منتديات سهام الروح

منتديات سهام الروح (https://www.sham-alro7.com/vb/index.php)
-   › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• (https://www.sham-alro7.com/vb/forumdisplay.php?f=28)
-   -   تحقيق العبودية لله تعالى (https://www.sham-alro7.com/vb/showthread.php?t=96533)

هويد الليل 06-06-2021 09:28 AM

تحقيق العبودية لله تعالى
 
صفات عباد الرحمن (1)
تحقيق العبودية لله تعالى





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.




وبعد:

فهذه سلسلة نتحدث فيها بعون الله تعالى عن صفات عباد الرحمن التي ذكرها الله تعالى في سورة الفرقان في قوله عزوجل: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ﴾ [الفرقان: 63].



أيها الأحبة في الله...


ابتدئت هذه الآيات الكريمات بوصف هؤلاء المؤمنين -جعلنا الله وإياكم منهم- بأنهم عباد الرحمن، والعبودية في اللغة هي الخضوع والتذلل ولذلك يقال طريق معبد يعني مذلل.



وإذا تأملنا في معنى العبودية لله تعالى في القرآن وجدنا أنها تأتي على معنيين:

أما المعنى الأول: فهو العبودية العامة، وتشمل جميع المخلوقات، وهي الخضوع لأمر الله الكوني القدري، فكل مخلوق أيا كان خاضع لله عبد له، فمثلا إذا حل به المرض لا يستطيع رده، وإذا نزل به الموت لا يقدر على رده، بل يخضع ويستسلم، فهذه عبودية لكن لا يمدح عليها المخلوق لأنها ليست باختياره، وهي المعنى المراد في قوله تعالى: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 93].



وأما المعنى الثاني: فهي العبودية الخاصة، الاختيارية، وهي الطاعة والخضوع والانقياد لأوامر الله ونواهيه الشرعية التكليفية، فالإنسان مخير في أن يطيع أو يعصي، يؤمن أو يكفر، فإن أطاع الله وخضع لأمره فهو عبد لله بهذا المعنى، وإن عصى وتمرد فهو عبد لغير الله.



ولأنها تقع باختيار الإنسان فإنه يمدح عليها وينال بذلك ما وعد الله تعالى هؤلاء العباد من الجزاء، ومن هذا النوع قوله تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ﴾ [الفرقان: 63].



هذه العبادة التي خلق الله تعالى الإنس والجن من أجلها، كما قال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].



ومن أجلها خلق الله السماوات والأرض ومن أجلها بعث الله الرسل وأنزل الكتب قال الله سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].



وهو سبحانه غني عن عبادة كل العابدين، ولا تضره معصية العاصين، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46].



قال ابن كثير قوله: ﴿ فَلِنَفْسِهِ ﴾ أي: إنما يعود نفع ذلك على نفسه، وقوله: (فعليها) أي: إنما يرجع وبال ذلك عليه.



وفي بيان معنى العبودية قال شيخ الاسلام رحمه الله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.





أيها الأحبة الكرام ..


من لم يكن عبدًا لله حتما سيكون عبدًا لغير الله، فمن الناس من يعبد هواه، كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].



فالذي يعبد هواه هو الذي يتبع ما يوافق رأيه ومزاجه، فمزاجه وهواه هو الذي يُحَرّم عليه ويُحَللُّ له، وإن زعم أنه مسلم.



ومن الناس من يعبد المال فالمال هو معبوده وإلهه، يوالي ويعادي من أجله ويحلل ويحرم تبعا للمال، وهذا عبد الدينار والدرهم وغيرهما من زينة الدنيا عبد تعيس الذي دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالتعاسة، كما في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميلة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش))؛ رواه البخاري في صحيحه.



والخميصة والخميلة: نوعان من القماش والثياب، فهذا الرجل متعلقٌ قلبه ليس بالدينار والدرهم فقط، وإنما أيضًا بالمفارش والثياب، بالحلل والأثاث، فقلبه متعلقٌ بالدنانير والدراهم وما يلبس وما يفرش كل همه في هذه الأشياء، ليس له همٌ إلا هذه فكان عابدًا له، فسماه عبد الخميصة وعبد الخميلة.



والمؤمن يجب عليه أن ينقاد انقيادًا تامًا لأمر الله تعالى ليحقق العبودية الكاملة فإذا قضى الله الأمر وجبت الطاعة كما قال سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].



وحياتك أيها المؤمن كلها يجب أن تكون لله تعالى كما قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].



والعبادة يا عباد الله لا تتحقق إلا بركنين أساسيين هما الخضوع والتذلل لله تعالى، مع محبته سبحانه كما قال ابن القيم رحمه الله في "نونيته":

وعبادة الرحمن غاية حبه
مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر
ما دار حتى قامت القطبان




وقال ابن القيم رحمه الله: " والعبادة تجمع أصلين: غاية الحب، بغاية الذل والخضوع. [مدارج السالكين (1/ 74)].



ومن العبادات اللازمة لتحقيق الإيمان بالله تعالى محبة الله ومحبة رسوله، وألَّا نقدم حب أحد على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.



قال سبحانه: ﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].



وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ ))؛ رواه البخاري.



فاحذر يا عبد الله أن تقدم هواك أو أن تقدم محبوبًا على حب الله وشرعه.



أيها الأحبة في الله ..


إن أعلى مقامات الشرف والرفعة هو مقام العبودية لله.



قال القاضي عياض السبتي المغربي رحمه الله:

ومما زادني شرفًا وفخرًا
وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولِك يا عبادي
وأن صيَّرت أحمدَ لي نبيا



ولذلك نجد أن الله تعالى وصف نبيا صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أشرف المواطن،



فعند ذكر نزول القرآن يقول الله عز وجل: ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 9]



وفي مقام الإسراء قال سبحانه: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1].



في موطن التحدّي والمعجزة، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23]



العبودية لله هي أول ما نطق به عيسى عليه السلام لما تكلم في المهد: ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ﴾ [مريم: 30].



فاتقوا الله يا عباد الله وحققوا العبودية لله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتحكيم شرعه تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة، جعلنا الله وإياكم من عباده المتقين.



والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

حلا 06-06-2021 09:52 AM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمتي

الامل الذهبي 06-06-2021 04:45 PM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
جزاك الله خير الجزاء
جعله الله في ميزان حسناتك
وَجَعَلَ آلفرْدَوسَ مَقرّك

ناطق العبيدي 06-06-2021 08:40 PM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
تسلم أناملك عالطرح الرائـع
لآحرمنـا الله روعة موأضيعك
شكرا لمجهودك المميـز
دمت قلماا مبدعا بين طيات المنتدى

اميرة القلوب 06-06-2021 10:33 PM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
سلمت أناملك على
هذا الطرح الرائع والجميل
فكل الشكر لسموك
وبإنتظآر جديدك بكل شوق
تحياتي

هويد الليل 06-07-2021 08:01 AM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

محروم 06-09-2021 07:59 PM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
يَعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

قمر هـادي 06-10-2021 08:42 AM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
كل الشكر للطرح المميز
انتقاء ولا اروع
تقديري

هويد الليل 06-10-2021 05:01 PM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
يسلمووو للمرور الكريم
ودي

أمير المحبه 06-11-2021 04:30 PM

رد: تحقيق العبودية لله تعالى
 
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري


الساعة الآن » 12:11 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009