الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
متى وُلِدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل يوم مولده معلوم بالقطع؟
وإليك الجواب عن السؤال باختصار:
إن العلماء والمؤرخين اختلَفوا في تاريخ مولد النبي (صلى الله عليه وسلم).
فالعلماء اختلفوا في الشهر الذي وُلِد فيه النبي (صلى الله عليه وسلم):
فقيل: وُلِد في شهر رمضان [1].
وهو قول الزبير بن بكَّار؛ بناءً على أن أوَّل نزول الوحي كان في رمضان بلا خلاف، وكان ذلك على رأس أربعين سنة من عمره، فيكون مولدُه في رمضان [2].
وقيل: وُلِد في شهر ربيع الآخر [3].
وقيل: وُلِد في شهر رجب [4].
وقيل: وُلِد في شهر صفر [5].
وقيل: وُلِد في شهر ربيع الأول.
ومَن قال: وُلِد في شهر ربيع الأول - وهم الجمهور [6]-اختلفوا في اليوم.
فقيل: وُلِد يوم الاثنين من ربيع الأول.
وقيل: وُلِد في شهر ربيع من غير تعيين لهذا اليوم.
والجمهور على أنه يوم معين منه [7].
واختلفوا في تعيين اليوم على أقوال:
قيل: وُلِد في الثاني من ربيع الأول.
وهذا قول ابن عبدالبر؛ لرواية الواقدي عن أبي معشر نجيح بن عبدالرحمن المدني[8].
وقيل: في الثامن من ربيع الأول.
وهذا قول ابن حزم[9].
ورواه مالك وعقيل ويونس بن يزيد وغيرهم، عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم، ونقل ابن عبدالبر عن أصحاب التاريخ أنهم صحَّحوه، وقطع به الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي، ورجَّحه الحافظ أبو الخطاب ابن دِحْيَة في كتابه: (التنوير في مولد البشير النذير)[10].
وبه قال أكثر أهل الحديث ومَن لديه دراية بهذا الشأن[11]، ورجَّحه من المعاصرين: الألباني[12].
وقيل: في التاسع من ربيع الأول.
ومعتمد هذا القول على تحقيق بعض علماء الفلك[13].
وقيل: وُلِد في العاشر من ربيع الأول.
وهو مرويٌّ عن الشعبي وأبي جعفر الباقر[14].
وقيل: في الثاني عشر من ربيع الأول.
نصَّ عليه ابن إسحاق، وفيه رواية ابن أبي شيبة عن ابن عباس وجابر، وهو المشهور عند الجمهور[15].
وقيل: في السابع عشر من ربيع الأول.
وهو قول بعض الشِّيعة، وهو قول ضعيف[16].
وقيل: في الثامن عشر من ربيع الأول[17].
وقيل: في الثاني والعشرين من ربيع الأول[18].
نقله ابنُ دِحْيَة من خط الوزير أبي رافع ابن الحافظ أبي محمد ابن حزم عن أبيه[19].
فهذه خمسة أقوال في الاختلاف في شهر الولادة، وثمانية أقوال في الاختلاف في أي يوم من شهر ربيع على قول الجمهور.
وهذا يدل على أن الصحابة (رضي الله عنهم) ومَن بعدهم لم يحتفلوا بيوم مولده؛ لأنهم لو كانوا يحتفلون لَحُفِظ يومُ مولده، ولو كان في حِفظ اليوم منفعةٌ دينية تعود على الأمَّة لكانوا أَوْلى الناس بحِفْظِه وبيانه وإظهاره.
ولا ندري مَن يجزم بالقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم وُلِد في الثاني عشر من ربيع الأول: مِن أين له هذا الجزم والعلماء اختلفوا في الشهر واليوم الذي وُلِد فيه صلى الله عليه وسلم؟!
بل الأرجحية من جهة الصنعة الحديثية لليوم الثامن؛ فقد رواه مالك وغيره بالسند الصحيح عن محمد بن جبير بن مطعم، وهو تابعيٌّ جليل[20]؛ ولذلك أكثرُ أهل الحديث على ترجيحه، كما سبق وذكرناه.
والله أعلم،،،
وبالله التوفيق...
[1] قال ابن رجب الحنبلي: (روي عن عبدالله بن عمرو بسند لا يصح) لطائف المعارف (صــ 112) طــ (مكتبة الصفا) القاهرة، وانظر: المواهب اللدنية (1/ 140) طـ (المكتب الإسلامي) بيروت.
[2] البداية والنهاية (2/ 220) طـ (مكتبة الصفا) القاهرة.
[12] صحيح السيرة النبوية، (صـ 13) طـ (المكتبة الإسلامية) عمان ـ الأردن.
[13] ومنهم المحقق الفلكي: (محمود باشا، ت 1320 هـ) وله ترجمة في الأعلام، والأستاذ محمد سليمان المنصور فوري كما ذكر صاحب الرحيق المختوم (صـ 71) طـ (رابطة العالم الإسلامي) الأمانة العامة ـ مكة المكرمة، وانظر كتاب: تقويم الأزمان، للأستاذ عبدالله بن إبراهيم بن محمد السليم، (صـ 143) ط الأولى (1404 هـ) وهذه الاجتهادات الفلكية مبنية على تاريخ الوفاة وغير ذلك.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف