مادة الاقتصاد:
في هذه المادة في شهر رمضان نتعلم سلوكات اقتصادية إيجابية مطلوبة، وأخرى سلبية وجب تجنُّبُها.
أولًا: الاقتصاد والإنفاق المستحب في شهر رمضان:
1- الزيادة في الإنفاق التطوعي: وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جوَّادًا طيلة العام، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارِسه القرآن، فلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة))[1]، والجود: كثرة الإعطاء، فلماذا يزيد النبي صلى الله عليه وسلم من الإنفاق والجود في رمضان؟ قال الإمام ابن الجوزي عليه رحمة الله: "وإنما كثُرُ جُودُه عليه السلام في رمضان لخمسة أشياء:
أحدها: أنه شهر فاضل، وثواب الصدقة يتضاعف فيه، وكذلك العبادات؛ قال الزهري: تسبيحة في رمضان خير من سبعين في غيره.
والثاني: أنه شهر الصوم؛ فإعطاء الناس إعانة لهم على الفطر والسحور.
والثالث: أن إنعام الحق يكثُر فيه؛ فقد جاء في الحديث: ((أنه يُزاد فيه رزق المؤمن، وأنه يُعتَق فيه كل يوم ألف عتيق من النار))؛ فأحب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوافق ربه عز وجل في الكرم.
والرابع: أن كثرة الجود كالشكر لترداد جبريل عليه السلام إليه في كل ليلة.
والخامس: أنه لما كان يدارسه القرآن في كل ليلة من رمضان، زادت معاينته الآخرة؛ فأخرج ما في يديه من الدنيا[2].
فهل بحثنا عن الفقراء والمحتاجين؟ هل أنفقنا على اليتامى؟ هل نفَّسنا عن مؤمن كربة من كرب الدنيا؟ هل يسَّرنا على مُعسِر؟ هل ساعَدْنا مريضًا في إجراء عملية جراحية أو شراء دواء؟ وغيرها من أنواع الإنفاق؛ قال تعالى: ﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات: 19]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))[3]، وأبشِرْ أيها المنفق؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعْطِ منفقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا))[4].
2- تفطير الصائمين: سواء استقدمتهم إلى منزلك، أو هيأتَ طعامًا فذهبت به إليهم، أو أعددت قفةً رمضانية فتصدقت بها عليهم، أو شاركت بمالك في مشروع تفطير الصائمين، أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شك يستلزم إنفاقًا.
والفائدة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((من فطَّر صائمًا، كُتب له مثل أجره، إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء))[5]، فهل أعددنا مشروعًا لتفطير الصائمين؟ وبذلك تستطيع أن تصوم شهرين عوض شهر، لو فطَّرت ثلاثين صائمًا خلال شهر.
ثانيًا: الاقتصاد والإنفاق غير المستحب في شهر رمضان؛ ومن ذلك:
1- الإسراف: كثير من الناس يسرف في موائد الإفطار، فيُوضَع على المائدة من الطعام ما يكفي الكثير من الناس، ويكثر من الأنواع إلى درجة أنك لا تعرف من أين تبدأ، ويُصاب بهستيريا الشراء فيشتري كل ما تقع عليه عينه. ثم لا يأكل من كل هذا إلا القليل، فيُهدر الباقي في أكياس القمامة، في حين هناك من يحتاج هذا الطعام، هو يشتكي من التُّخَمة، وغيره يشتكي من الجوع، هل هذه حكمة الصيام التي من تجلياتها ترك الأكل والشرب لتذكُّر الفقراء؟ وهل هذا هَدْيُ الإسلام في قوله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم أُكُلات يُقِمْنَ صُلبه، فإن كان لا محالة، فثُلُثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه))[6].
2- البخل: والتقتير على نفسه وعياله حتى الضروري من النفقة، وهذا أيضًا غير مستحب، فالإسلام دين الوسط؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]؛ فالبخيل لا يؤدي حق الله فيما أوجبه عليه من الزكاة، ولا حق الأبناء والعيال فيما أوجبه الله عليه من النفقة الواجبة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوتَه))[7].
ورحمة الله على القائل:
إذا كنت جمَّاعًا لمالك ممسكًا
فأنت عليه خازن أمينُ
تؤدِّيه مذمومًا إلى غير حامدٍ
فيأكله عفوًا وأنت دفينُ
وصدق والله؛ فلكم رأينا من الناس ما أدوا حق الله، وتركوا المال لورثتهم وفيرًا، يعبثون فيه، فضيَّعوه، وبقِيَ هو في قبره حسيرًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف