كانت شهرذاد تحكي لشهريار قصة كل يوم ، حتى لا يقتلها ولا يقوم مسرور السياق بقطع رقبتها فقالت شهرذاد بصوتها الجميل ، بلغنى ايها الملك شهريار بأنه يحكى انه كان هناك رجل يسمى إسكندر ذا القرنين ، ولقد اجتاز في سفره ومر بقوم ضعفاء ، لا يملكون شيئا من أسباب الدنيا ، وحتى أنهم قد حفروا قبور موتاهم على أبواب دورهم، و كانوا في كل وقت يتعهدون تلك القبور و يكنسون التراب عنها ، و ينظفونها و يزورونها و يعبدون الله تعالى فيها و ليس لهم طعام الا الحشيش الاخضر و نبات الأرض ، فبعث إليهم إسكندر ذو القرنين رجلا يستدعي ملكهم اليه ، فلم يجبه و قال ، في ما لي اليه حاجة فقال : كيف حالكم وما انتم عليه، فإني لا أرى لكم شيئا من نعيم الدنيا؟
فقال له: ان نعيم الدنيا لا يشبع منه احد ، فقال له اسكندر بتعجب : لم حفرتم القبور على أبوابكم؟
فقال:
لتكون نصب أعيننا فننظر إليها، ونجدد ذكر الموت و لا ننسى الاخرة، و يذهب حب الدنيا من قلوبنا ، فلا نشتغل بها عن عبادة ربنا تعالى.
فقال اسكندر: كيف تاكلون الحشيش؟
قال:لأننا نكره ان نجعل بطوننا قبورا للحيوانات، ولأن لذة الطعام لا تتجاوز الحلق ، ثم مد يده فأخرج قحفا من رأس آدمى فوضعه بين يدى إسكندر و قال له ياذا القرنين، أتعلم من كان صاحب هذا؟
قال: لا.
فرد الرجل قائلا ، كان صاحبه ملكا من ملوك الدنيا يظلم رعيته، ويجور عليهم وعلى الضعفاء و يستفرغ زمانه في جمع حطام الدنيا، فقبض الله على روحه، و جعل النار مقره و هذا رأسه.
ثم مد ووضع قحفا آخر بين يديه وقال له:أتعرف هذا؟
قال: لا.
قال: هذا كان من ملوك الأرض و كان عادلا في وعيته، شفوقا على أهل ولايته و ملكه، فقبض الله روحه واسكنه جنته ورفع درجته ووضع يده على رأس ذي القرنين وقال:ترى انت اى هذين؟
فبكى ذو القرنين بكاء شديدا وضمه إلى صدره وهو يبكي بحسرة وقال له:
ان انت رغبت في صحبتي سلمت إليك وزارتي، وقاسمتك في مملكتي. فقال الرجل: هيهات هيهات مالي رغبة في هذا فقال له ذالك؟
قال:لأن الخلق كلهم اعداؤك، بسب المال و الملك الذي أعطيته، و جميعهم أصدقائي في الحقيقة بسب القناعة و الصعلكة، لأنني ليس لي ملك ولا طمع في الدنيا،ولا لي إليها طلب، ولا فيها أرب، وليس القناعه حسب. فضمه إسكندر إلى صدره وقبله بين عينيه وانصرف ، فلقد عرف بأن الملك لا يبقى ونهاية الملك مثل نهاية الحقير والصعلوك ، فمن يملك المال كمن لا يملكة عند الله في النهاية ـ، فالقبر سيضم الاثنان معا .
وفي النهاية اتمنى القصة تكون عجبتكم واستفدتم شيئا مفيد بالحياة ، فعملك هو الباقي ، ونهايتنا جميعا واحدة ، وانتظروني مع قصة جديدة من كتاب ألف ليلة وليلة ، وكيف تحمي شهرزاد نفسها من القتل كل ليلة مع تحياتي
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف