ينبغي أولًا معرفة فضل القيام بعبادة الخشية، وأنها أصل كل خير وسعادة وفلاح، فمن أقامها في نفسه وفي غيره من الخلق، فاز فوزًا عظيمًا لا شقاء بعده أبدًا بنص القرآن، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة: 7، 8]، وأي فوز أعظم من الفوز برضوان الله جل جلاله، ودخول جناته، والنعيم بقربه: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].
هذا، وعبادة الخشية - شأنها شأن كل العبادات التي أمر الله تعالى بها - إن لم يصرفها العبد
لله تعالى وحده، ابتُلي بصرفها لغير مستحقها العظيم سبحانه وتعالى، ولا ذل أعظم من ذل من عبد غير الله تعالى أو أشرك به شيئًا؛ كما قال عز وجل: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18]، ولا تسأل عن شقاء من هذه حاله، ولا عما ينتظره في الآخرة من العذاب: ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴾ [الرعد: 34].
فسبحان من جعل النعيم والسعادة والفلاح والعز والخير كلها بحذافيرها في طاعته، والشقاء والخسران والذل والشر والتعاسة جميعها برُمتها في معصيته، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ"؛ [أخرجه البخاري (2886) في كتاب الجهاد والسير - باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
والحاصل:
أن عبادة الخشية وغيرها من العبادات إن صُرفت لله تعالى وحده، خرَج بها العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا والآخرة إلى سعتهما، وإن بُذلت لغير مستحقها سبحانه وتعالى، خرج بها العباد من عبادة رب العباد إلى عبادة العباد، ومن سَعة الدنيا والآخرة إلى ضيقهما، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف