ننتظر تسجيلك هـنـا

 

:: كل عام وانتم بخير ::  
♥ ☆ ♥اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 3,361
عدد  مرات الظهور : 55,884,552
عدد مرات النقر : 3,597
عدد  مرات الظهور : 54,789,418
عدد مرات النقر : 2,997
عدد  مرات الظهور : 53,181,134
عدد مرات النقر : 4,564
عدد  مرات الظهور : 28,358,663
عدد مرات النقر : 2,676
عدد  مرات الظهور : 23,646,513منتديات سهام الروح
عدد مرات النقر : 2,790
عدد  مرات الظهور : 58,673,509
عدد مرات النقر : 3,356
عدد  مرات الظهور : 58,344,833
عدد مرات النقر : 4,447
عدد  مرات الظهور : 58,673,612
عدد مرات النقر : 4,271
عدد  مرات الظهور : 51,511,813

عدد مرات النقر : 2,129
عدد  مرات الظهور : 35,941,309
♥ ☆ ♥تابع اعلانات منتدى سهام الروح♥ ☆ ♥

عدد مرات النقر : 2,066
عدد  مرات الظهور : 29,258,668مركز رفع سهام الروح
عدد مرات النقر : 5,051
عدد  مرات الظهور : 58,673,428مطلوب مشرفين
عدد مرات النقر : 2,539
عدد  مرات الظهور : 58,673,420

الإهداءات



الملاحظات

› ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
#1  
قديم 06-06-2021, 09:27 AM
هويد الليل غير متواجد حالياً
Egypt     Female
مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل Coral
 عضويتي » 2318
 جيت فيذا » May 2020
 آخر حضور » 03-19-2024 (12:28 AM)
آبدآعاتي » 83,815
الاعجابات المتلقاة » 8510
الاعجابات المُرسلة » 96
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 34سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » هويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond reputeهويد الليل has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »  1
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الحياء تاج الأخلاق



الحياء تاج الأخلاق


الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.



أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ الحياء مِن أخلاق الإسلام السامية، فأقول وبالله تَعَالَى التوفيق:

تعريف الحياء:

الْحَيَاءُ: هُوَ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ. (رياض الصالحين - للنووي - صـ 235).



منزلة الحياء:

قال الإمامُ ابن القيّم (رَحِمَهُ اللهُ):خُلُقُ الْحيَاءِ الذي اختص اللهُ تعالى بِهِ الإنسانَ دون جَمِيع الْحَيَوَان مِن أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا، بل هُوَ خَاصَّة الإنسانية، فَمن لَا حَيَاء فِيهِ لَيْسَ مَعَه مِنَ الإنسانية إلا اللَّحْم وَالدَّم وصورتهم الظَّاهِرَة كَمَا أنه لَيْسَ مَعَه من الْخَيْر شَيْء وَلَوْلَا هذا الخلق لم يقر الضَّيْف وَلم يوف بالوعد وَلم يؤد أمانة وَلم يقْض لأحدٍ حَاجَة وَلَا تحرى الرجل الْجَمِيل فآثره والقبيح فتجنبه وَلَا ستر لَهُ عَورَة وَلَا امْتنع من فَاحِشَة وَكثير من النَّاس لَوْلَا الْحيَاء الَّذِي فِيهِ لم يؤد شَيْئا من الأمور المفترضة عَلَيْهِ وَلم يرع لمخلوق حَقًا وَلم يصل لَهُ رحما وَلَا بر لَهُ والدا فَإِن الْبَاعِث على هَذِه الأفعال إِمَّا ديني وَهُوَ رَجَاء عَاقبَتهَا الحميدة وَإِمَّا دُنْيَوِيّ علوي وَهُوَ حَيَاء فاعلها من الْخلق قد تبين انه لَوْلَا الْحيَاء إِمَّا من الْخَالِق أو من الْخَلَائق لم يَفْعَلهَا صَاحبهَا. (مفتاح دار السعادة - لابن القيم - صـ278:277).



الحياء وصية رب العالمين:

♦ قال اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ﴾ [البقرة:26].



قال الإمامُ ابن عثيمين (رَحِمَهُ اللهُ): أي: لا يمنعه الحياء مِن أن يضربَ مثلًا ولو كان مثلًا حقيرًا ما دام يثبت به الحق؛ فالعبرة بالغاية. (تفسير سورتي الفاتحة والبقرة - لابن عثيمين ـــ جـ1 - صـ 96).



♦ قال سبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:53].



♦ قال الإمام محمد بن علي الشوكاني (رَحِمَهُ اللهُ):

قَوْلُهُ: ﴿ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ ﴾: أَيْ: يَسْتَحْيِي أَنْ يَقُولَ لَكُمْ: قُومُوا، أَوِ اخْرُجُوا.



قَوْلُهُ: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ﴾ أَيْ: لَا يَتْرُكُ أَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ مَا هُوَ الْحَقُّ، وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ بَيَانِهِ، وَإِظْهَارِهِ. (فتح القدير - للشوكاني - جـ4 - صـ 342)



القرآن يحافظ على الحياء:

لم يصرح اللهُ تعالى في كتابه العزيز بالألفاظ التي تخدش الحياء.



قال اللهُ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 189] حيث كَنى اللهُ تَعَالَى بكلمة ﴿ تَغَشَّاهَا ﴾ عِن الجماع.



الحياء صفة من صفات الله تعالى:

♦ روى أبو داود عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسي، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود - للألباني - حديث 1320).



♦ قَوْلُهُ: (حَيِيٌّ): أَيْ: مُبَالِغٌ فِي الْحَيَاءِ.

♦ قَوْلُهُ: (كَرِيمٌ): الكريمُ: هُوَ الَّذِي يُعْطِي المحتاجينَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ.

* قَوْلُهُ: (صِفْرًا) أَيْ: فَارِغَتَيْنِ خَالِيَتَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ. (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ4 - صـ1533)



فائدة مهمة:

اللهُ تَعَالَى يُوصفُ بالْحَيَاءِ الذي يَليقُ بِهِ سُبْحَانَهُ بِغَيْرِ تَشْبِيهٍ، وَلَا تَمْثِيلٍ، وَلَا تَحْرِيفٍ، وَلَا تَعْطِيلٍ.



فضل الحياء في السنة:

سوف نذكر بعض الأحاديث النبوية المباركة التي توضح أهمية صفة الحياء في الإسلام:

(1) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ. (البخاري - حديث:9 / مسلم - حديث:35).



(2) روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ.

(البخاري - حديث: 6118)



♦ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ (رَحِمَهُ اللهُ): إِنَّمَا جُعِلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ غَرِيزَةً لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَخَلُّقًا وَاكْتِسَابًا كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَقَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابٍ وَنِيَّةٍ وَعِلْمٍ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ بِهَذَا وَلِكَوْنِهِ بَاعِثًا عَلَى أَفْعَالِ الْبِرِّ وَمَانِعًا مِنَ الْمَعَاصِي. (صحيح مسلم بشرح النووي - جـ2 - صـ5)



(3) روى الشيخانِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ. (البخاري - حديث: 6117 / مسلم - حديث: 37)



♦ قال الإمامُ أحمد بن حجر العسقلاني (رَحِمَهُ اللهُ): إِذَا صَارَ الحَيَاءُ عَادَةً وَتَخَلَّقَ بِهِ صَاحِبُهُ يَكُونُ سَبَبًا لِجَلْبِ الْخَيْرِ إِلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْهُ الْخَيْرُ بِالذَّاتِ وَالسَّبَبِ. (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ10 - صـ 522)



(4) روى البخاريُّ (في الأدب المفرد) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ. (حديث صحيح) (صحيح الأدب المفرد - للألباني - صـ224 - حديث 601)



(5) روى الحاكمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ. (حديث صحيح) (صحيح الجامع - للألباني - حديث 1603)



(6) روى ابنُ مَاجَه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ. (حدِيث حسن) (صحيح ابن ماجه - للألباني - حديث 3370)



الله تعالى يحب المؤمن المتصف بالحياء:

روى البيهقي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ، وَيَكْرَهُ الْبُؤْسَ وَالتَّبَاؤُسَ، وَيُبْغِضُ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ وَيُحِبُّ الْحَيِيَّ الْعَفِيفَ الْمُتَعَفِّفَ. (حديث صحيح) (صحيح الجامع الصغير - للألباني ـــ حديث: 1711)



صفة حياء نبينا صلى الله عليه وسلم:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ. (البخاري - حديث: 6102 / مسلم - حديث: 2320)



روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ المَحِيضِ؟ قَالَ: (خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَوَضَّئِي ثَلاَثًا) ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَا، فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، أَوْ قَالَ: تَوَضَّئِي بِهَا. فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا، فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (البخاري - حديث: 315 / مسلم - حديث: 332)



♦ قَوْلُهُ: (فِرْصَةً مُمَسَّكَةً): قطعة مِنَ القطن أو الصوف بها طِيبٌ.

روى البخاري عَنْ أَنَسِبْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: (ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ) وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي البَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ: (السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ)، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا ثَلاَثَةٌ مِنْ رَهْطٍ فِي البَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الحَيَاءِ، فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ القَوْمَ خَرَجُوا فَرَجَعَ، حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ البَابِ دَاخِلَةً، وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ. (البخاري - حديث: 4793)



♦ قَوْلُهُ: (بُنِيَ): دخول الرَّجُل بزوجته لأول مرة.

♦ قَوْلُهُ: (فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ): دخل حُجرات نسائه واحدة بعد الأخرى.

♦ قَوْلُهُ: (أُسْكُفَّةِ البَابِ): عَتَبة البَابِ.



أقوال السلف الصالح في الحياء:

سوف نذكر بعض أقوال سلفنا الصالح في الحياء:

(1) قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ، فَوَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَظَلُّ حِينَ أَذْهَبُ الْغَائِطَ فِي الْفَضَاءِ مُتَقَنِّعًا بِثَوْبِي اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا - صـ40 - رقم:92)



(2) قَالَتْ أَمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: رَأْسُ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْحَيَاءُ. (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا - صـ34)



(3) قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ. (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا - صـ40 - رقم:93)



(4) قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ لا يَسْتَحْيِ مِنَ النَّاسِ لا يَسْتِحْيِ مِنَ اللَّهِ. (روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ـــ محمد بن حبان - صـ 58)



(5) قَالَ الْحَسَنُ البَصرِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): الْحَيَاءُ وَالتَّكَرُّمُ خَصْلَتَانِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ، لَمْ يَكُونَا فِي عَبْدٍ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمَا. (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا - صـ43 - رقم:109)



(6) قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (رَحِمَهُ اللهُ): الْحَيَاءُ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ. (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا - صـ38 - رقم: 87)



(7) قال ابن القيم (رَحِمَهُ اللهُ): الْحَيَاءُ مِنَ الْحَيَاةِ، وَعَلَى حَسَبِ حَيَاةِ الْقَلْبِ يَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُلُقِ الْحَيَاءِ. وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ مِنْ مَوْتِ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ. (مدارج السالكين ـــ لابن القيم ـــ جـ2 - صـ 248)



الحـياء من الملائكة:

ينبغي على المسلم أن يستشعر الحياء بوجود الملائكة معه، وأنهم يرونه ويرافقونه في كل أوقاته، إلا عند ذهابه إلى الغائط أو عندما يجامع زوجته وأنهم يكتبون أقواله وأفعاله.

♦ قال اللهُ تَعَالَى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80]

♦ قال سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10: 12].



الحـياء في الإنسان:

♦ قَالَ الإمامُ الماوردي (رَحِمَهُ اللهُ): الْحَيَاءُ فِي الْإِنْسَانِ قَدْ يَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدِهَا: حَيَاؤُهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.وَالثَّانِي: حَيَاؤُهُ مِنْ النَّاسِ. وَالثَّالِثِ: حَيَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ. فَأَمَّا حَيَاؤُهُ مِنْ اللَّهِ فَيَكُونُ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَالْكَفِّ عَنْ زَوَاجِرِهِ، وأَمَّا حَيَاؤُهُ مِنْ النَّاسِ فَيَكُونُ بِكَفِّ الْأَذَى وَتَرْكِ الْمُجَاهَرَةِ بِالْقَبِيحِ، وَأَمَّا حَيَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ بِالْعِفَّةِ، وَصِيَانَةِ الْخَلَوَاتِ. (أدب الدنيا والدين - للماوردي - صـ 250:247)



أنواع الحياء:

قال عبد الرؤوف المناوي (رَحِمَهُ اللهُ): الحياء نوعان: نفساني (طبيعي) وهو المخلوق في النفوس كلها كالحياء عن كشف العورة، والجماع بين الناس، وإيماني وهو أن يمتنع المسلم عن فعل المحرم خوفا من الله. (التوقيف على مهمات التعايف - المناوي - صـ150)



مظاهر الحياء:

قال الإمام ابن القيم (رحمه اللهُ): قُسَّمَ الْحَيَاءَ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ: حَيَاءُ جِنَايَةٍ. وَحَيَاءُ تَقْصِيرٍ. وَحَيَاءُ إِجْلَالٍ. وَحَيَاءُ كَرَمٍ. وَحَيَاءُ حِشْمَةٍ.



وَحَيَاءُ اسْتِصْغَارٍ لِلنَّفْسِ وَاحْتِقَارٍ لَهَا. وَحَيَاءُ مَحَبَّةٍ. وَحَيَاءُ عُبُودِيَّةٍ. وَحَيَاءُ شَرَفٍ وَعِزَّةٍ. وَحَيَاءُ الْمُسْتَحْيِي مِنْ نَفْسِهِ. وَحَيَاءُ الْإِجْلَالِ: هُوَ حَيَاءُ الْمَعْرِفَةِ. وَعَلَى حَسَبِ مَعْرِفَةِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ يَكُونُ حَيَاؤُهُ مِنْهُ.



وَحَيَاءُ الْكَرَمِ: كَحَيَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ إِلَى وَلِيمَةِ زَيْنَبَ، وَطَوَّلُوا الْجُلُوسَ عِنْدَهُ. فَقَامَ وَاسْتَحْيَا أَنْ يَقُولَ لَهُمُ: انْصَرِفُوا.



وَحَيَاءُ الْحِشْمَةِ: كَحَيَاءِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَذْيِ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنْهُ.



وَحَيَاءُ الِاسْتِحْقَارِ وَاسْتِصْغَارِ النَّفْسِ: كَحَيَاءِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ يَسْأَلُهُ حَوَائِجَهُ، احْتِقَارًا لِشَأْنِ نَفْسِهِ، وَاسْتِصْغَارًا لَهَا.



وَقَدْ يَكُونُ لِهَذَا النَّوْعِ سَبَبَانِ: أَحَدُهُمَا: اسْتِحْقَارُ السَّائِلِ نَفْسَهُ. وَاسْتِعْظَامُ ذُنُوبِهِ وَخَطَايَاهُ. الثَّانِي: اسْتِعْظَامُ مَسْئُولِهِ.



وَأَمَّا حَيَاءُ الْمَحَبَّةِ: فَهُوَ حَيَاءُ الْمُحِبِّ مِنْ مَحْبُوبِهِ، حَتَّى إِنَّهُ إِذَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِهِ فِي غَيْبَتِهِ هَاجَ الْحَيَاءُ مِنْ قَلْبِهِ، وَأَحَسَّ بِهِ فِي وَجْهِهِ. وَلَا يَدْرِي مَا سَبَبُهُ. وَكَذَلِكَ يَعْرِضُ لِلْمُحِبِّ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِ مَحْبُوبِهِ وَمُفَاجَأَتِهِ لَهُ رَوْعَةٌ شَدِيدَةٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَمَالٌ رَائِعٌ. وَسَبَبُ هَذَا الْحَيَاءِ وَالرَّوْعَةِ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ لِلْمَحَبَّةِ سُلْطَانًا قَاهِرًا لِلْقَلْبِ أَعْظَمَ مِنْ سُلْطَانِ مَنْ يَقْهَرُ الْبَدَنَ. فَأَيْنَ مَنْ يَقْهَرُ قَلْبَكَ وَرُوحَكَ إِلَى مَنْ يَقْهَرُ بَدَنَكَ؟ وَلِذَلِكَ تَعَجَّبَتِ الْمُلُوكُ وَالْجَبَابِرَةُ مِنْ قَهْرِهِمْ لِلْخَلْقِ وَقَهْرِ الْمَحْبُوبِ لَهُمْ، وَذُلِّهِمْ لَهُ. فَإِذَا فَاجَأَ الْمَحْبُوبُ مُحِبَّهُ. وَرَآهُ بَغْتَةً: أَحَسَّ الْقَلْبُ بِهُجُومِ سُلْطَانِهِ عَلَيْهِ. فَاعْتَرَاهُ رَوْعَةٌ وَخَوْفٌ.



وَأَمَّا الْحَيَاءُ الَّذِي يَعْتَرِيهِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ - كَأَمَتِهِ وَزَوْجَتِهِ - فَسَبَبُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ هَذَا السُّلْطَانَ لَمَّا زَالَ خَوْفُهُ عَنِ الْقَلْبِ بَقِيَتْ هَيْبَتُهُ وَاحْتِشَامُهُ. فَتَوَلَّدَ مِنْهَا الْحَيَاءُ. وَأَمَّا حُصُولُ ذَلِكَ لَهُ فِي غَيْبَةِ الْمَحْبُوبِ: فَظَاهِرٌ. لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى قَلْبِهِ. فَوَهْمُهُ يُغَالِطُهُ عَلَيْهِ وَيُكَابِرُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مَعَهُ.



وَأَمَّا حَيَاءُ الْعُبُودِيَّةِ: فَهُوَ حَيَاءٌ مُمْتَزِجٌ مِنْ مَحَبَّةٍ وَخَوْفٍ، وَمُشَاهَدَةِ عَدَمِ صَلَاحِ عُبُودِيَّتِهِ لِمَعْبُودِهِ، وَأَنَّ قَدْرَهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْهَا. فَعُبُودِيَّتُهُ لَهُ تُوجِبُ اسْتِحْيَاءَهُ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ.



وَأَمَّا حَيَاءُ الشَّرَفِ وَالْعِزَّةِ: فَحَيَاءُ النَّفْسِ الْعَظِيمَةِ الْكَبِيرَةِ إِذَا صَدَرَ مِنْهَا مَا هُوَ دُونَ قَدْرِهَا مِنْ بَذْلٍ أَوْ عَطَاءٍ وَإِحْسَانٍ. فَإِنَّهُ يَسْتَحْيِي مَعَ بَذْلِهِ حَيَاءَ شَرَفِ نَفْسٍ وَعِزَّةٍ. وَهَذَا لَهُ سَبَبَانِ.



أَحَدُهُمَا هَذَا. وَالثَّانِي: اسْتِحْيَاؤُهُ مِنَ الْآخِذِ، حَتَّى كَأَنَّهُ هُوَ الْآخِذُ السَّائِلُ. حَتَّى إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْكَرَمِ لَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ بِمُوَاجَهَتِهِ لِمَنْ يُعْطِيهِ حَيَاءً مِنْهُ. وَهَذَا يَدْخُلُ فِي حَيَاءِ التَّلَوُّمِ. لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنْ خَجْلَةِ الْآخِذِ.



وَأَمَّا حَيَاءُ الْمَرْءِ مِنْ نَفْسِهِ: فَهُوَ حَيَاءُ النُّفُوسِ الشَّرِيفَةِ الْعَزِيزَةِ الرَّفِيعَةِ مِنْ رِضَاهَا لِنَفْسِهَا بِالنَّقْصِ، وَقَنَاعَتِهَا بِالدُّونِ. فَيَجِدُ نَفْسَهُ مُسْتَحِيًا مِنْ نَفْسِهِ، حَتَّى كَأَنَّ لَهُ نَفْسَيْنِ، يَسْتَحْيِي بِإِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى. وَهَذَا أَكْمَلُ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَاءِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اسْتَحْيَى مِنْ نَفْسِهِ. فَهُوَ بِأَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْ غَيْرِهِ أَجْدَرُ. (مدارج السالكين - لابن القيم - جـ2 ـ252:250)



حـياء أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم:

سوف نذكر بعض الأمثلة مِن حَيَاءِ أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

(1) قَال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ:يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ، فَوَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَظَلُّ حِينَ أَذْهَبُ الْغَائِطَ فِي الْفَضَاءِ مُتَقَنِّعًا بِثَوْبِي اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. (مكارم الأخلاق - لابن أبي الدنيا - صـ40 - رقم:92)



(2) روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِي اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَوَّى ثِيَابَهُ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ. (مسلم - حديث: 2401)



♦ قَوْلُهُا: (فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ): أَيْ: لَمْ تَتَحَرَّكْ لِأَجْلِهِ



♦ قَوْلُهُا: (وَلَمْ تُبَالِهِ) أيْ: ثَبَتَّ عَلَى اضْطِجَاعِكَ وَعَدَمِ جَمْعِ ثِيَابِكَ. (مرقاة المفاتيح - على الهروي - جـ9 - صـ3917)



♦ روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا، (وهي تتحدث عن دخول أبي بكر وعمر وعثمان عَلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لِى لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِىٌ، وَإنِّى خَشِيتُ - إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ - أَلا يَبْلُغَ إِلَىَّ فِى حَاجَتِهِ. (مسلم - حديث: 2402)



♦ قَوْلُهُا: (لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ): أيْ: لَمْ أَرَكَ تأهبت واهتممت بدخولهما.



♦* قَوْلُهُ:(إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ): أيْ: إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ كَثِير الْحَيَاءِ.



♦ قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ) أَيْ: إِنْ أَذِنْتُ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَخَافُ أَنْ يَرْجِعَ حَيَاءً مِنِّي عِنْدَمَا يَرَانِي عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ، وَلَا يَعْرِضُ عَلَيَّ حَاجَتَهُ لِغَلَبَةِ أَدَبِهِ وَكَثْرَةِ حَيَائِهِ. (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ9 - صـ 3918)



(3) روى الشيخانِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: فِيهِ الوُضُوءُ. (البخاري - حديث: 178 / مسلم - حديث: 303)



♦ (مَذَّاءً) أيْ: كثير المذي.

والمذي: ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الشهوة ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه ويكون ذلك للرجل والمرأة



(4) روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا. (البخاري - حديث: 131 / مسلم - حديث: 2811)



♦ قَوْلُهُ: (مَثَلُ المُسْلِمِ) أَيْ: مِن حيث كثرة النفع واستمرار الخير

♦ قَوْلُهُ: (فَوَقَعَ النَّاسُ) أَيْ: ذَهَبَتْ أَفْكَارُهُمْ إِلَى أَشْجَارِ البَادِيَة.



♦ قَوْلُهُ: (فَاسْتَحْيَيْتُ)

أَيْ: نظرت إلى الحاضرين مِن الصحابة، فوجدت نفسي أصغرهم سِنًا، فَسَكَتُ عِن الجواب حياءً وتكريمًا وتوقيرًا لهم.



♦قَوْلُهُ: (كَذَا وَكَذَا): أيْ: مِنَ الأموال.



(4) روى أحمدٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ، فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي، حَيَاءً مِنْ عُمَرَ. (حديث صحيح) (مسند أحمد - جـ42 - صـ 441 - حديث: 25660)



(5) روى أحمدٌ عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:

إِنِّي لَأَغْتَسِلُ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ فَمَا أُقِيمُ صُلْبِي آخِذًا ثَوْبِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. (الزهد - لأحمد بن حنبل - صـ 162 - رقم:1100)



(6) فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم:

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ: كَمَدَتْ (حزنت) فَاطِمَةُ بنتُ رسول اللهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى أَبِيْهَا سَبْعِيْنَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَقَالَتْ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: إِنِّي لأَسْتَحْيِي أَنْ أَخْرُجَ غَدًا (أيْ: بعد وفاتي) عَلَى الرِّجَالِ مِنْ خِلاَلِهِ جِسْمِي. قَالَتْ: أَوَ لاَ نَصْنَعُ لَكِ شَيْئًا رَأَيْتُهُ بِالحَبَشَةِ؟ فَصَنَعَتِ النَّعْشَ، فَقَالَتْ: سَتَرَكِ اللهُ كَمَا سَتَرْتِنِي. (سير أعلام النبلاء - للذهبي - جـ2 - صـ131)



(7) روى الشيخانِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: َكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ، لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى. (البخاري - حديث: 5224 / مسلم - حديث: 2182)



♦ قَوْلُهُ: (إِخْ إِخْ) كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْبَعِيرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يجعله يجلس.



♦ قَوْلُهُا: (لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ) كَأَنَّهَا فَهِمَتْ ذَلِكَ مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ، وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَادَ أَنْ يُرْكِبَهَا وَمَا مَعَهَا وَيَرْكَبُ هُوَ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ. (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - جـ9 - صـ 323)



الحياء لا يمنع من العلم:

روى البخاريُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ. فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: أَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَبِمَ شَبَهُ الوَلَدِ. (البخاري - حديث: 6091)



الحـياء لا يمنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

الْحَيَاءُ لا يمنع المسلمَ مِن أن يقول الحق أو يأمر بالمعروف، أو ينهى عَن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.



* قال تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الأحزاب:53]



الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر مِن سِماتِ هذه الأمة المباركة:

♦ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران:110]



♦ نبينا صلى الله عليه وسلم مع شدة حَيَائِهِ لم يتوقف عَن قَوْلِ الحق، ويتبين ذلك في موقفه مع أسامة بن زيد حينما أراد أن يشفع في حَدٍ مِنَ الحدود.



روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،:أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ:إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا. (البخاري - حديث 3475 / مسلم - حديث 1688).



* روى ابنُ مَاجَه عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَامَ خَطِيبًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ:

أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ.



قَالَ: فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ: قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا. (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه - للألباني - حديث:4007)



فائدة مهمة:

قَالَ الإمامُ النَّوَوِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): قَدْ يُشْكِلُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ مِنْ حَيْثُ إنَّ صَاحِبَ الْحَيَاءِ قَدْ يَسْتَحْيِ أَنْ يُوَاجِهَ بِالْحَقِّ مَنْ يُجِلُّهُ فَيَتْرُكُ أَمْرَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيَهُ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ الْحَيَاءُ عَلَى الْإِخْلَالِ بِبَعْضِ الْحُقُوقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْعَادَةِ قَالَ: وَجَوَابُ هَذَا مَا أَجَابَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ هَذَا الْمَانِعَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ بِحَيَاءٍ حَقِيقَةً بَلْ هُوَ عَجْزٌ وَخَوَرٌ وَمُهَانَةٌ وَإِنَّمَا تَسْمِيَتُهُ حَيَاءً مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِ أَهْلِ الْعُرْفِ أَطْلَقُوهُ مَجَازًا لِمُشَابَهَتِهِ الْحَيَاءَ الْحَقِيقِيَّ. (صحيح مسلم بشرح النووي - جـ2 - صـ6:5)



الحـياء عنـد المـرض:

♦ روى الشيخانِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى.



قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي.



قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ؟



فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. (البخاري - حديث 5652 / مسلم - حديث2576)



♦ قَوْلُها: (إِنِّي أُصْرَعُ)

قَالَ الْأَبْهَرِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ):

الصَّرَعُ عِلَّةٌ تَمْنَعُ الْأَعْضَاءَ الرَّئِيسَةَ عَنِ انْفِعَالِهَا مَنْعًا غَيْرَ تَامٍّ، وَسَبَبُهُ رِيحٌ غَلِيظٌ يَحْتَبِسُ فِي مَنَافِذِ الدِّمَاغِ، أَوْ بُخَارٌ رَدِيءٌ يَرْتَفِعُ إِلَيْهِ مِنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَقَدْ يَتْبَعُهُ تَشَنُّجٌ فِي الْأَعْضَاءِ، فَلَا يَبْقَى مَعَهُ الشَّخْصُ مُنْتَصِبًا، بَلْ يَسْقُطُ وَيَقْذِفُ بِالزَّبَدِ لِغِلَظِ الرُّطُوبَةِ، وَقَدْ يَكُونُ الصَّرَعُ مِنَ الْجِنِّ، وَلَا يَقَعُ إِلَّا مِنَ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ مِنْهُمْ. (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ3 - صـ1147)



♦ قَوْلُها: (وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ) أيْ: تنكشف عَوْرَتي في حالة الصرع والإغماء مِن حيث لا أشعر.



أنظر أخي المسلم الكريم:

كيف أن هذه المرأة رضيت بالصبر على ما تعانيه مِن آلام المرض، ولكن حياءها منعها مِنَ الصبر على كَشْفِ جسمها، ونظر الناس إلى عورتها.



المعاصي تمحو الحياء من النفوس:

قال الإمام ابن القيم (رَحِمَهُ اللهُ): مِنْ عُقُوبَاتِ المعاصي: ذَهَابُ الْحَيَاءِ الَّذِي هُوَ مَادَّةُ حَيَاةِ الْقَلْبِ، وَهُوَ أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ، وَذَهَابُهُ ذَهَابُ الْخَيْرِ أَجْمَعِهِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: (الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ).



الذُّنُوبُ تُضْعِفُ الْحَيَاءَ مِنَ الْعَبْدِ، حَتَّى رُبَّمَا انْسَلَخَ مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا لَا يَتَأَثَّرُ بِعِلْمِ النَّاسِ بِسُوءِ حَالِهِ وَلَا بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهِ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ حَالِهِ وَقُبْحِ مَا يَفْعَلُ، وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ انْسِلَاخُهُ مِنَ الْحَيَاءِ، وَإِذَا وَصَلَ الْعَبْدُ إِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَبْقَ فِي صَلَاحِهِ مَطْمَعٌ.



وَالْحَيَاءُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَيَاةِ، وَالْغَيْثُ يُسَمَّى حَيَا لِأَنَّ بِهِ حَيَاةُ الْأَرْضِ وَالنَّبَاتِ وَالدَّوَابِّ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ بِالْحَيَاءِ حَيَاةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَمَنْ لَا حَيَاءَ فِيهِ فَهُوَ مَيِّتٌ فِي الدُّنْيَا شَقِيٌّ فِي الْآخِرَةِ، وَبَيْنَ الذُّنُوبِ وَبَيْنَ قِلَّةِ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ الْغَيْرَةِ تَلَازُمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَدْعِي الْآخَرَ وَيَطْلُبُهُ حَثِيثًا، وَمَنِ اسْتَحَى مِنَ اللَّهِ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ، اسْتَحَى اللَّهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَحِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ لَمْ يَسْتَحِ اللَّهُ مِنْ عُقُوبَتِهِ. (الداء والدواء - لابن القيم - صـ68:69)



وسائل اكتساب صفة الحياء:

نستطيع أن نوجز وسائل اكتساب صفة الحياء في الأمور التالية:

1) احفظْ سمعك عن أسرار الجيران.

2) صُم أذنك عن الغيبة والنميمة.

3) اصدق في أقوالك في كل الأحوال.

4) التزم الجدية في الحديث مع غير المحارم.

5) لا تنطق بلفظ يخدش الحياء.

6) ابذل ما في وسعك لشكر نعم الله عليك.

7) لا يتحرك قلبك بحسد تجاه أحد من الناس.

8) تحر الحلال في مأكلك ومشربك وفي كل معاملاتك.

9) أكثر مِن ذكر الموت في اليوم والليلة.

10) حسّن معاملاتك مع الناس.

11) استشعر هوان الدنيا عند زيارة المريض.

12) على المرأة المسلمة ترتدي الحجاب بشروطه الشرعية.

13) مقاطعة المنتجات التي بها صور تجرح الحياء.

14) غض البصر عن المحرمات.

15) عدم مزاحمة الرجال للنساء في المواصلات والأسواق.

16) عدم الوقوف في مواجهة الباب عند فتحه.

17) التزام الوقار أثناء السير في الطريق.

18) عدم الأكل في الشارع.

19) خفض الصوت عند الضحك.

20) عدم إظهار الضيق من الضيوف مهما أثقلوا.

21) التزام الجدية عند الرد على التليفون.

22) عدم الإخبار بشيء قبيح رأيته.

23) عدم خلع ملابس الولد أمام أحد ولو كان أخاه.

24) عدم مصافحة البنات للبنين مِن غير محارمهن.

25) عدم الدخول على مَن يأكل إلا بغير قصد.

26) الاستئذان عند الدخول خاصة على الوالدين. (موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق - ياسر عبد الرحمن - جـ2 - صـ301:299)



أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأنْ ينفعَ بِهِ طُلاَّبَ العِلْمِ الكِرَامِ.



وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
الموضوع الأصلي: الحياء تاج الأخلاق || الكاتب: هويد الليل || المصدر: منتديات سهام الروح

كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مناضر, جوالات , حب , عشق , غرام , سياحه , سفر





 توقيع : هويد الليل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع




Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009