" الحشاشون " .. أول فرقة إرهابية بتاريخ إيران (جزء 2)
" الحشاشون " .. أول فرقة إرهابية بتاريخ إيران (جزء 2)
أيمن حسن - الرياض يستمر درس التاريخ مع "الحشاشين" أول فرقة أو تنظيم إرهابي إيراني بقيادة زعيمهم حسن الصباح، لنتعرف على الإستراتيجية التي تتحرك بها إيران وحرسها الثوري وتنظيم " داعش" والموالين له في المنطقة، بالتسلل إلى الدول المجاورة واستغلال الظروف السياسية والاقتصادية والخلافات المذهبية واستغلال الجهال من المراهقين والشباب، من أجل تجنيد الأتباع ثم تكليفهم بالعمليات الإرهابية والتخريبية.
القاتل تحت تأثير الحشيش
أصبحت كلمة "حشّاشين Assasin" تستخدم في معظم اللغات الأوروبيّة بمعنى "القاتل المأجور المحترف"، حيث كان حسن الصباح ومعاونوه كانوا يحرصون على أخذ الصبية الصغار ويعلمونهم مبادئ الإسماعيلية وتعاليمها ثم بعد ذلك يعلمونهم فنون المكر والخداع وكذلك فنون الاغتيال بالخنجر والسكين وهم في أثناء مراحل التعليم هذه يجعلونهم يتناولون مخدر الحشيش حتى يصبحوا مدمنين، ويصبحوا أدوات قتل مطيعة، حتى في قتل أنفسهم، وفي كتاب "الحشّاشون - فرقة ثوريّة في تاريخ الإسلام" للمستشرق البريطاني برنارد لويس، صورة عن سيطرة حسن الصباح على هؤلاء، قدمها المؤرّخ الألماني أرنولد أوفلوبيك، حيث يقول: "لقد استطاع هذا الشيخ بطرقه السحريّة أن يغري قومه بأن يعبدوه ولا يقتنعون بإله سواه وأغواهم بطريقة غريبة مُستخدمًا الآمال والوعود بالمسرّات والبهجة الخالدة، حتى جعلهم يفضّلون الموت على الحياة، إنّ إيماءة منه كافية، لأن تجعل الكثيرين منهم يقفزون من فوق الأسوار المرتفعة للقلعة ويسقطون فتدق أعناقهم وتتحطّم جماجمهم ويموتون ميتة بائسة، وهو يؤكّد لهم أنّ أسعدهم مآلاً هم الذين يسفكون دماء الآخرين ويلقون حتفهم (...) والشيخ يقدّم لهم بنفسه خناجر مخصصة لهذه المهمّة ثم يلثمهم على نحو يجعلهم ينغمرون في حالة من الوجد والابتهاج الغامر ونسيان أي شيء آخر".
حكاية الفردوس المزعوم
مر الرحالة ماركو بولو (marco polo) عبر إيران سنة 1273 مـ، وقد تحدّث في كتابه عن فرقة " الحشاشين" وعن جبال آلمــــوت، وحكاية الفردوس المزعوم، فقال "إنهم يسمون شيخ الجبل في لغتهم ألودين ( علاء الدين )، وقد قام بإغلاق وادٍ بين جبلين، وحوّله إلى حديقة فيحاء، أكبر وأجمل حديقة يمكن أن تقع عليها عين، وملأها بكل أنواع الفاكهة، وأقام فيها قصورًا ومقصورات من أروع ما يمكن تخيله وجميعها مغطاة برسوم فاتنة ومموهة بالذهب، وجعل فيها جداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وأقام على خدمة الحديقة فاتنات من أجمل نساء العالم يجدن العزف على مختلف الآلات الموسيقية، ويغنين بأصوات رخيمة ويؤدين رقصات تخلب الألباب".
ويضيف : "وقد حاكى الشيخ حسن الصباح الجنّة التي وصفها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان لا يسمح لأحد بدخول الحديقة إلاّ لهؤلاء الذين يراد لهم أن يكونوا حشّاشين. وذلك بعد أن يجعلهم يشربون مخدرًا يسلمهم إلى نعاس عميق، ثم يأمر برفعهم وحملهم إلى هناك.. وعندما يستيقظون ويجدون أنفسهم في مثل هذا المكان الأخاذ يحسبون أنه الفردوس حقًا".
التكليف بالاغتيال
"هذا الأمير الذي يسمونه الشيخ أقام لنفسه بلاطًا عظيمًا رائعًا، وجعل سكان الجبل البسطاء يعتقدون اعتقادًا راسخًا أنه نبي عظيم، وعندما يريد أن يرسل أحد حشاشيه في مهمة فإنه يأمر بإعطاء المخدر الذي تحدثت عنه من قبل إلى أحد الشبان في الحديقة، ثم يحملونه إلى القصر، ولذا فإنه عندما يستيقظ الشاب يجد نفسه في القلعة وليس في الفردوس، ثم يؤتى به إلى حضرة الشيخ فيركع أمامه في احترام بالغ معتقدًا أنه في حضرة نبي حقيقي، وعندئذ يسأله الأمير من أين جاء، فيجيبه الشاب أنه جاء من الفردوس! وأنه كما وصفه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن تمامًا.
وهذا بالطبع يفعم الحاضرين الذين لم يشاهدوا ذلك المكان بأكبر رغبة في الدخول إلى هناك، ولذا فإنه عندما يريد الشيخ أن يقتل أميرًا ما فإنه يقول لمثل هذا الشاب: اذهب واقتل فلانًا أو فلانًا وعندما تعود سوف أدخلك إلى الفردوس، وإذا مت أرسل ملائكتي لتحملك إلى هناك".
اغتيالات
كان نظام المُلك وزيرًا متنفِّذًا في الإمبراطورية السلجوقية الكبرى التي امتدت من تركيا إلى أفغانستان. وفي آخر أيامه، صمم على مواجهة خطر الحشاشين الداهم.
وفي العام 1092، تقدم عابر سبيل صوفي من هودج نظام المُلك؛ وكون الأخير معروفًا بتدينه، فطلب من الرجل أن يقترب. وفي الحقيقة لم يكن الرجل سوى قاتل من الحشاشين طعن نظام المُلك بخنجر كان يُخفيه. وحاول القاتل الهرب لكنه تعثّر بحبلٍ، فأدركه حرّاس الوزير وقتلوه، وهكذا كان نظام الملك أول ضحايا الحشاشين.
ثم توالى بعدها جرائم قتل قيادات المسلمين على يد تنظيم حشاشي إيران الإرهابي، فقتل فخر المُلك عندما كان في طريقه إلى صلاة المغرب واستوقفه شابٌ يبكي وناوله مَظلِمته. وبينما كان الوزير ينظر في المظلمة، أخرج الشاب خنجرًا وطعنه حتى الموت، وقتل الأمير أحمد بن إبراهيم الكردي، وقتل الحشاشون قاضي أصفهان الشرعي عبيد الله الخطيب، كما قتلوا الوزير أبو طالب السميرمي، ويعتقد أن الحشاشين وراء مقتل الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وعلى الرغم من كون الفاطميين والحشاشين من الشيعة الإسماعيلية، فقد انقسموا إلى طوائف مختلفة متنافرة، وقتلته مجموعة من الحشاشين.
قتل من يلتزم بالشريعة الإسلامية
وجاء في كتاب "الحشّاشون"، تروي الأدبيات الإسماعيلية حادثة فك الناس من قواعد الشريعة التي أنجزها حسن الصباح بأمر من "الإمام المستتر" وتمتيعهم بالقيامة الروحيّة بعد أن صاروا من خدم الإمام المقرّبين. وقد أمر الصباح بقتل كل من يلتزم بتعاليم الشريعة من صوم وصلاة وزكاة، لأنّه يخالف أوامر الإمام المستتر وتعاليمه السامية.
نهاية الحشاشين
وقد تتالت الأئمة من بعد حسن الصباح حتى جاء ركن الدين الذي هاجم في عصره هولاكو الشرق فاكتسحه، ودفع الإمام الإسماعيلي إلى الاستسلام له بعد حصار قلاعه في رودبار وكوهستان وبعد أن استغلّه هولاكو في إخضاع بقيّة القلاع أمر بقتله شر قتلة "فأصبح حكاية في فم الناس وعبرة في فم الزمن" إذ كسرت من بعده الإسماعيلية وأصبحت فرقة صغيرة تفتقد المهابة والقوة.
"الإرهابيون الأوَل"
يرى الباحث التونسي عبد المنعم شيحة، أن الحشاشين هم "الإرهابيون الأوَل"، ويقول " يمكن القول إنهم "الإرهابيون الأوَل" في العالم الإسلامي الذين استطاعوا تطويع الإرهاب لتحقيق مصالح سياسية.
لقد كان حسن الصباح يعلم جيدًا أنّه وجماعته لا يستطيعون كسر شوكة الإسلام السني ولا ضرب هيبة الدولة السلجوقيّة لو حاربهم سنين وفق المنوال التقليدي، ولكنّه يستطيع بقوّته الصغيرة المخلصة أن يربك هذه الدولة ويزعزع أركانها مُمارسًا ما يُعرف في دائرة معارف العلوم الاجتماعية بالإرهاب الذي يُقصد به: "ما تمارسه مُنظّمة محدودة العدد وتلهبه أهداف واسعة النطاق يضمّها برنامج متماسك ترتكب من أجله أعمال إرهابيّة".
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف
العرض الشجري