2= لا تنافي بين كون الكسوف والخسوف من آيات الله يُخوّف الله بهما عباده ، وبين معرفة كيفية وقوع الكسوف والخسوف .
وذلك أن الله تبارك وتعالى يُجري الآيات في وقت دون وقت ، كما يُمكن معرفة وقت حدوث الكوارث ، كالزلازل وغيرها ، والذي أجراها هو الله عزّ وجلّ ، ولا تعارض بين كونها آيات كونية ، وبين كونها لِتخويف العباد .
3= سبب قوله عليه الصلاة والسلام : " وَإِنَّهُمَا لا يَنْكسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ " قول بعض الناس : كَسَفَتْ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ . لِوقوع المصادفة بين موت إبراهيم عليه السلام وبين وقوع الكسوف .
ففي حديث الْمُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَال : كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ، فَقَال النَّاسُ : كَسَفَتْ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ .
وفي حديث جَابِرٍ رضي الله عنه قَال : انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّاسُ : إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ ... – وفيه – : فَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ وَقَدْ آضَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَإِنَّهُمَا لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ . رواه مسلم .
قال القاضي عياض : وقوله (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله) : خصّهما بهذا ، وكل شيء له آية لمعان كثيرة ، منها نفى ما كان تعتقده الجاهلية فيهما ، ويقوله أهل الفضاء والنجوم من دليلهما على ما يحدث في العالم . اهـ .
4= لا تعارُض بين قوله عليه الصلاة والسلام : " لا يَنْكسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ " وبين ما في صحيح مسلم من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ قَدْ مَاتَ .
وذلك لأن الرياح منها ما هو عقوبة ، ولذلك قال السيوطي : " لِمَوتِ مُنَافِق ، أي : عقوبة وعلامة " .
فَكون الريح الشديدة تهبّ لِموت مُنافق ، فتكون عقوبة ، مثلها مثل سائر الآيات التي يُرسلها الله تخويفا ، بِخلاف الكسوف الذي يُحدِثه الله علامة وذِكرى للناس من أجل تخويفهم ، وليس عقوبة محضة .
5= زَعم بعض أهل العلم أن ذلك كان بسبب وقوع الكسوف كان في عاشر الشَّهر ، وقيل : في رَابِعِه ، وقيل : في رابع عَشَره . قال العيني : ولا يصح شيء منها .
وقال ابن تيمية :
وَالْهِلالُ يَسْتَسِرُّ آخِرَ الشَّهْرِ : إمَّا لَيْلَةً وَإِمَّا لَيْلَتَيْنِ . كَمَا يَسْتَسِرُّ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِينَ وَالشَّمْسُ لا تَكْسِفُ إلاَّ وَقْتَ اسْتِسْرَارِهِ .
وقال : وَمَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ : إنَّ الشَّمْسَ تَكْسِفُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الاسْتِسْرَارِ فَقَدْ غَلِطَ وَقَالَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ . وَمَا يُرْوَى عَنْ الواقدي مِنْ ذِكْرِهِ : أَنَّ إبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ يَوْمَ الْعَاشِرِ مِنْ الشَّهْرِ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الْكُسُوفِ : غَلَطٌ . والواقدي لا يُحْتَجُّ بِمَسَانِيدِهِ فَكَيْفَ بِمَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْنِدَهُ إلَى أَحَدٍ ، وَهَذَا فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ خَطَأٌ ، فَأَمَّا هَذَا فَيُعْلَمُ أَنَّهُ خَطَأٌ . وَمَنْ جَوَّزَ هَذَا فَقَدْ قَفَا مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ ، وَمَنْ حَاجَّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ حَاجَّ فِي مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ . اهـ .
6= كانت موعظته صلى الله عليه وسلم أطول من ذلك ، وسيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها مزيد بيان .
7= هذه موعظة وليست خُطبة ، وقد يُعبّر عن الموعظة بالخطبة ، وسيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها : " فَخَطَبَ النَّاسَ" ، ويأتي الكلام عنها هناك .
8= مشروعية تصحيح المفاهيم ، وتوعية الناس ، وتعليم الجاهل ، ومشروعية الموعظة إذا ظَهر مثل هذا في الناس .
9= التحذير من الغلو في الصالحين ، وقد ذَكَر بعض المؤرِّخين أن حُمرة الشفق حدثت بسبب مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ! وهذا غير صحيح ، وهو غُلوّ مرفوض .
10= " يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ " رغّب الله عباده فيما عنده من النعيم ، وخوّفهم من عذابه المقيم ، وذلك ليكون الناس بين رغبة ورهبة ، بين خوف ورجاء .
11= " فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا " تعليق الْحُكم بِالعِلّة ، وهي رؤية الكسوف دون العِلْم به .
12= " فَصَلُّوا " تقدّم حُكم صلاة الكسوف .
13= " وَادْعُوا " الدعاء من أسباب رفع البلاء ، وفي الحديث : الدعاء ينفع مما نـزل ومما لم ينـزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء . رواه الترمذي والحاكم وصححه . وله شاهد من حديث معاذ رواه أحمد . وله شاهد ثان من حديث عائشة : رواه الحاكم والطبراني في الأوسط .
وذلك لأنه " لَيْسَ شَيْءٌ أَكْـرَمَ على اللّهِ سُبْحَانَهُ مِِـنَ الدّعَاءِ " كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد
ولأنه " لاَ يَرُدّ القَضَاءَ إِلاّ الدّعَاءُ ، وَلاَ يَزِيدُ في العُمُرِ إِلاّ البِرّ " كما في حديث ثوبان رضي الله عنه ؛ رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه ، وله شاهد من حديث سلمان رضي الله عنه ، رواه الترمذي .
14= وكما يُدفَع البلاء بالدعاء فإنه يُدفع بالصدقة أيضا ، وسيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها : فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا .
ففي حديث أسماء رضي الله عنها قالت: أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بالعتاقة عند الكسوف .
وفي حديث أبى موسى رضي الله عنه :
" فإذا رأيتم شيئا منها فافزعوا إلى ذِكر الله ودُعائه واستغفاره " .
قال الطحاوي : فأمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء عندها والاستغفار كما أمَر بالصلاة ، فَدَلّ ذلك أنه لم يُرِد منهم عند الكسوف الصلاة خاصة ، ولكن أُرِيد منهم ما يتقربون به إلى الله تعالى من الصلاة والدعاء والاستغفار وغير ذلك . اهـ .
15= " حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ " مشروعية إطالة الصلاة حتى ينجلي الكسوف .
وفي حديث أَبِي بَكْرَةَ قَال : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتْ الشَّمْسُ . فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ . رواه البخاري .
قال ابن رجب : صلاة الكسوف تُسْتَدَام حتى تَنْجَلِي الشمس .
رد: الحديث 151 في الموعظة والتذكير عند وقوع الكسوف
جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف