آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]. تأملْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾! وما سببُ محبة اللَّهِ تَعَالَى للْمُتَوَكِّلِينَ؟ إذا علمت أن التوكلَ هو صدق اعتماد القلب على الله تعالى مع الأخذ بالأسبابِ، تبين لك سببُ محبة اللَّهِ تَعَالَى للْمُتَوَكِّلِينَ. فإن المتوكل على الله تعالى يفوض أمره إليك، ويركن بكليته عليه، ويتبرأ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته. ولما كان التوكل على الله تعالى من أجلِّ أعمال القلوب، كان الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام، أكمل الناس توكلًا على الله، وأوثق الناس بما عند الله تعالى. وهذا نبي الله هُودٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يقفُ وَحْدَه أمامَ قَومِهِ لا يَرُوعُه تَهْدِيدُهُم ولا يُخِيفُه وَعِيدُهُم، ويتحداهم أن ينالوه بأذى، أو يصيبه منهم مكروه؛ لَمَّا قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: ﴿ إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُون * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 54 – 56]. وَهَذَا خليلُ اللهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يعلنُ لقومه ثقته بالله تعالى وتوكله عليه، ويتحدى المشركين وأوثانهم أن يناله منهم أذى فيقول: ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ﴾ [الأنعام: 81]. وهذا نَبِي اللهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لا ينقطع رجاؤه في الله طرفة عين، ولا تخبو جذوة توكله على الله تعالى في قلبه لحظة واحدةً؛ ولما زاغت أعين أصحابه، وبلغت قلوبهم الحناجر، وأيقنوا بالهلاك فقالوا: ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾، قال لهم بلسان الواثق بربه: ﴿ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61، 62]. وهذا رسُولُنا محمدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول له أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وهما فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"[1]. ولما رفع أحد المشركين عليه السيف وقال: يا محمدُ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ ما تردد ولا توانى وإنما أجابه إجابة الواثق، وردَّ عليه ردَّ المتوكلِ الصدقِ في توكله فقال: الله. فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي العِضَاهِ، يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ سَمُرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ. قَالَ جَابِرٌ: فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ" ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[2]. أرأيت سببَ محبةِ اللَّهِ تَعَالَى للْمُتَوَكِّلِينَ؟ آثروا الله تعالى على كل ما سواه، ففازوا بمحبته، ووثقوا فيه تعالى أكثر مما في أيديهم، فأذاقهم حلاوة الإيمان، ولم يركنوا لأحد غيره، فلم يكلهم إلى غيره. [1] رواه البخاري- كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ، بَابُ قَوْلِهِ: ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، حديث رقم: 4663، ومسلم - كتاب الْفَضَائِلِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حديث رقم: 2381. [2] رواه البخاري - كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ القَائِلَةِ، حديث رقم: 2910، ومسلم- كتاب الْفَضَائِلِ، بَابُ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَعِصْمَةِ اللهِ تَعَالَى لَهُ مِنَ النَّاسِ، حديث رقم: 843. |
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة دمت بِ سعآدة لا تنتهي |
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
الله يجزاكِ كل خير على مجهودكِ...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتكِ... لكِ خالص احترامي |
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
موضوع راقي
كل الشكر للانتقاء المميز تقديري |
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
يسلمووو للمرور الكريم
ودي |
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ , مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ ! دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ |
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
|
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
|
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك وانارالله دربك بالايمان ماننحرم من جديدك المميز امنياتي لك بدوام التألق والابداع دمـت بحفظ الله ورعايته |
رد: آثَرُوا اللهَ عَلَى مَا سِوَاهُ فَفَازُوا بِمَحَبَتَهُ
جزاك الله خير
كُلّ الثُنايَا وْ التُقديرَ لفَائِق العُنايةَ بالطُرحَ المُفيدَ دُمتّ وْ الضُياءْ |
الساعة الآن » 07:20 PM.
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف