ننتظر تسجيلك هـنـا

 

{ إعلانات سـهام الروح اَلًيومُية ) ~
 
 
   
( فعاليات سـهام الروح )  
 
 

 

♥ ☆ ♥اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 3,458
عدد  مرات الظهور : 57,687,381
عدد مرات النقر : 3,697
عدد  مرات الظهور : 56,592,247
عدد مرات النقر : 3,090
عدد  مرات الظهور : 54,983,963
عدد مرات النقر : 4,710
عدد  مرات الظهور : 30,161,492
عدد مرات النقر : 2,792
عدد  مرات الظهور : 25,449,342منتديات سهام الروح
عدد مرات النقر : 2,869
عدد  مرات الظهور : 60,476,338
عدد مرات النقر : 3,445
عدد  مرات الظهور : 60,147,662
عدد مرات النقر : 4,543
عدد  مرات الظهور : 60,476,441
عدد مرات النقر : 4,393
عدد  مرات الظهور : 53,314,642

عدد مرات النقر : 2,209
عدد  مرات الظهور : 37,744,138
♥ ☆ ♥تابع اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 2,148
عدد  مرات الظهور : 31,061,497مركز رفع سهام الروح
عدد مرات النقر : 5,157
عدد  مرات الظهور : 60,476,257مطلوب مشرفين
عدد مرات النقر : 2,615
عدد  مرات الظهور : 60,476,249

الإهداءات



الملاحظات

› ~•₪• نبـي الرحمه وصحابته~•₪•

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 07-27-2018, 12:23 PM
محروم متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
SMS ~
مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل Cadetblue
 عضويتي » 688
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » اليوم (08:18 AM)
آبدآعاتي » 799,779
الاعجابات المتلقاة » 5782
الاعجابات المُرسلة » 4049
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الرياضه
آلعمر  » 26سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوج
 التقييم » محروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك mbc
اشجع ahli
مَزآجِي  »  1
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الإجماع على إمامة أبي بكر



أجمع الصحابة على أفضلية الصديق، وأنه أحق بالخلافة، وولوه
__________
(1) المنهاج جـ4/ 17-19.
(2) منهاج جـ4 / 138، 139 وانظر مجموع الفتاوى (4/ 408، 413) قلت أما حديث «لا يزال هذا الدين قائمًا إلى اثني عشر خليفة» فقد بين الشيخ رحمه الله أنه ينطبق على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومعاوية، وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان، وأولاده الأربعة، وبينهم عمر بن عبد العزيز (انظر بحث آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأولياؤه - موقف أهل السنة والشيعة من عقائدهم وفضائلهم وفقههم وفقهائهم) مطبوع عام 1412هـ.

(1/111)

باختيارهم ورضاهم من غير أن يضرب أحدًا منهم بسيف ولا عصى، ولا أعطى أحدًا ممن ولاه مالاً. وقال عمر رضي الله عنه بمحضر المهاجرين والأنصار: «أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (1) ولم ينكر منهم منكر، ولا قال أحد من الصحابة إن غير أبي بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه.
ولهذا قال عمر بن الخطاب في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: «ليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر» رواه البخاري ومسلم (2) . وبايعه من حضر من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة فروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في خطبة عمر رضي الله عنه التي خطب بها مرجعه من الحج في آخر عمره، وفيها قوله: «ثم إنه بلغني أن قائلاً منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلانًا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنما كانت كذلك ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا» (3) . وأنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى
__________
(1) البخاري ك64 ب5.
(2) البخاري ك86 ب31 ومعنى تقطع إليه الأعناق: أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر، وعبر بقوله (تقطع إليه الأعناق) لكون الناظر إلى السابق تمتد عنقه لينظر، فإذا لم يحصل مقصوده من سبق من يريد سبقه قيل انقطعت عنقه (الخطابي) وصحيح مسلم ك29 ب4 فيه قطعة من حديث عمر.
(3) أي خوف وقوعهما في القتل.

(1/112)

إخواننا هؤلاء من الأنصار، فانطلقنا نريدهم، فلما دنونا منهم لقينا رجلان منهم صالحان فذكرا ما تمالا عليه القوم، فقالا: أين تريدان يا معشر المهاجرين؟ فقلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار. فقالا: لا عليكم أن تقربوهم اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم. فقلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة. فقلت: ما له؟ قالوا: يوعك (1) فلما جلسنا قليلاً تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال: أما بعد: فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معاشر المهاجرين رهط، وقد دفت دافة من قومكم (2) فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا (3) وأن يحضنونا من الأمر (4) فلما سكت أردت أن أتكلم، وكنت زورت مقالة أعجبتني (5) أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحد (6) فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك، فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها وأفضل منها حتى سكت. فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل (7) ولن يعرف هذا
__________
(1) يوعك: الوعك هو الحمى، وقيل ألمها. (النهاية 2/124) .
(2) الدافة: القوم يسيرون جماعة سيرًا ليس بالشديد. (النهاية 2/124) .
(3) أي يقتطعونا ويذهبوا بنا منفردين (النهاية 2/29) .
(4) يحضنونا: أي يخرجونا (النهاية 1/ 104) .
(5) زورت: هيأت وأصلحت، والتزوير إصلاح الشيء، وكلام مزور أي محسن (النهاية 2/318) .
(6) بعض الحد: الحد كالنشاط والسرعة في الأمور والمضاء فيها مأخوذة من حد السيف. والمراد بالحدة ههنا المضاء في الدين والصلاح والقصد في الخير (النهاية: 1/353) .
(7) وقع في رواية حميد بن عبد الرحمن بيان ما قال في روايته فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئًا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شأنهم إلا ذكره، وقال: لقد علمتم أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا لسلكت وادي الأنصار» ولقد علمت يا سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وأنت قاعد «قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم» فقال له سعد: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء.

(1/113)

الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قاله غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول لي نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن. فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلهما المحكك (1) وعذيقها المرجب (2) منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف (3) فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة (4) ، فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما نخالفهم فيكون فساد (5) .
ومعنى قول عمر: كانت مبايعة أبي بكر فلتة ولكن الله وقى شرها أن بيعة أبي بكر بودر إليها من غير تريث ولا انتظار لكونه كان
__________
(1) تصغير جذل: عود ينصب للإبل الجرباء لتحتك عليه، أراد أنه يستشفى برأيه، تصغير تعظيم وكذلك قوله عذيق.
(2) تصغير عذق المرجب: أي يدعم النخلة إذا كثر حملها.
(3) الفرق: الفزع والخوف.
(4) أي وطئوه ووقعوا عليه (النهاية لابن الأثير) .
(5) البخاري ك86 ب31.

(1/114)

متعينًا لهذا الأمر، كما قال عمر: ليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، وكان ظهور فضيلة أبي بكر على من سواه وتقديم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له على سائر الصحابة أمرًا ظاهرًا معلومًا فكانت دلالة النصوص على تعيينه تغني عن مشاورة وانتظار وتريث، بخلاف غيره. وهو لم يسأل وقاية شرها بل أخبر أن الله وقى شر الفتنة بالإجماع، وما جرى يوم السقيفة لا يعد نزاعًا لأنهم ما انفضوا حتى اتفقوا (1) .
مبايعة العامة له على المنبر
في صحيح البخاري، عن أنس رضي الله عنه، أنه سمع خطبة عمر الأخيرة (2) حين جلس على المنبر وذلك الغد من يوم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتشهد أبو بكر صامت لا يتكلم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يدبرنا -يريد بذلك أن يكون آخرهم- فإن يكن محمد قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورًا تهتدون به، به هدى الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وإن أبا بكر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثاني اثنين، وإنه أولى المسلمين بأموركم، فقوموا فبايعوه، وكانت طائفة منهم قد بايعوا قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت بيعة العامة على المنبر.
قال الزهري، عن أنس بن مالك: سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ: «اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر، فبايعه الناس عامة» (3) .
__________
(1) منهاج جـ3/119، 120، 186، 113. جـ4/216، 217، جـ1/36.
(2) وكان قد خطب بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنكر وفاته.
(3) البخاري ك 93 ب51 وفي صحيح البخاري عن عائشة في هذه القصة قالت: ما كان من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس وأن فيهم لنفاقًا فردهم الله بذلك، ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم.

(1/115)

وقد روي عنه أنه قال: أقيلوني (1) (2) .
وتخلف سعد بن عبادة
والأنصار تكلم بعضهم بكلام أنكره عليهم أفاضلهم، كأسيد بن حضير، وعباد بن بشر، وغيرهما ممن هو أفضل من سعد نفسًا وبيتًا.
فإنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «خير دور الأنصار دار بني النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو عبد الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير» (3) فالدور الثلاثة المفضلة لم يعرف عنهم من نازع في الإمامة. وإنما نازع سعد بن عبادة، والحباب بن المنذر، وطائفة قليلة، ثم رجع هؤلاء وبايعوا الصديق، إلا سعد بن عبادة لأنهم عينوه للإمارة فبقي في نفسه ما يبقى في نفوس البشر، فلم يؤذه أبو بكر بكلمة، فضلاً عن فعل.
وما ذكره الشهرستاني من أن الأنصار اتفقوا على تقديم سعد بن عبادة هو باطل باتفاق أهل المعرفة بالنقل، والأحاديث الثابتة بخلاف ذلك (4) .
__________
(1) انظر «الرياض النضر في مناقب العشر»
(2) منهاج جـ3/120 وقد تقدم ذكر خطبة أبي بكر بعد البيعة. وعن ربيعة أحد الصحابة قال: قلت لأبي بكر: ما حملك أن تلي أمر الناس وقد نهيتني أن أتأمر على اثنين؟ قال: لم أجد من ذلك بدًا، خشيت على أمة محمد الفرقة. وفي رواية: تخوفت أن تكون فتنة تكون بعدها ردة. (مختصر السيرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص138) وانظر تأريخ الخلفاء للسيوطي ص71.
(3) صحيح مسلم (1949-1951) .
(4) وأخرج النسائي وأبو يعلى والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير فأتاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر (تأريخ الخلفاء للسيوطي ص68) .

(1/116)

ولكن سعدًا مع ذلك لم يعارض ولم يدفع حقًا ولا أعان على باطل، بل روى الإمام أحمد رحمه الله في مسند الصديق، عن أبي معاوية، عن داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن هو الحميري - فذكر حديث السقيفة- وفيه أن الصديق قال: لقد علمت يا سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وأنت قاعد: «قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم. قال فقال سعد: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء» فهذا الحديث مرسل حسن. ولعل حميدًا أخذه عن بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك. وفيه فائدة جليلة جدًا وهي أن سعد بن عبادة نزل عن مقامه الأول في دعوى الإمارة وأذعن للصديق بالإمارة فرضي الله عنهم أجمعين.
وسعد بن عبادة لم يقدح في الصديق، ولا أنه أفضل المهاجرين، ومات ولم يبايعه ولا بايع عمر، ومات في خلافة عمر. وسعد من السابقين الأولين من الأنصار من أهل الجنة كما قالت عائشة رضي الله عنها.
ومن نازع من الأنصار أولاً لم تكن منازعته للصديق، بل طلبوا أن يكون من قريش أمير ومنهم أمير، فلما تبين أن هذا الأمر في قريش قطعوا المنازعة (1) .
__________
(1) منهاج جـ2/ 239، جـ4/214، 226، جـ3/269، 15.

(1/117)

وتخلف علي رضي الله عنه
وبعض بني هاشم، ثم بايعوه
طائفة من بني هاشم قيل إنها تخلفت عن مبايعته، فقيل: بايعوه ثاني يوم، وقيل تأخروا عن بيعته ستة أشهر ثم بايعوه من غير رغبة ولا رهبة لم يزعجهم ولا ألزمهم بيعته، وهذا كله من ورعه عن أذى الأمة وكمال عدله وتقواه.
والرسالة التي يذكرها بعض الكتاب أنه أرسلها إلى علي كذب مختلق عند أهل العلم؛ بل علي أرسل إلى أبي بكر أن ائتنا فذهب هو إليهم، فاعتذر علي إليه وبايعه.
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: أرسلت فاطمة إلى أبي بكر رضي الله عنهما تسأله ميراثها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) مما أفاء الله عليه في المدينة و (فدك) (2) وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال» (3) وإني والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حالها التي كانت عليها في عهده، وإني لست تاركًا شيئًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ، فوجدت فاطمة على أبي بكر فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر، فلما توفيت دفنها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي، وكان لعلي وجه من الناس حياة فاطمة، فلما ماتت استنكر علي وجوه الناس
__________
(1) تطلب صدقة النبي التي بالمدينة.
(2) وتقدم ما يتعلق بفدك وأنه أزال الخلاف فيها.
(3) يعني مال الله ليس لهم أن يزيدوا على المأكل.

(1/118)

فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتينا معك أحد، كراهية محضر عمر بن الخطاب. فقال عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك. فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بي، والله لآتينهم، فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي؛ ثم قال: إنا قد عرفنا فضيلتك يا أبا بكر وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت بالأمر علينا، وكنا نرى أن لنا فيه حقًا لقرابتنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر. فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي. وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل عن الحق، ولم أترك أمرًا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه فيها إلا صنعته. فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة. فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقى المنبر فتشهد، وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره الذي اعتذر به، ثم استغفر. وتشهد علي بن أبي طالب فعظم حق أبي بكر، وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارًا للذي فضله الله به، ولكنا كنا نرى أن لنا في الأمر نصيبًا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا. فسر بذلك المسلمون، وقالوا: أصبت، فكان المسلمون إلى علي قريبًا حين راجع الأمر المعروف (1) (2) .
قلت: وتقدم قول الشيخ: أن أهل السنة لا ينازعون في كمال علي وأنه في الدرجة العليا من الكمال؛ وإنما النزاع في كونه أكمل من الثلاثة وأحق بالخلافة منهم.
__________
(1) البخاري ك57 ب1 ك62 ب12 ومسلم (1759) .
(2) منهاج جـ4/ 230- 232، 214. جـ3/171.

(1/119)

الإجماع المعتبر في الإمامة
لا ريب أن الإجماع المعتبر في الإمامة لا يضر فيه تخلف الواحد والاثنين والطائفة القليلة؛ فإنه لو اعتبر ذلك لم يكد ينعقد إجماع على إمامة، فإن الإمامة أمر معين فقد يتخلف الرجل لهوى لا يعلم ... بخلاف الإجماع على الأحكام العامة كالإيجاب والتحريم والإباحة؛ فإن هذا لو خالف فيه الواحد أو الاثنان، ففيه قولان للعلماء. أحدهما: لا يعتد بخلافه، والثاني: يعتد به، وهو قول الأكثرين. والفرق بينه وبين الإمامة أن الحكم عام يتناول هذا وهذا؛ فإن القائل بوجوب الشيء يوجبه على نفسه وعلى غيره فالمنازع فيه ليس متهمًا. والخلافة لا يشترط فيها إلا اتفاق أهل الشوكة والجمهور الذي يقام بهم الأمر؛ بحيث يمكن أن يقام بهم مقصود الإمامة ... ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة» (1) وقال: «إن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد» (2) وقال: «إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، والذئب إنما يأخذ القاصية» (3) وقال: «عليكم بالسواد الأعظم، ومن شذ شذ في النار» (4) .
حتى ولو لم يثبت الإجماع
على خلافة الصديق
الكلام في خلافة الصديق: إما أن يكون في وجودها، وإما أن يكون في استحقاقه لها.
__________
(1) الترمذي (3/315) .
(2) كنز العمال جـ1/102.
(3) المسند (2784) .
(4) منهاج جـ4/231، 232. جـ1/190.

(1/120)

أما الأول: فمعلوم بالتواتر واتفاق الناس بأنه تولى الأمر، وقام مقام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وخلفه في أمته، وأقام الحدود، واستوفى الحقوق، وقاتل الكفار والمرتدين، وولى الأعمال، وقسم الأموال، وفعل جميع ما فعل الإمام؛ بل هو أول من باشر الإمامة في الأمة.
وأما إن أريد بإمامته: كونه مستحقًا لذلك؛ فهذا عليه أدلة كثيرة غير الإجماع. وحينئذ فالإجماع لا يحتاج إليه في الأولى ولا في الثانية وإن كان الإجماع أمرًا حاصلاً (1) .
انعقدت خلافة الصديق
بالكتاب والحديد
الدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر، كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (2) .
فالكتاب يبين ما أمر الله به وما نهى عنه، والسيف ينصر ذلك ويؤيده. وأبو بكر ثبت بالكتاب والسنة أن الله أمر بمبايعته، والذين بايعوه كانوا أهل السيف المطيعين لله في ذلك. فانعقدت خلافة النبوة في حقه بالكتاب والحديد (3) .
__________
(1) منهاج جـ4/232.
(2) سورة الحديد: 25.
(3) منهاج جـ1/190، 191.

(1/121)

أعمال أبي بكر بعد الاستخلاف
وهي من فضائله رضي الله عنه
قام رضي الله عنه مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخل بشيء، كما قال عن نفسه: إني لست تاركًا شيئًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ (1) .
وعلى وجه التفصيل قام من الأعمال الجليلة بالأعمال الآتية:
1- ثبت المسلمين وقواهم:
أهل مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلموا طوعًا المهاجرون منهم والأنصار، وهم قاتلوا الناس على الإسلام، ولهذا لم يرتد من أهل المدينة أحد، بل ضعف أغلبهم بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلت أنفسهم عن الجهاد على دينه حتى ثبتهم الله وقواهم بأبي بكر رضي الله عنه، والذي أيد الله به الإسلام في حياة رسوله، وحفظه به بعد مماته، فالله يجزيه عن الإسلام وأهله خير الجزاء. قال أنس: خطبنا أبو بكر رضي الله عنه وكنا كالثعالب فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود (2) .
2- قاتل المرتدين:
الذين ارتدوا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كانوا ممن أسلموا بالسيف كأصحاب مسيلمة وأهل نجد.
__________
(1) يشير إلى قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
(2) منهاج جـ4/137، 129، 58، 59، 165، وقال ابن كثير: قال محمد بن إسحاق: ولما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم حتى جمعهم الله على أبي بكر رضي الله عنه (البداية والنهاية جـ5/ 279) .

(1/122)

وتواتر عند الناس أن الذي قاتل أهل الردة هو أبو بكر الصديق وأصحابه قاتل مسيلمة الكذاب المدعي للنبوة وأتباعه بني حنيفة، وأهل اليمامة. وقد قيل: إنهم مائة ألف أو أكثر. وقاتل طليحة الأسدي وكان قد ادعى النبوة بنجد واتبعه من أسد وغطفان ما شاء الله، وادعى النبوة سجاح -امرأة تزوجها مسيلمة الكذاب- فتزوج الكذاب بالكذابة. وأيضًا فكان من العرب من ارتد عن الإسلام لم يتبع متنبئًا كذابًا، وقد ذكر أئمة التفسير أن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (1) أنهم أبو بكر وعمر ومن تبعهما من أهل اليمن وغيرهم.
فمن أعظم فضائل الصديق عند الأمة أولهم وآخرهم أنه قاتل المرتدين. وأعظم الناس ردة كان بنو حنيفة، ولم يكن قتاله لهم على منع الزكاة؛ بل قاتلهم على أنهم آمنوا بمسيلمة الكذاب (2) .
3- قاتل مانعي الزكاة:
وأما الذين قاتلهم على منع الزكاة فأولئك ناس آخرون امتنعوا من أدائها بالكلية فقاتلهم على هذا، لم يقاتلهم ليؤدوها إليه. وقد حصل لعمر أولاً شبهة في قتالهم حتى ناظره الصديق وبين له وجوب قتالهم فرجع إليه، والقصة في ذلك مشهورة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن عمر قال لأبي بكر: كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا
__________
(1) سورة المائدة: 54.
(2) منهاج جـ4/129، 58، 59، 228، وأخرج البيهقي عن الحسن البصري في قوله تعالى {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ} الآية قال: هو والله أبو بكر وأصحابه لما ارتدت العرب جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردوهم إلى الإسلام (تأريخ الخلفاء ص65) .

(1/123)

مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» قال أبو بكر: ألم يقل «إلا بحقها» فإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. وعمر احتج بما بلغه أو سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فبين له الصديق أن قوله «بحقها» يتناول الزكاة، فإنها حق المال.
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وإني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» (1) فهذا اللفظ الثاني الذي قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين فقه أبي بكر وهو صريح في القتال على أداء الزكاة، وهو مطابق للقرآن، قال الله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (2) فعلق تخلية السبيل على الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. وأقر أولئك بالزكاة بعد امتناعهم منها (3) .
4- راسل أهل الردة:
لما ركب الصديق في الجيوش شاهرًا سيفه مسلولاً من المدينة إلى ذي القصة (4) وعقد أحد عشر لواءً، ودفعها إلى الأمراء، كتب معهم كتابًا وهذه نسخته:
__________
(1) صحيح مسلم ك1 ب8، البخاري ك24 ب 2 فيه حديث أبي هريرة «إلا بحقها» وحديث جابر «بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة» .
(2) سورة التوبة: 5.
(3) منهاج جـ4/137، 129، 58، 59، 165، 228، 229.
(4) وهي من المدينة على مرحلة.

(1/124)

بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى من بلغه كتابي هذا من عامة وخاصة أقام على إسلامه أو رجع عنه.
سلام على من اتبع الهدى
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، نقر بما جاء به، ونكفر من أبى ذلك ونجاهده.
أما بعد، فإن رسول الله أرسل بالحق من عنده بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، لينذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين، فهدى الله بالحق من أجاب إليه، وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أدبر عنه حتى صار إلى الإسلام طوعًا أو كرهًا.
ثم توفى الله رسوله وقد نفذ لأمر الله ونصح لأمته وقضى الذي عليه، وكان الله قد بين له ذلك ولأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (1) ، وقال: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} (2) ، وقال للمؤمنين: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} (3) فمن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ولا تأخذه سنة ولا نوم، حافظ الأمر منتقم من عدوه.
__________
(1) سورة الزمر: 30.
(2) سورة الأنبياء: 34.
(3) سورة آل عمران: 144.

(1/125)

وإني أوصيكم بتقوى الله وحظكم ونصيبكم وما جاءكم به نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، وأن تهتدوا بهداه، وأن تعتصموا بدين الله؛ فإن كل من لم يهده الله ضال، وكل من لم يعنه الله مخذول، ومن هداه غير الله كان ضالاً، قال الله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (1) ولن يقبل له عمل حتى يقر به، ولم يقبل له في الآخرة صرف ولا عدل.
وقد بغلني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام وعمل به اغترارًا بالله وجهلاً بأمره وإجابة للشيطان، قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} (2) ، وقال: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (3) .
وإني بعثت إليكم في جيشي من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان, وأمرته أن لا يقبل من أحد إلا الإيمان بالله، ولا يقتله حتى يدعوه إلى الله عز وجل، فإن أجاب وأقر وعمل صالحًا قبل منه وأعانه عليه، وإن أبى حاربه عليه حتى يفيء إلى أمر الله، ثم لا يبقي لأحد منهم قدر عليه، وأن يحرقهم بالنار، وأن يقتلهم كل قتلة، وأن يسبي النساء والذراري، ولا يقبل من أحد إلا الإسلام، فمن تبعه فهو خير له، ومن تركه فلن يعجز الله.
وقد أمرت رسولي أن يقرأ كتابي في كل مجمع لكم. والداعية
__________
(1) سورة الكهف: 17.
(2) سورة الكهف: 50.
(3) سورة فاطر: 6.

(1/126)

الأذان، فإذا أذن المسلمون فكفوا عنهم، وإن لم يؤذنوا فسلوهم ما عليه، فإن أبوا عاجلوهم، وإن أقروا حمل منهم ما ينبغي لهم» رواه سيف بن عمر عن عبد الله بن سعيد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك (1) (2) .
5- أنقذ جيش أسامة:
جهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش أسامة قبل أن يمرض -وأمره على جيش عامهم المهاجرون- وروي أن عمر كان ممن انتدب معه، لا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عين عمر ولا غير عمر للخروج معه. ولم يكن أبو بكر في جيش أسامة باتفاق أهل العلم، بل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلفه من حين مرض إلى أن مات. كان ذلك الجيش ثلاثة آلاف، وأمره أن يغير على أهل مؤتة وجانب فلسطين حيث أصيب أبوه وجعفر وابن رواحة، فتجهز أسامة للغزو، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة فقال: اغد على بركة الله والنصر والعافية، ثم أغر حيث أمرتك أن تغير. قال أسامة: يا رسول الله قد أصحبت ضعيفًا، وأرجو أن يكون الله قد عافاك، فأذن لي فأمكث حتى يشفيك الله، فإني إن خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي نفسي منك قرحة، وأكره أن أسأل عنك الناس. فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بأيام.
__________
(1) اهـ من البداية والنهاية جـ6/315، 316.
(2) وبعد فراغ قتال أهل الردة بعث الصديق رضي الله عنه خالد بن الوليد إلى أرض البصرة فغزا الأبلة فافتتحها، وافتتح مدائن كسرى التي بالعراق صلحًا وحربًا، وفيها أقام الحج أبو بكر الصديق، ثم رجع فبعث عمرو بن العاص والجنود إلى الشام فكانت وقعة أجنادين في جماد الأولى سنة ثلاث عشرة، ونصر المسلمون، بشر بها أبو بكر وهو في آخر رمق، (تأريخ الخلفاء) .

(1/127)

فلما جلس أبو بكر للخلافة أنفذه مع ذلك الجيش، غير أنه استأذنه في أن يأذن لعمر بن الخطاب في الإقامة، لأنه ذو رأي ناصح للإسلام فأذن له. وسار أسامة لوجهه الذي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأصاب في ذلك العدو مصيبة عظيمة، وغنم هو وأصحابه وقتل قاتل أبيه، وردهم الله سالمين إلى المدينة. وأشار عليه غير واحد أن يرد الجيش خوفًا عليهم؛ فإنهم خافوا أن يطمع الناس في الجيش بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فامتنع أبو بكر من رد الجيش، وأمر بإنفاذه، وقال: لا أحل راية عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآهم الناس يغزون بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ذلك مما أيد الله به الدين، وشد به قلوب المؤمنين، وأذل به الكفار والمنافقين، وكان ذلك من كمال معرفة أبي بكر وإيمانه ويقينه وتدبيره ورأيه رضي الله عنه (1) .
6- شرع في قتال أهل الكتاب إلى أن يسلموا، أو يعطوا الجزية:
بعد غزو النبي لهم في مؤتة، وبعد فراغ النبي من قتال العرب.
شرع رضي الله عنه في قتال فارس والروم، ومات والمسلمون محاصرو دمشق، وهو ممن دعوا إلى قتالهم قوله تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (2) وأظهر الأقوال في الآية: أن المراد ستدعون إلى قتال أولي بأس شديد أعظم من العرب - وهؤلاء هم الروم والفرس- لأن آية الجزية لم تنزل إلا بعد فراغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتال العرب. وأول الدعوة إلى قتال الروم عام مؤتة، وأول قتال كان معهم في غزوة مؤتة عام ثمان قبل تبوك، فقتل فيها أمراء المسلمين زيد
__________
(1) منهاج جـ3/122، جـ4/ 278 جـ2/226، 24، 225، 126، 120 جـ3/213، جـ ط/ 126، 120.
(2) سورة الفتح: 16.

(1/128)

وجعفر وابن رواحة، ورجع المسلمون كالمنهزمين. وفي السنة التاسعة غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - النصارى (بني الأصفر) عام تبوك، وأكد القرآن الأمر في عام تبوك، وذم المتخلفين عن الجهاد ذمًا عظيمًا؛ لكنهم لم يقاتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسلموا، فلما نزلت (براءة) وأمره فيها بنبذ العهد إلى الكفار، وأمره أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وإذا قاتلهم قاتلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية لم يكن له حينئذ أن يعاهدهم بلا جزية كما كان يعاهد الكفار من المشركين وأهل الكتاب قبل نزولها. ولما أمره الله بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، أخذا لجزية من المجوس وصالح نصارى نجران على الجزية، وإذا أمرهم أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية فغيرهم أولى أن يقاتلوا ولا يعاهدوا.
... لكن في زمن الصديق والفاروق كان لا بد من أحد الأمرين: إما الإسلام وإما القتال، وبعد القتال أدوا الجزية، لم يؤدوا الجزية بغير قتال؛ لأنه أولو بأس شديد ولا يجوز مهادنتهم. ومعلوم أن أبا بكر وعمر بل وعثمان في خلافتهم قوتل هؤلاء فضربت الجزية على أهل الشام والعراق والمغرب، فهذه صفة الخلفاء الراشدين الثلاثة، فيمتنع أن تكون الآية مختصة بغزوة مؤتة ولا يدخل فيها قتال المسلمين في فتوح الشام والعراق والمغرب وخراسان وهي الغزوات التي أظهر الله فيها الإسلام، وظهر الهدى ودين الحق في مشارق الأرض ومغاربها. وإذا قيل: أنه دخل فيها قتال المرتدين؛ لأنهم يقاتلون أو يسلمون كان أوجه من أن يقال قتال مكة وأهل حنين.
وأبو بكر دعاهم إلى قتال المرتدين، ثم قتال فارس والروم، وكذلك عمر دعاهم إلى قتال فارس والروم، وعثمان دعاهم إلى قتال

(1/129)

البربر ونحوهم (1) . وقد حصل الاستخلاف في الأرض في زمن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وأفريقية، قال الله تعالى:
{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2) (3) .
7- أمره بجمع القرآن:
وفي سنة اثنتي عشرة أمر الصديق زيد بن ثابت أن يجمع القرآن من اللخف والعسب وصدور الرجال، وذلك عندما استحر القتل في القراء يوم اليمامة، كما ثبت به الحديث في صحيح البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: «أرسل إلي أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن استحر القتل بالقراء. بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى
__________
(1) قال ابن كثير رحمه الله: فالصديق هو الذي جهز الجيوش إليهم، وتمام أمرهم كان على يد عمر، وعثمان، وهما فرعا الصديق.
(2) سورة النور: 55.
(3) منهاج جـ1/109، 10، جـ4/277-281.

(1/130)

شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر ... » الحديث (1) (2) (3) (4) .
8- استخلافه عمر بعده:
لما علم أبو بكر رضي الله عنه أنه ليس في الأمة مثل عمر، وخاف أن لا يولوه إذا لم يستخلفه لشدته في الله فولاه هو كان ذلك هو المصلحة للأمة، فما فعله صديق الأمة هو اللائق به، فإن أبا بكر تبين له من كمال عمر وفضله واستحقاقه للأمر ما لم يحتج معه إلى الشورى، وظهر أثر ذلك الرأي الميمون على المسلمين؛ فإن كل عاقل منصف يعلم أن عثمان أو عليًا أو طلحة، أو الزبير، أو سعدًا، أو عبد الرحمن بن عوف لا يقوم مقام عمر، فكان تعيين عمر في الاستخلاف كتعيين أبي بكر في مبايعتهم له؛ ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: أفرس الناس ثلاثة: بنت صاحب مدين حيث قال: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} (5) وامرأة العزيز حيث قالت: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} (6) وأبو بكر حيث استخلف عمر (7) . ولما استخلف عمر كره خلافته طائفة حتى قال له طلحة: ماذا تقول لربك إذا وليت علينا فظًا غليظًا. فقال: أبالله
__________
(1) البخاري ك 93 ب37 ك 66 ب 3، 4.
(2) منهاج جـ3/163، جـ4/214، 124.
(3) البداية والنهاية جـ6/ 353.
(4) وأخرج أبو يعلى عن علي رضي الله عنه قال: أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين، وهو أول من سماه مصحفًا. (تأريخ الخلفاء) .
(5) سورة القصص: 26.
(6) سورة يوسف: 21.
(7) أخرجه الحاكم جـ3/90 وابن سعد.

(1/131)

تخوفوني؟! أقول: وليت عليهم خير أهلك. وقد رجع طلحة عن ذلك رضي الله عنه (1) (2) .
قلت ويأتي بيان ما جعل الله فيه من الرحمة بعد الولاية.

الموضوع الأصلي: الإجماع على إمامة أبي بكر || الكاتب: محروم || المصدر: منتديات سهام الروح

كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مناضر, جوالات , حب , عشق , غرام , سياحه , سفر





 توقيع : محروم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن » 08:56 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009