وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة
تتلى إلى يوم القيامة
وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظَّم قدرها
وهي قوله تعالى :
( إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر
ليلة القدر خير من ألف شهر
تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر
سلام هي حتى مطلع الفجر )
سورة القدر
فقوله تعالى :
( وما أدراك ما ليلة القدر )
تنويهاً بشأنها ، وإظهاراً لعظمتها .
( ليلة القدر خير من ألف شهر )
أي :
أي إحْياؤها بالعبادة
فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة
وهذا فضل عظيم
لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى
وفي هذا ترغيب للمسلم
وحث له على قيامها وابتغاء وجه الله بذلك
ولذا كان النبي صل الله عليه وسلم
يلتمس هذه الليلة ويتحراها مسابقة منه إلى الخير
وهو القدوة للأمة ، فقد تحرّى ليلة القدر .
ويستحب تحريها في رمضان
وفي العشر الأواخر منه خاصة
جاء في صحيح مسلم
من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ
ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ
( والقبة : الخيمة وكلّ بنيان مدوّر )
عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ
قَالَ فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ
ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ
فَقَالَ إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ
ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ
ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ
فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ
فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ
قَالَ وَإِنِّي أُرْيْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ
وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ
فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ
وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ
فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ
فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ
وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ
وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ .
صحيح مسلم 1167
وفي رواية قال أبو سعيد :
( مطرنا ليلة إحدى وعشرين
فوكف المسجد في مُصلى رسول الله صل الله عليه وسلم
فنظرت إليه
وقد انصرف من صلاة الصبح
ووجهه مُبتل طيناً وماء )
متفق عليه
وروى مسلم من حديث
عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه
نحو حديث أبي سعيد لكنه قال :
( فمطرنا ليلة ثلاثة وعشرين )
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما
أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
( ألتمسوها في العشر الأواخر من رمضان
في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى )
رواه البخاري 4/260
وليلة القدر في العشر الأواخر كما في حديث
أبي سعيد السابق وكما في حديث عائشة
وحديث ابن عمر أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان )
حديث عائشة عند البخاري 4/259
وحديث ابن عمر عند مسلم 2/823
وهذا لفظ حديث عائشة .
وفي أوتار العشر آكد
لحديث عائشة أن رسول الله صل الله عليه وسلم
قال :
( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر )
رواه البخاري 4/259 .
وفي الأوتار منها بالذات
أي ليالي :
إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين
وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين .
فقد ثبت في الصحيحين
أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
( التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر )
رواه البخاري ( 1912 ) وانظر ( 1913 )
ورواه مسلم ( 1167 ) وانظر ( 1165 )
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه
أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان
ليلة القدر في تاسعة تبقى
في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى )
رواه البخاري ( 1917 - 1918 ) .
فهي في الأوتار أحرى وأرجى إذن .
وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت
قال :
خرج النبي صل الله عليه وسلم
ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى
( أي تخاصم وتنازع )
رجلان من المسلمين
فقال :
( خرجت لأخبركم بليلة القدر
فتلاحى فلان وفلان فرُفعت
وعسى أن يكون خيراً لكم
فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة )
البخاري ( 1919 ) .
أي في الأوتار
وفي هذا الحديث دليل على شؤم الخصام والتنازع
وبخاصة في الدِّين وأنه سبب في رفع الخير وخفائه .
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف