رفعت الحكومة الإيرانية فجأة ومن دون إعلان مسبق أسعار الوقود إلى نحو 300% في أول يوم من العطلة الأسبوعية أمس الجمعة، كما فرضت نظام حصص على أصحاب السيارات وسائقيها، ما دفع المحتجين إلى الشارع في كل المناطق داعين إلى التراجع عن القرار ورحيل المسؤولين.
وانطلق المحتجون بتظاهراتهم في كافة المدن والمناطق التي يعيش سكانها أساساً وضعاً اقتصادياً سيئاً، لتتحول الاحتجاجات إلى العنف في عدد من المناطق، وفقاً لمقاطع فيديو منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تظهر عناصر أمنيين يطلقون الغاز المسيل للدموع من أجل تفريق المتظاهرين.
وحتى الآن، يتضح أن إيران الدولة النفطية الكبيرة، بدأت تتخبط في اتخاذ قراراتها الداخلية بمواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والتي أتت بعد العقوبات الدولية والأمريكية عليها وخفض صادرات النفط بشكل كبير.
فقرار الحكومة رفع سعر ليتر مادة البنزين إلى 15 ألف ريال، من 10 آلاف ريال لكل ليتر من أول 60 ليتراً بالشهر، فيما سيكلف كل ليتر إضافي فوق هذه الكمية 30 ألف ريال، يعتبر من القرارات اللاشعبية، ويؤدي فعلياً إلى هزة اقتصادية بين الطبقة المتوسطة والفقراء، وهو ما دفع أحزاب سياسية من ضمن النظام إلى التهرب من الدفاع عن القرار، رغم أن رؤساء المؤسسات الثلاث الأعلى في إيران هم من أطلقوا قرارات رفعها، أي كل من رؤساء الجمهورية والبرلمان والقضاء، في خطوة يبدو أن الزعيم الإيراني علي خامنئي أعطى موافقته عليها، ولكن كما يقال فإن خامنئي أعطى الأمر برفع سعر الوقود لحرق حكومة روحاني والقضاء عليها.
وعارض الإصلاحيون هذه الخطوة التي ستطيح بروحاني والمقربين منه من الحكومة في أي انتخابات مقبلة، بسبب ما ستكلفهم من خسائر سياسية كبيرة، وخصوصاً أن الإصلاحيين منذ سنوات طويلة نبهوا إلى سوء الوضع الاقتصادي، ومواجهتهم المتشددين خلال الحملات الانتخابية بالدعوة إلى وقف دفع المال بمليارات الدولارات سنوياً لميليشيا حزب الله في لبنان وتمويل كل من الحرب السورية والحوثيين في اليمن.
ونبه محللون في طهران إلى أن خطوة زيادة أسعار الوقود ستكون أصعب على الناس مع بدء موسم الشتاء في إيران، حيث يعتمد الناس على التدفئة المنزلية المستمرة في بلد شتاؤه قارس وتتساقط الثلوج في مدنه، وهو يعني أن رد فعل الشارع سيكون أعنف من المرات السابقة التي واجه الحرس الثوري الناس بالسلاح فأجبرهم على وقف الاحتجاجات.
ودعا محللون اقتصاديون من الإصلاحيين والمقربين من روحاني إلى التراجع فوراً عن القرار، مشيرين إلى أن فراغ خزانة مال الدولة ليس سببه الناس العاديين بل ما يصرف من أموال على الحرس الثوري، ومعها عمليات التخريب في المنطقة والعالم التي أدت إلى فرض عقوبات مشددة على طهران.
وتحاول حكومة طهران بقراراتها تمويل ميزانيتها التي فقدت أكثر من ثلثها بسبب وقف تصدير النفط، وهي رفعت الأسعار وجربت تمريرها ليلة أمس الجمعة خوفاً من اشتعال الاضطرابات، في بلد ارتفع التضخم فيه إلى 40%.
وأعلنت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن زيادة سعر الوقود لا علاقة له بالميزانية الحكومية ولا محاولة توفير بعض المال نحو 850 مليون دولار، مشيرة إلى أن طهران رفعت سعر الوقود بسبب غياب الإيرادات بعد انخفاض تصدير النفط بسبب العقوبات.
ونشر عدد من الإصلاحيين تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، داعين روحاني إلى تغيير سياسة إيران بدل تغيير سياساتها الاقتصادية الداخلية، ونصحوه بإلقاء نظرة على الاضطرابات الشعبية التي هزت لبنان حيث يصرف المال الإيراني على "حزب الله"، والعراق حيث "الحشد الشعبي" يواجه المتظاهرين بالرصاص وينادي المحتجون بشعارات ضد الخامنئي وطهران.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف