منتديات سهام الروح - جحيم السحر وآثاره المدمرة

جحيم السحر وآثاره المدمرة

من الظواهر المقيتة والأفعال المخزية المقلقة التي راجت وانتشرت في عصرنا هذا انتشار ظاهرة الكيد والسحر واستخدام الكفر والشعوذة والمكر ورواج سوق الدجل والخرافة والزندقة وكثرة الدجالين والمشعوذين وظهور المحتالين الذين يحتالون على الناس باسم معالجة الأمراض الروحانية وتخليص النفوس ومعالجتها من العين والسحر والحسد وذهاب بعض ضعاف الإيمان إلى هؤلاء السحرة الأشرار والمشعوذين الفجار وإغرائهم بالمال والعار ليقوموا لهم بأفعال سحرية قذرة وأعمال كفرية مخزية من أجل الكيد بفلان وتعطيل فلان وتوقيف فلانة أو فلان.

أشياء لا تصدق وحقائق تعد في عالم الغرائب عندما ترى أناساً يتوافدون على هؤلاء السحرة والمشعوذين ويطرقون أبوابهم ويطلبونهم من أجل الشر وإلحاق الأذى بالبشر وتعطيل حياة الأسر والتفريق بين المرء وزوجه وتخريب العلاقات والأواصر بينهم وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : 102].

اذهب يوماً إلى القراء الشرعيين والرقاة المحتسبين الذين يرقون الناس بالقرآن والرقى الشرعية ويعالجونهم بالأدعية والأذكار النبوية لترى عجائب يقف المرء مذعوراً من هولها وحقائق واقعية تصيبك بالدهشة والاستغراب حينما تسمع بحالات غريبة وأشياء عجيبة وحوادث مفزعة وأفعال شيطانية مخزية وأهوال مأساوية مبكية وأناس أبرياء مساكين طعنوا من الخلف ووقعوا ضحايا بلا ذنب بسبب إصابتهم بسموم هؤلاء السحرة الكفرة الفجرة.

أسرة مسكينة كان بعضهم سنداً لبعض وخادماً له يعيشون في بيت واحد كالجسد الواحد يعلم الناس جميعاً بقوة تماسكهم وشدة أخوتهم و محبة بعضهم لبعض فقام شخص خبيث حاقد حاسد بالتفريق بينهم وعمل سحر لهم فصار حالهم اليوم يرثى له حتى أصبح بعضهم لا يطيق رؤية بعض وكلما رأى أخ منهم أخاه أصيب بشيء من الجنون والانفعال والضيق والانفجار الداخلي ولا يتحمل أبداً رؤية أخيه ولو لمجرد دقائق خاصة عندما تشتد عليهم أعراض السحر وكل واحد منهم منزوٍ في مكان في البيت لا يرى الآخر ولا يكلمه ولا يلتقي به ولا يحب أن يلتفت إليه تعطلت حياتهم وتخرب بيتهم وشب الأولاد والبنات وكبروا ولم تستقم حياتهم ولم يتزوج أحد منهم ولم يستطيعوا التلاقي أو الاتفاق فيما بينهم وكلما التقوا فشلوا وكلما اجتمعوا اختلفوا وصارت حياتهم في عناء وجحيماً حتى أن الأب أكرمكم الله يهيم على وجهه في الشارع يعيّر بناته ويشوه سمعتهن ويتكلم عند الناس عليهن وكأنه بلا شعور ويتهمهن بالفاحشة والرذيلة بلا إثبات ولا دليل وإنما هكذا دون إرادة منه ولا حول ولا قوة والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل فيمن فرق بينهم وشتت جمعهم وفرق صفهم ومزق بيتهم بهذا السوء العظيم والسحر الشنيع مزقه الله كل ممزق.

﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : 54].

شاب مسكين أتاه الله من فضله ورزقه من علمه وفتح له أبواباً عظيمة من الدهاء والذكاء كان يطمح أن يكون دكتوراً يعالج الناس ويقوم بخدمة المرضى فوفقه الله لذلك ورزقه بما يريد واستطاع بفضل الله وحده أن ينهي دراسته ويتخرج من جامعته الأمر الغريب الذي حدث هو أنه كلما أراد أن يزاول مهنته أو يذهب إلى مقر وظيفته ومكان عمله يصاب بحزن شديد واكتئاب عظيم وبكاء لا إرادي سريع وضيق ذريع فلا يستطيع الذهاب ولا يقدر على الخروج إلى المستشفى أو العيادة لمعالجة المرضى والإشراف عليهمفقرر أن يترك وظيفته ويلغي عمله ولكن الأغرب من ذلك أنه كلما حاول أن يعالج أحداً ولو في بيته يصاب بانتفاخ هائل في بطنه وألم شديد في معدته وورم كبير في يده فلا يستطيع أبداً أن يعالج أحداً أو النظر فيه وبقي إلى اليوم معطل عن عمله ومتوقف عن ممارسة مهنته والله المستعان.

أما الحالات الأكثر والأخطر فهي حالات سحر التفريق والتعطيل عن الزواج والحمل فهناك شباب كثر وعذارى كثير كلما تقدم أحد منهم للزواج أو فكّر فيه أصابه الضيق والتوتر وانتابه شعور غريب من عدم الرغبة في الزواج والتضايق من مجرد ذكره مع أنه يشتاق للزواج ويريده ولكنه إذا عزم على ذلك أو أراد التطبيق لم يستطع حتى وقفت على حالة بنت تقدم لها أكثر من ثمانين شخصاً كلما تقدم لها أحد أصابها الضيق والهم حتى ترفضه ولا تقبل به أو أنه هو نفسه يَشعر بالقلق والانزعاج والكوابيس المفزعة والأحلام المزعجة حول هذه الفتاة ومباشرة يُلغي الخطوبة ويُفشل الزواج بها بسبب مضايقة الجن له أو لها بسبب سحر التعطيل الذي دُبر لها وتم عمله من أجل تعطيلها عن الزواج وحرمانها من السعادة الزوجية والراحة النفسية وهناء البيت واستقراره والله المستعان.

وهذا النوع من السحر وللأسف له حالات كثيرة جداً ومنتشرة عندنا هنا في حضرموت وخاصة في بعض الأرياف والمديريات النائية تجد شخصاً يتقدم إلى فتاة معينة فيتم رفضه وعدم القبول به لسبب أو لآخر فإذا تم رفضه ولم يقبلوا به أخذته عصبية الجاهلية وحمية الغرور والكبر فيذهب إلى أحد هؤلاء السحرة الأشرار ويعمل لتلك الفتاة سحراً أو صرفاً يعطلها عن الزواج ويحول بينها وبينه وتبقى حياتها كلها عانسة حتى يفوتها قطار الحياة الزوجية ويتقدم لها عشرات الشباب فلا ترضى بأحد ولا توافق على أحد.

وبعضهم يجمع لها بين سحر التعطيل وسحر المحبة فتجد أنه يرغب في الزواج بهذه الفتاة فيجعلها تكره الناس جميعاً إلا هو ولا تحب أحداً غيره ولا ترضى بشخص سواه وتحبه حباً جنونياً يصل ببعضهن إلى أن تخرج معه بلا شعور ولا إرادة وربما تتبعه وتهيم معه وتخرج هاربة من بيت أهلها إليه وكأنها لا ترى في الوجود غيره بسبب تأثير السحر عليها ويظهر ذلك جلياً من خلال تصرفاتها وأعمالها وظهور أعراض سحر المحبة والعشق عليها حتى يصل الحال ببعضهن إلى الشعور بمجامعة الجن واغتصابهم لها وهذا شيء معروف يعرفه من أصيب بهذا النوع من السحر والله المستعان.

لا أريد أن أطيل في ذكر القصص والحوادث فهي كثيرة وغريبة وليس من رأى وشاهد كمن سمع أو استمع ويكفي دليلاً على ذلك ما نراه من ازدحام الناس على أبواب القراء وما يعانيه كثير من الناس وخاصة في جانب النساء من الضيق والاكتئاب والقلق النفسي والأحلام المخيفة بسبب قلة الصلاة والابتعاد عن ذكر الله وقوة الغفلة واستحكامها على النفوس والقلوب وعدم التحصن بالأدعية المأثورة والأذكار الشرعية كأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم ودعاء دخول الحمام والخروج منه ودعاء دخول البيت والخروج منه.

وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف : 36].

أي يسلط عليه شيطاناً أو جنياً يؤذيه ويتسلط عليه ويخيفه ويرهبه لأن قلبه خلا من ذكر الله وابتعد عن منهج الله ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد : 28] ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾.

عباد الله:
إن الذهاب للسحرة والمشعوذين فعل شنيع وعمل مستقبح خطير يناقض الدين ويفسده ويخالف التوحيد ويخدش العقيدة ويكون والعياذ بالله سبباً من الأسباب الموصلة للزندقة والكفر والنفاق.

فمن ذهب إلى ساحر أو مشعوذ فصدقه فقد برئت منه ذمة الإسلام وخرج من ربقة الدين وكفر بما أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح: (من أتى كاهناً أو عرافًا فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد)

ويقول عليه الصلاة والسلام «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة».

إن الواجب على الناس جميعاً أن يقاطعوا هؤلاء السحرة ولا يذهبوا إليهم تحت أي مبرر كان بل عليهم أن يهتكوا أستارهم ويُظهروا فضائحهم ويكشفوا للناس حقيقتهم ودجلهم وزيفهم ويقاطعوهم ويعروهم ويبلغوا عنهم أهل الاحتساب الذين يذيقونهم الأهوال ويجرعونهم العلقم ويأتونهم إلى بيوتهم فيغتالونهم بين شياطينهم ودنسهم ويعطونهم الكواتم التي تكتم أنفاسهم وتخلص الناس من شرورهم وإجرامهم وتلغيهم من الوجود وتمحيهم من الأرض وتدحرهم منها ليذهبوا إلى جهنم وبئس المصير.

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا ﴾ [النساء: 51]
قال عمر رضي الله عنه الجبت السحر.

وفي صحيح البخاري عن بجالة قال: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقتلنا ثلاث سواحر".

وصح "عن حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت".

وعن جندب بن جنادة مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حد الساحر ضربه بالسيف".