لحظات الشكر
لحظات الشكر
﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]. ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 151، 152]. قال ابن كثير رحمه الله: "يذكر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، يتلو عليهم آيات الله مبينات ويزكيهم؛ أي: يطهِّرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس، وأفعال الجاهلية، ويُخرجهم من الظلمات إلى النور، ويعلمهم الكتاب وهو القرآن، والحكمة وهي السنة، ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفهون بالقول الفرى، فانتقلوا ببركة رسالته، ويُمن سفارته إلى حال الأولياء، وسجايا العلماء، فصاروا أعمقَ الناس علمًا، وأبرَّهم قلوبًا، وأقلهم تكلفًا، وأصدقهم لهجةً... وذم من لم يعرف قدرَ هذه النعمة، فقال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ [إبراهيم: 28]. قال ابن عباس: يعني بنعمة الله محمدًا صلى الله عليه وسلم; ولهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلتها بذكره وشكره، فقال: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]"؛ (تفسير ابن كثير، تفسير سورة البقرة، تفسير قوله تعالى: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ﴾. "قوله تعالى: ﴿ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾: (قال الفراء: يقال: شكرتك وشكرت لك، ونصحتك ونصحت لك، والفصيح الأول، والشكر معرفة الإحسان والتحدث به، وأصله في اللغة الظهور، فشكر العبد لله تعالى ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه، وشكر الحق سبحانه للعبد ثناؤه عليه بطاعته له، إلا أن شكر العبد نُطق باللسان وإقرار بالقلب بإنعام الرب مع الطاعات؛ (الجامع لأحكام القران للقرطبي، سورة البقرة، تفسير قوله تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾). وإذا كان معنى الشكر هو ظهور نعمة الإسلام على المسلم، فإن هذه النعمة لن تظهر فيه إلا استفادت منها روحُ المسلم، ومتى لقَّن المسلم روحَه شريعة الإسلام، فإن هذه الروح ستنتفع، ويظهر أثر هذه المنفعة على سائر أعضاء المسلم الحسية والحركية تلقائيًّا، فيسهل استحضار ذكره تعالى كلَّ حين، عند الاستيقاظ وأثناء العناية بحاله، وكلما طاف ببصره في الآفاق، ورأى أشياءه تفطَّن إلى أنها في الحقيقة نِعَمٌ ذلَّلها ربُّها له؛ لتدله على وجوده تعالى، ونعم سخرها له لتدله على عظمته وإبداعه سبحانه، وأخرى يسَّرها له لتدله على رحمته ولطفه... وحينئذ يعرف المرء حقيقة أن كل ما عمِله الله من خلق وتدبير في السماوات والأرض، إنما هو من محبته سبحانه للإنسان، فقد خلقه ونفخ فيه من روحه، لا إله إلا هو الله؛ ليرى إقبال مخلوقه على معرفة خالقه، لذلك أرشده إلى الاشتغال بالشكر؛ لأن هذا العمل سيوصله حتمًا إلى مقام محبة خالقه، وهذا مقام سامٍ؛ قال الإمام الرازي رحمه الله: "فشغل النفس بمطالعة أنواع فضل الله وإحسانه، يوجب تأكُّد محبة العبد لله تعالى، ومقام المحبة أعلى مقامات الصِّديقين"؛ (التفسير الكبير؛ الإمام فخر الدين الرازي، سورة إبراهيم، قوله تعالى: "﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]. قال ابن القيم رحمه الله: "وأما إنعام الرب تعالى على عبده، فإحسان إليه، وتفضُّل عليه، ومجرد امتنان، لا لحاجة منه إليه، ولا لمعاوضة، ولا لاستعانة به، ولا ليتكثَّر به من قلة، ولا ليتعزَّز به من ذِلة، ولا ليقوى به من ضَعف، سبحانه وبحمده، وأمره له بالشكر أيضًا إنعام آخر عليه، وإحسان منه إليه؛ إذ منفعة الشكر ترجع إلى العبد دنيا وآخرة، لا إلى الله، والعبد هو الذي ينتفع بشكره؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾ [النمل: 40]، فشكر العبد إحسان منه إلى نفسه"؛ (مدارج السالكين، فصل منزلة الشكر). إن الإنسان إذا عرف الإسلام وتديَّن به، فليعلم أن الله تعالى أنعم عليه بذلك، وما عليه إلا أن يلزَم هذه النعمة بروحه وقلبه وجوارحه بشكرها، لتلزمه حتى يطمئن إليها ويهنَأ بها، ولو شاء الحق تعالى لصرَفه عن هذه النعمة، وظل قلبه خاويًا، ورُوحه تائهة وجوارحه فظَّة، فالحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا للإسلام. |
رد: لحظات الشكر
سلمت اناااملك على هالطرح العذب والرائع كروعتك
وسلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك كل الوووود |
رد: لحظات الشكر
دائما متميز في الانتقاء
سلمت على روعه طرحك نترقب المزيد من جديدك الرائع دمت ودام لنا روعه مواضيعك |
رد: لحظات الشكر
جزاك الله خير
وبارك الله فيك وجعلها في موازين حسناتك واثابك الله الجنه ان شاء الله على ماقدمت .. |
رد: لحظات الشكر
سلم الله يمنااك
ع روعه طرحك نترقب المزيد من جديدك الرائع دمت ودامت لنا روعة مواضيعك كلنا شوق لجديدك القادم لروحك اكاليل الورد |
رد: لحظات الشكر
جزاك الله الجنه وجعله الله في موازين حسناتك
|
رد: لحظات الشكر
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز وفي انتظار جديدك الأروع والأميز لك مني أجمل التحيات وكل التوفيق لك يا رب |
رد: لحظات الشكر
يُعَطِيَكَ اَلَعَآفَيَـة عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرائعُ
شُكَرَاًَ لَك مَنَ اَلَقَلَبِ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهُوًّدَ , مَاَأنَحَرِمَ مَنَ عَطَـآءكِ اَلَمَمَيَزَّ ! دُمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهِ وًّرَعَآيَتَهِ |
رد: لحظات الشكر
بارك الله فيك
طرح قيم |
رد: لحظات الشكر
|
الساعة الآن » 03:05 PM.
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
جميع ما يطرح في منتديات سهام الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف