المسيب مدينة خضراء تغفو على شاطئ الفرات. تحف بها البساتين شمالاً وجنوباً.. بين بغداد وكربلاء.. وبسبب موقعها هذا، نشأت على طريق الزائرين بين المدينتين في القرن السادس عشر ...وتطورت من قرية تضم عدداَ من البيوت الى مدينة تضم ميناءً تجارياً مهماً على الفرات في منتصف القرن الثامن عشر، يربط بين مدن اعالي الفرات وجنوبه لنقل المنتجات الزراعية الوفيرة التي تنتجها الاراضي الزراعية المحيطة بها وماتنتجه المدن الاخرى.
اما سبب تسميتها بـ(المسيب) فليس هناك رأي قاطع، ويتأرجح الرأي بين قولين: الاول انها سميت نسبة الى شخص دفن فيها هو (المسيب)، وهو الامر الاخر الذي لم يُبَت في معرفة من هو هذا الدفين، وتردد القول فيه بين عدة اشخاص. اما الرأي الثاني فهو ان اسمها منقول بتصرف عن اسم نهر(السيب) المندثر المار قربها.
ومهما يكون الامر فانها فضلاً عن اراضيها الزراعية الخصبة، فهي اليوم مدينة كبيرة تحيط بها المصانع الكبيرة.
وشهدت المسيب منذ بداية القرن الماضي والى اليوم، حركة ثقافية مزدهرة، نتيجة تأثرها بالاحداث الثقافية والاجتماعية والسياسية في بغداد وكربلاء وبابل التي تعود اليها ادارياً، لقربها من تلك المدن. وقد برز عدد كبير من ابنائها رفدوا الحركة الادبية فيها شعراً ونثراً وخطابة، فضلاً عن النشاط السياسي في مختلف اتجاهاته.
وفي المسيب ظاهرة تلفت الانتباه، هي كثرة المؤلفات التي الفها ابناؤها عن مدينتهم، وهي تؤشر ازدهار الحركة الثقافية فيها التي دفعتهم للبحث في تاريخها وتوثيق معالمهما. وتؤشر كذلك اعتزاز ابنائها بها.
واول من كتب في ذلك هو العلامة الشيخ (علي القسام) سنة 1974 ثم توالت الاصدارات للاساتذة (جواد عبد الكاظم محسن) الذي الف عدة كتب قيمة عن علمائها والمراقد المحيطة بها، فضلا عن الحالة الاجتماعية فيها. وكذلك الباحث الاديب (احمد زكي الانباري) والدكتور( حامد الراجحي). وهناك رسالة ماجستير لطالبة في كلية ابن رشد قيد الانجاز تبحث في مدينة المسيب.
و صدر حديثاً الجزء الثاني من كتاب (موسوعة اعلام المسيب) للاديب الباحث (مهدي المعموري) و كان قد صدر في العام الماضي الجزء الاول من الموسوعة في طبعة انيقة.
وقد انتهج الاستاذ (المعموري) في كتابه منهجاً فريداً، .....كونه قد جمع ما يصل الاحفاد بالاباء والاجداد ..و هي سنة سطرها الاقدمون عندما كتبوا تراجم من سبقوهم فضلاً عن مجايليهم ..وهذه السير في يومنا هذا، قد اصبحت لها قيمة لاتثمن، لما عكسته من وصف حقيقي للحياة الاجتماعية والثقافية في تلك العصور بعيداً عن سرد تاريخ الملوك والحكام التي تكتب تزلفاً وطمعاً في نوالهم مما يبعدها عن الواقع.
وقد جمع المؤلف في كتابه بين اطراف ما يقارب قرناً كاملاً من شخصيات المدينة...وهوعمل له خطورته في دراسة الاحوال الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن المعلومات التاريخية عن مدينة المسيب.
ويلاحظ ان المؤلف لم يقسر في منهجه القارئ على موقف مسبق او منهج محدد لغاية معلومة ...وانما ترك المدينة تتحدث عن ابنائها وكأنها تتحدث عن نفسها. وقد ذابت شخصيتها في شخوصهم فهما فيه وحدة واحدة، مكونة ظاهرة تعرف على حد قول الاديب (احمد زكي الانباري ) في كتابه (المسيب تاريخ وحياة - 2002)
بـ (المسيباوية) اي ان سكان مدينة ( المسيب) على اختلاف اصولهم ومشاربهم قد امتزجوا وتصاهروا واصبحوا وحدة اجتماعية واحدة، حتى ان نخوتهم جميعا على اختلاف عشائرهم هي واحدة.(اولاد جيس- قيس).
فالجهد الفريد الذي بذله المؤلف في تسليط الضوء على معظم عوائل المدينة من خلال شخوصها البارزين الذين أثروا هذه المدينة بالكثير من كرم الخصال وطيب المعشر، فضلا عن تأصيل وتجذير الحس الديني والوطني والاخلاقي عبر الأجيال المتتابعة في هذه المدينة العريقة ، ومن هنا جاءت الأهمية التاريخية لهذا الكتاب باعتباره سفرا تاريخيا سيكون نبراسا لأجيال قادمة متعددة.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف
المسيب
.gif)
.gif)
العرض المتطور