لذا أحببتُ أن أُذَكِّرَ نَفْسي وإخواني الكرام بصِفة إقامة الصلاة على ضَوء القرآن الكريم وسُنَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبفهم السلف الصالح، رضي الله عنهم أجمعين، فأقول وبالله تَعَالَى التوفيق:
التحذير من عدم الخشوع في الصلاة:
أخي المسلم الكريم، احذرْ مِنْ عَدَمِ الاطمئنان عند إقامة الصَّلاة؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].
أخي المسلم الكريم، إنَّ الثوابَ الذي تحصل عليه مِن صلاتكَ يتوقفُ على مقدار الخشوع والاطمئنان فيها، وليس للمسلم مِن صلاته إلا بمقدار ما يتدبره من تلاوة القرآن والأذكار الخاصة بالصلاة.
احرصْ أخي المسلم الكريم عند إقامتك للصلاة على اتباع الخطوات التالية بنَفْسِ ترتيبها:
(1) القيام مع القدرة:
يجوز لغير القادر أن يُصلي جالسًا على الأرض، أو كرسي، أو نائمًا على جنبه الأيمن؛ قال تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].
• روى البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ: (صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)؛ (البخاري - حديث 1117).
(2) يستقبل المصلي القبلة جاعلًا سترة قريبة أمامه؛ مثل: عمود، أو كرسي، أو عصا، أو ما أشبه ذلك، ليمنع مرور أحدٍ بين يديه وهو يصلي؛ قال الله تعالى: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144].
(3) ينوي المصلي الصلاة التي قام إليها:
النية: هِيَ عَزْمٌ بالقلب عَلى إقامة الصلاة طاعة لله تعالى ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنية شرط لصحة كل عبادة، والنيةُ محلها القلب، ولا علاقة للسان بها، والتلفظ بالنية غير مشروع في جميع العبادات؛ لأن ذلك لم يثبت عن نبينا محمدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
واللهُ تعالى يعلمُ نية كل إنسان وما يفكر فيه؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ [النحل:19]، وقال سُبحانه: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
* روى البخاريُّ عن أمِيرِ المؤمنين عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)؛ (البخاري - حديث 1).
• روى الحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْكَعْبَةَ مَا خَلَفَ بَصَرُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا؛ (حديث صحيح) (مستدرك الحاكم جـ1 صـ479)، (صفة صلاة النبي - للألباني - صـ69).
لم يكن مِنْ سُنَّة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تغميض عينيه في الصلاة، والسُّنَّةُ أن يكون نَظَر المصلي إلى موضع سجوده، فإن كان تفتيح العينين لا يخل بالخشوع في الصلاة، فهو أفضل، وإن كان تفتيح العينين يحول بين المصلي وبين الخشوع، كأن يكون في القبلة، أو الجدران أو الفُرُش، زخارف تشغلُ المصلي، ففي هذه الحالة يُستحبُ تغميض العينين؛ (زاد المعاد - لابن القيم - جـ1 - صـ293).
(7) يقول المصلي دعاء الاستفتاح:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعضًا من الأذكار التي كان يستفتح بها الصلاة؛ منها: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ؛ (البخاري - حديث744).
ومِنْ أذكار الاستفتاح أيضًا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ)؛ (صحيح أبي داود - للألباني - حديث702).
• منها أن يقول المصلي: (أعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم).
• ومنها كذلك: (أعُوذُ بالله السَّمِيعِ العَليمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم).
(9) يقرأ المصلي الفاتحة في كل ركعة، والبسملة منها:
• روى الشيخانِ عن عُبادة بن الصامت رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رَسُولَ اللهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)؛ (البخاري - حديث 756) (مسلم - حديث 394).
• روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ (أيْ ناقصة) ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ، فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ، فَقَالَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ؛ (مسلم - حديث 395).
(10) يقول المصلي بعد قراءة الفاتحة آمين:
ومعناها: اللَّهُمَّ استجب الدعاء.
• روى الشيخانِ عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ؛ (البخاري - حديث780 / مسلم - حديث410).
(11) يقرأ المسلم ما يتيسر مِن القرآن، وذلك بعد قراءة الفاتحة في الركعتين الأوليين مِن الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويقرأ الفاتحة فقط في الركعتين الثالثة والرابعة في صلاة الظهر، والعصر والعشاء، والثالثة في صلاة المغرب، ويجبُ على المسلم أن يتدبر الآيات التي يقرأها في صلاته.
• روى مسلمٌ عن أبي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ (مسلم - حديث 421).
(12) بعد الانتهاء من القراءة يقول المصلي:
(اللهُ أَكْبُرُ) رافعًا يديه ممدودتا الأصابع، ويُمْكِنُ أن يرفعهما حتى يحاذي بهما منكبيه، أو أطراف أذنيه، ثم يركع حتى يطمئن راكعًا، مع مُراعاة استواء الظهر في الركوع والقبض بكف اليد على الركبتين، مع تفريج الأصابع، ويباعد مرفقيه عن جنبيه؛ (البخاري - حديث 828).
(13) يقول المصلي في ركوعه:
(سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيم) ويُكررُ ذلك عِدة مرات، ويُمكنُ أن يقول المصلي أيضًا: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ)؛ (مسلم - حديث 487).
ويُمكنُ أن يقول المصلي أيضًا: (سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ)؛ (صحيح أبي داود - للألباني - حديث 776).
(14) عند الرفع من الركوع يقول المصلي:
(سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)، وعندما يستوي قائمًا يقول: (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ)؛ (صحيح ابن ماجه - للألباني - حديث 715، 717).
(اللهُ أَكْبَرُ)، ويسجد واضعًا يديه على الأرض قبل ركبتيه.
• روى أبو داودَ عن أبي هريرة أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ؛ (صحيح)، (صحيح أبي داود - للألباني حديث746).
(16) أثناء السجود يضم المصلي أصابع يديه تجاه القِبْلَة، ويجعل يديه حَذو منكبيه، مع رَفْعِ الذراعين عن الأرض، ويُمَكِّن جبهته وأنفه مِن الأرض وكذلك ركبتيه، وينصب أطراف قدميه تجاه القبلة، فيصبح بذلك قد سجد على سبعة أعضاء؛ كما جاء ذلك في سُّنَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
* روى النَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَنْفِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ؛ (صحيح) (صحيح النسائي - للألباني - جـ 1صـ 357).
(17) يقول المصلي في سجوده:
(سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى) مُكررًا ذلك عِدة مرات؛ (مسلم - حديث 772).
ويُمْكِنُ أن يقولَ كذلك: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ)؛ (مسلم - حديث 487).
• ويُمكنُ أن يقولَ أيضًا: (سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ)؛ (صحيح أبي داود - للألباني - حديث:776).
(18) يرفع المصلي رأسه من السجود قائلًا: (اللهُ أَكْبَرُ) ويجلس مطمئنًا، مفترشًا قدمه اليسرى، جالسًا عليها، مع نَصْبِ قدمه اليمنى مُستقبلًا بها القبلة؛ (صحيح أبي داود - للألباني - حديث 766).
• ويُمكن أن يقول أيضًا: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي)؛ (صحيح الترمذي - للألباني - حديث 233).
(20) يقول المصلي: (اللهُ أَكْبَرُ)، ويسجد السجدة الثانية، قائلًا فيها الأذكار السابقة.
(21) يرفع المسلم رأسه من السجدة الثانية وينهض إلى الركعة الثانية، معتمدًا على الأرض، قابضًا كلتا يديه، قائلًا: (اللهُ أَكْبَرُ).
جلسة الاستراحة:
يُستحبُ للمصلي بعد الرفع مِن السجود الثاني مِن الركعة الأولى والثالثة أن يجلسَ جلسة خفيفة قبل أن يقوم إلى الركعة الثانية والرابعة؛ روى الشيخانِ عن مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا؛ (البخاري - حديث 823 / مسلم - حديث 829).
(22) يفعل المصلي في الركعة الثانية ما فعله في الركعة الأولى، إلَّا أنَّه لا يقول دعاء الاستفتاح، مع مراعاة أن تكون القراءة في الركعة الثانية أقصر مِن القراءة في الركعة الأولى.
(23) إذا انتهى المصلي من الركعة الثانية، جلسَ للتشهد الأوسط، باسطًا كفه اليسرى على فخِذِه وركبته اليسرى، قابضًا أصابع يده اليمنى، ويُسنُّ الإشارة بالسبابة اليمنى تجاه القبلة من أول التشهد إلى آخره.
• روى مسلمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَدَعَا بِهَا، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى بَاسِطَهَا عَلَيْهَا؛ (مسلم - حديث 580).
مِنْ سُنَّةِ نبينا صلى الله عليه وسلم أن يكون التسبيح باليد اليمنى.
• روى أبو داودَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَمِينِهِ؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود - للألباني - حديث 1330).
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف