الموضوع: قناديل (9)
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-14-2019, 02:30 AM
نسر الشام غير متواجد حالياً
Syria     Male
مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل Whitesmoke
 عضويتي » 1738
 جيت فيذا » Aug 2017
 آخر حضور » 03-28-2020 (11:16 PM)
آبدآعاتي » 48,168
الاعجابات المتلقاة » 481
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في » المانيا
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Syria
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » اعزب
 التقييم » نسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond reputeنسر الشام has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »
بيانات اضافيه [ + ]
82 قناديل (9)



قناديل (9)



مَن كان ذا علوم ومَعارفَ شتَّى، وكان لها مُجيدًا متقنًا، وحافظًا واعيًا، ومبلِّغًا مرشدًا، ستنير قناديلُه دروبَ التائهين والغارقين في عتمة الجهل، وستسطع أقمارُه ونجومه وتزيِّن صحيفتَه، وستُخلَّد ذِكراه ويُحتذى بسيرته.

حتى تنجح في تَحصيل العلم؛ عليك أن تضرب الأرضَ وتشقَّ مناكبها بحافر الجد، وتتحمَّل وَعْثاءَ السَّفر في سبيل التحصيل والطلب، وتُلازم شيوخ العلم وتُحاذي مَناكبهم، فتنتفع مِن مُجالستهم، وتزداد سموًّا ورفعةً في العلم، وتقبض بيدك على جمْر المحن ولا ينالك نصَبٌ ولا ضجر؛ فالغايات العظمى لا تُدرك إلَّا بالكفاح والمجاهدة، وشدِّ حزام المصابرة.

إذا لم يكن لك وجودٌ في الحاضر والمستقبل، ولم تكن لك مُساهمة في التأسيس والبِناء، ورسوخٌ في التغيير والإصلاح، ولم تكن سببًا في ضخِّ الدماء في شِريان الحياة، ولم تشارِكْ في صناعة التاريخ الحافل بالأمجاد - فمماتُك أكرم من إشباع بطونٍ تتغذَّى من رفات الضَّمائر، وترتوي مِن كؤوس الرذيلة والفساد، وتَثمَلُ مِن ظمأ الأخلاق.

الكلمات الجميلة تضمُّها بين الحنايا والضُّلوع، ولها تغاريد صادِحة على عَرْش القلوب، ووشمٌ يزيِّن الرسوم والخطوط، وتسقى مِن حِبر المآقي وكحل العيون، وذات حسنٍ بديـع الخيال قد تجاسرت على وصْلها القلوب، إذا أبصرتها العيون خالتْها قمرًا ساطعًا توسَّط عقد النجوم، وإذا هبَّت ريحها فاح شذاها فملأ الروابيَ والحقول في زمنٍ طويل المدود، كأنها نبـعٌ رقراقٌ مِن رشف الزهور سرى إلى الأرواح مع أول رفة شروقٍ بلا جسور.

حين تَقرأ وتكتب، ستتنفس ذاكرتك هواءَ الحريَّة، وستتعلَّم كيف تمارس طقوس الثقافة فلا تكون تابعًا ولا منقادًا للتقليد؛ فالقراءة والكتابة تُنشئ في كل يوم إنسانًا جديدًا، قد أنجَبتْه الفكرةُ الوقَّادة، وغذاه المعنى الجليلُ، وسقاه الأسلوب من كل عينٍ ما يناسب ذائقتَه اللغوية.

في ذاكرة الأقلام حقيقةٌ لا تنمحي، ترفع أعلامها في الأفق، وحقيقة يُخفيها ستار الصَّمت والشعور بالخوف والخجَل، كلَّما ارتفعتِ السدودُ والحدود، وامتدَّ حصارُ الاضطهاد والخنوع.

يندر أن يكون في هذا الوجود المادي قلَمٌ مِن لحم ودم، ولكن لا يَندر أن يكون في الوجود الإنساني قلمٌ يتمثَّل المعاني والأفكار بحِسٍّ عذْبٍ ووجدانٍ فياض، يكسر طوقَ الأقلام الجافة، ويحطِّم عيدانَ الأخشاب، ويصهر حصونَ الأقلام المرفوعة لنشر الاستعباد، كما لا يندر أن يكون في هذه الطبيعة التي فُطر عليها الإنسان مَن يُصغي لطقطقات الروح حين تحتوي رشفة الحبر والمداد فتمتزج بشريان الحياة.

كُتب على هذا القلم أن يُسقى كأس المذلَّة، ويَثمَلَ من مرِّ المحن، وكُتب على حامله أن يقاسي النَّصَب والعناء والتعَب، ويقلب له مَن عاداه ظهرَ المِجَنِّ، ويغرف السمومَ من أطباق موتى الضَّمير؛ حتى يتَّسع الخرْقُ، ويبلع شوك الصبَّار من ألسنةٍ تَعُبُّ من التجريح والقدح، بقَدْر ما حوى الصَّدر الملتاع مِن فَصيح الكلام وبليغه، وبقدر ما سَرى في مجرى القلم من مسيل المِداد والحبر.

مهما ابتعَدتَ عن مرساك ووطنك، وتشعَّبتْ بك الطرقُ والمنعرجات، ستهفو إلى حيث كنتَ، وستحنُّ إلى نقطة البداية؛ فالقلوب ترحل قبل الخُطى إلى مجالس الانبِساط، ولنسائم الذِّكريات هبوبٌ كهبوب نَسائم الربيع تحرك لواعج الأشواق، ولها أنوارٌ مشرِقاتٌ تُذكِّر بالأيام الخوالي قبل أن تتَّسع رقعة المطامِع، وتقوى جاذبيَّة الإغراء.

لا تكمن الغرابةُ في امتداد مشاعر الحب بين الزوجين في مختلف الفصول العمريَّة؛ إنما في خروج الحبِّ عن المألوف لدى جيلٍ لم يتعوَّد على السموق في المشاعر، والنَّقاء الروحي والصَّفاء، فحين يفقد الحبُّ هويَّتَه، تبرد جذوةُ المشاعر، ويخبو وهج المودة والرحمة، وتضيع معاني السَّكَن في الحياة الزوجية.

ستخبرك فصولُ العمر أنَّ في القلب أوراقًا لا تذبل، وأنَّ ربيع الحبِّ ليس له فصلٌ ولا عمرٌ عند مشارفه يَنْحَد، وله سطوعٌ لا يغيب في حدق الشيخوخة والهَرَم؛ فشمس الحبِّ لها أوطانٌ وإن شاخ في عنقود الزمن أشواق الصبا وخبا بريقها ورحل.

إن عاتبك أخٌ محبٌّ، فحق لِمن يحب أن يعاتبك على الرَّحيل وطولِ الغياب والهَجْر، وإن قصَّرتَ في السؤال عنه فلا تجعل قلبَك يقصِّر في وصل شريان الوداد، وإن انكسرَتْ أقلامك وجفَّ مدادُها، فاجعل قلبك خفَّاقًا يغرِّد بمشاعر الحبِّ في موطن السلام والأمان، فعلى مِهاده الرطيب تصبح وتمسي الكلمات منعمةً بالوصل على الدوام.

الإنسان بطبعه يألَفُ القريب ويستوحش البعيدَ، ويعتاد على سجايا مَن اصطفاهم الله بمكارم الأخلاق، ورفعهم بالفضائل، وزانهم بحُسن الخِلال، ويغفل عمَّن تفضَّل عليهم بالإبداع والابتِكار والعلم الوقاد، فالاعتياد يضعف حاسَّةَ الإعجاب، ويطفئ شعلةَ الانبِهار بصفوة القوم وأخيارهم وصلحائهم، ولا يوقظه مِن الغفلات إلَّا الدَّهشةُ أو الصَّدمة لحظة الرَّحيل والغياب، أو الصَّفعة التي تخلف صَحوةَ الضمير، وانقشاع العمى عن البصَر الحسير، حينها تنشط الحواسُّ وتلبِّي نداءَ الفطرة، وتفكُّ عنها قيودَ الاستعباد والاستلاب.

لا تملك أن تحكم على الشخصيَّات أو تقيم سلوكَهم، وأنت تقِف على مساحة زمنيَّة تحدُّ من إبصارك لعيوبهم، وتحيا واقعًا لا تلتقي فيه الوجوه بالوجوه إلَّا كملاقاة الأغراب؛ فالمواقف هي مَن تجعلك تميز الطيِّبَ من الخَبيث، والسلوك والمعاملات هي مَن تعرفك بالمَعدِن، والإنسان يتقلَّب بين فصولٍ كفصول الطَّبيعة؛ له زرعٌ وحَصاد، وزهرٌ يتفتَّح ويذبل، ونباتٌ يَربو ويخضر ثمَّ يصفر، والثمر الطيِّب لا يُجنى إلا مِن الشجرة الطيبة، التي تنبئ عن أصول الأرض والعِرْق والمَنْبت.

من السهل أن تكون معوجًّا في سلوكك، منحرفًا في طريقتك ومنهاجك، ولكن مِن الصعب أن تكون سويًّا، محافِظًا على فطرتك التي فطَرك اللهُ عليها، ومستقيمًا على طريق الهدى والصَّلاح، لا تحيد عنه ولا تنحرف مهما تبدَّلتِ الأحوالُ، وتغيَّر المكانُ والزمان.

حين تسدي مَعروفًا إلى غَيرك، لا تنظر إلى مَن أسديتَه كي يُثني عليك ويكافئك، وحين يَستعملك اللهُ في عملٍ فيه نَفْع ومزيد أجرٍ وثواب، فاعلم أنَّ الله قد تفضَّل عليك واصطفاك وأراد بك خيرًا عظيمًا.

إن لم تجِد صاحبًا صَدوقًا تتوكَّأ على عصاه في مِحنتك، فاعلم أنَّ الله قد امتحنك كي يطهِّرك، ويعلِّمك ويؤدِّبك؛ كي تعودَ إليه وتطرق بابَه، وتكتفي بحِفظه ورعايته، وتستعين به وتتوكَّل عليه، فتستغني به عمن سِواه ممَّن لا يملك لك ضرًّا ولا نفعًا.

إذا لم تقدِّر قيمةَ ذاك النَّاصِح الأمين، وكسرتَ مرآتك التي تبصِر مِن خلالها عيوبَك وأخطاءك، سيظهر في حياتك أشخاصٌ يتقِنون التمجيدَ والإطراء والتعظيم، مَن يسكتون عن قول الحقِّ في حضورك وغيابك، ويتغاضون عن أخطائك وإن تجاوزت الحدودَ والضوابط، وسكرْتَ مِن كؤوس الشَّهوات والمظالم.

إنَّ للعيون دمعاتٍ تَسكبها على صفحات القلوب، ولفصول العمر غيمات حُبلى بالجروح، لا تلبث أن تجفَّ من هطول المدامع، فينزاح الأسى وتَهدأ عاصِفة الخطوب، وتزهر الأفراحُ وتسقيها قطارةُ الحبِّ أريجَ العطور.

حين تَسقط أوراقُ الخريف، تولد براعم الزَّهرات في فصول الياسمين، فتشرق الفرحةُ في قلوبٍ أنهكها لفحُ الأشواق والحنين، وتخفُّ مصارع الخطوب وطعنات الحروب، فيَنجلي صدأُ الأحزان والكروب عن صَدرٍ مكلوم هدَّتْه مطارق الكسور.

إنَّ تواليَ الشدائد والمِحن، وتتابُع الانكسارات والهزائم: تنجب للحياة بطلًا مِغوارًا يتعلَّم كيف يفكِّر في إيجاد الحلول، ويتصدَّى للخيبات، ويواجه الإخفاق، ويروِّض نفسه على استِقبال الآلام والمواجِع في ساحات الخطوب والحروب.

في كلِّ يومٍ يشتدُّ الطعان في جوائف القلب، ويشتدُّ المرار في الحلق، والوخز يُخرس مقامات الكَسْر والنَّصْب، ويسقط قواعدَ التصريف على حافَةِ ألسنةٍ شكيمتُها الرَّفع لأعلام النَّصر، وحربة المواجع تخرِقُ صدورَ الصفحات، وفصول التاريخ تَشهد، وهذا القلم المَحموم بالحِبر المراق يترنَّح بين طاعنٍ ومَطعون، وينادي: هل مِن مستَقَرٍّ في أوطانٍ لا تثور؟!

الموضوع الأصلي: قناديل (9) || الكاتب: نسر الشام || المصدر: منتديات سهام الروح

كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مناضر, جوالات , حب , عشق , غرام , سياحه , سفر





 توقيع : نسر الشام



رد مع اقتباس