قال ابن كثير: أي هو بصير بهم، فيهدي من يستحق الهداية، ويضل من يستحق الإضلال، وله الحجة البالغة، والحكمة التامة، والقدر النافذ.
كل ما خلقه الله تعالى فله فيه حكمة، والحكمة تتضمن شيئين:
أحدهما: حكمة تعود إليه تعالى يحبها ويرضاها.
والثاني: حكمة تعود إلى عباده، هي نعمة عليهم، يفرحون بها، ويلتذون بها، وهذا يكون في المأمورات وفي المخلوقات[1].
قال ابن القيم رحمه الله: فهو سبحانه حكيم، لا يفعل شيئًا عبثًا ولا بغير معنى ومصلحة وحكمة، هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا، وهذا في مواضع لا تكاد تحصى[2].
وقال ابن تيمية رحمه الله: وَأَما السؤال عَنْ تَعْلِيلِ أَفْعَالِ اللَّهِ، فَاَلَّذِي الذي عليه جمهور المسلمين من السلف والخلف أن الله تعالى يخلق لحكمة، ويأمر لحكمة، وهذا مذهب أئمة الفقه والعلم، ووافقهم على ذلك أكثر أهل الكلام، من المعتزلة والكرامية وغيرهم[3].
اختلاف الفرق في تعليل أفعال الله:
يقول الدكتور سلطان العميري في شرحه مقاصد العقيدة الواسطية لابن تيمية في كتابه العقود الذهبية في:
"الأصل الثاني: تعليل أفعال الله، وهي من الأصول الكبار، وقد اختلفت فيها الفرق العقدية كثيرًا، وأصول الأقوال فيها ثلاثة:
الأول: أن الله تعالى يفعل الأمور لحكمة وغاية، ولكنها حكمة وغاية تقوم في غيره لا في ذاته؛ لأن ذاته لا تقوم بها المعاني، وهو قول المعتزلة.
والثاني: أن الله تعالى لا يفعل لحكمة ولا غاية ولا علة، وهو قول الأشاعرة.
والثالث: أن الله تعالى يفعل الأمور لحكمة وغاية ومصلحة تقوم بذاته، وهو قول أهل السنة والجماعة، وبعض من وافقهم من أهل الكلام على اختلاف بينهم[4].
ذكر الشهرستاني في كتابه الملل والنحل:
فلا غرض له في أفعاله، ولا حامل، بل علة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه[5].
تبع المؤلف في هذه المسألة المذهب الأشعري.
نلاحظ أن هذا الباب قد زلَّت فيه كثير من الفرق، وعلى الإنسان الاعتصام بما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة، والسَّير على منهج السلف الصالح، والإيمان أنه جل وعلا حكيم في خلقه، فعلينا التسليم لأمره وحكمه، وأفعاله جل وعلا كلها تدور بين فضله وعدله.
كما قال ابن القيم رحمه الله:
"الله سبحانه حكيم، لا يفعل شيئًا عبثًا، ولا لغير معنى ومصلحة، وحكمته: هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة، لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا[6].
قال ابن تيمية رحمه الله: "وأما السلف والأئمة، كما أنهم متفقون على الإيمان بالقدر، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه خالق كل شيء من أفعال العباد، وغيرها، وهم متفقون على إثبات أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وأنه لا حجة لأحد على الله في ترك مأمور، ولا فعل محظور، فهم أيضًا متفقون على أن الله حكيم رحيم وأنه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها"، وقد أخبر عن حكمته في خلقه وأمره بما أخبر به في كتابه وسنة رسوله[7].
[1] تفسير ابن كثير، ج٧ ص ١٤٦.
[2] شفاء العليل) لابن القيم (ص 400، ط التراث.
[3] فتاوي ابن تيمية، ج ٨ /٢٧٦.
[4] العقود الذهبية؛ دكتور سلطان العميري، ج ٢ ص ١١٢.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف