إلى تبديعه أو تبديع من يأخذ بقوله ولو كان مخطئًا، وأسباب خلاف العلماء كثيرة، وأكثرها في مسائل خلاف أفهام أو خلاف تنوع، فمن أسباب خلاف العلماء:
1- الاختلاف في فهم الآية أو الحديث.

2- الاختلاف في ثبوت الحديث وعدم ثبوته.

3- الاختلاف في نسخ الآية أو الحديث.

4- الاختلاف في طرق الجمع والترجيح بين النصوص المتعارضة في ظاهرها.

5- عدم الاطلاع على دليل المسألة سواء كان الدليل نصًّا أو ظاهرًا أو استنباطًا.

6- الاختلاف في بعض مصادر الاستنباط، كالاختلاف في حجية قول الصحابي، وشرع من قبلنا، وحجية القراءة الشاذة، والقياس، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، والعرف، وسد الذرائع، وكالاختلاف في إجماع أهل المدينة، وكالاختلاف في حجية الحديث المرسل، وكالاختلاف في العمل بالحديث الضعيف إذا لم يوجد في الباب غيره.

7- الاختلاف في بعض القواعد الأصولية؛ كالاختلاف في العام المخصوص هل هو حجة أو ليس بحجة، وهل المطلق يحمل على المقيد أو لا؟ وهل المفهوم حجة أو ليس بحجة؟ وهل الزيادة على النص القرآني نسخ أو لا؟ وهل الأمر يدل على الوجوب والفورية أو لا؟ وهل النهي يدل على التحريم أو الكراهة؟ وهل النهي يقتضي الفساد أو لا؟

تنبيه: بعض طلاب العلم المبتدئين يلمز أي تارك للعمل بسنة واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن الصحابة والتابعين كانوا أحيانًا يتركون العمل بالسنة الثابتة؛ ليبينوا للناس أنها ليست واجبة، كما في حديث محمد بن المنكدر أن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما صلى بالناس في إزار واحد، وثيابه موضوعة على المشجب، فقال له قائل: تصلي في إزار واحد؟، فقال: (إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك، وأينا كان له ثوبان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟!)؛ رواه البخاري (352)، وروى مسلم (3006) عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار، حتى أتينا جابر بن عبدالله في مسجده، وهو يصلي في ثوب واحد مشتملًا به، فتخطيت القوم حتى جلست بينه وبين القبلة، فقلت: يرحمك الله أتصلي في ثوب واحد ورداؤك إلى جنبك؟! فقال: (أردت أن يدخل علي الأحمق مثلك، فيراني كيف أصنع، فيصنع مثله).

هذا مع أن بعض السنن الواردة مختلف في مشروعيتها، كجلسة الاستراحة التي أكثر العلماء على عدم مشروعيتها، ولهم توجيهات لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه الذي صحب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين يومًا وتفرد بروايتها، قال أحمد بن حنبل رحمه الله: أكثر الأحاديث على عدم ذكرها، وقد عقد ابن أبي شيبة في مصنفه باب من كان يقول: إذا رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الأولى، فلا تجلس، ومما روى فيه برقم (3989) قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن النعمان بن أبي عياش قال: (أدركت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا رفع رأسه من السجدة في أول ركعة والثالثة قام كما هو ولم يجلس)، وإسناده على شرط مسلم.

فائدة: قد يأتي في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل كذا، والمراد الملازمة والتكرار، وقد يراد بها الإكثار من ذلك من غير ملازمة، وقد يراد بها مجرد الوقوع ولو مرة واحدة، كحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها)؛ متفق عليه، مع أن هذه الحادثة لعلها وقعت مرة واحدة فقط، قال ابن الملقن في ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) (5/ 271): "كان بوضعها لا تقتضي الدوام، وإنما تقتضي الوقوع مرة، اللهم إلَّا أن يدل عليه دليل"، وهذه فائدة عظيمة جدًّا، فلو لم تتعلم من هذه الرسالة إلا هذه المسألة وحدها فافرَح بها، فنجد مثلًا في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الأعلى والغاشية، وفي حديث آخر أنه كان يقرأ بسورة الجمعة والمنافقون، وكلا الأمرين واقع، فكان لا تقتضي الاستمرار إلا لدليل، ومن ذلك حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الوتر بسورة الأعلى والكافرون والإخلاص، وفي حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعة الوتر بمائة آية من سورة النساء، رواه النسائي (1728)، وصححه الألباني، ومن ذلك حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة بسورة ق، فليس المراد دائمًا، بدليل أن بعض الصحابة رووا عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه خطب بغير سورة ق، وكذلك ورد عن كثير من الصحابة أنهم خطبوا يوم الجمعة بغير سورة ق، كما بينته في رسالتي: حث الخطباء على تذكير الناس بالقرآن في خطب الجمعة، وهي منشورة في عدة مواقع على الإنترنت بحمد الله.

الخلاصة: الأصل في الأذكار المقصودة بألفاظها الإتيان بها بنفس ألفاظها؛ كالتكبير في الصلاة والتشهد بصيغه المتنوعة الثابتة، أما ما كان المقصود منه ذكر الله ودعائه، فأمره سهل، ولا حرج في الزيادة على الوارد المنصوص، ما دام الإنسان يدعو الله وحده، ويذكر الله سبحانه، ويجب الحذر من الغلو في التبديع، مع الحرص على التمسك بالسنة النبوية التي منها التيسير والتنويع في العبادات، وعلى طالب العلم أن يعتني بما ورد عن الصحابة من العلم، فهم أعلم الناس بالسنة، وأن يتوسع في دراسة علم الفقه وأصول الفقه، ومعرفة خلاف الفقهاء وأدلتهم، والله الموفق.

اللهم فقِّهنا في الدين، وارزُقنا التمسك بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، واتباع هديه وهدي أصحابه رضي الله عنهم بلا غلو ولا تفريطٍ، وألِّف بين قلوب المسلمين، والحمد لله رب العالمين.







كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مناضر, جوالات , حب , عشق , غرام , سياحه , سفر





 توقيع : حلم مستحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن » 10:54 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009